Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القصف الإسرائيلي يحول مدارس جنوب لبنان إلى ملاجئ

تشهد المنطقة الحدودية تبادلاً للهجمات المدفعية والصاروخية بين "حزب الله" وتل أبيب

ملخص

أسفر التصعيد حتى الآن عن مقتل 23 شخصاً، غالبيتهم مقاتلون من "حزب الله".

حين طاول قصف إسرائيلي قريته الحدودية في جنوب لبنان، سارع مصطفى السيد إلى الفرار مع أطفاله بحثاً عن ملجأ آمن، بعدما كانت صور الأطفال القتلى الواردة من قطاع غزة أنهكته.

يقول الأب لـ11 طفلاً، نصفهم دون العاشرة، من داخل مدرسة تحولت إلى مركز إيواء في مدينة صور ويلهو أطفال في أنحاء عدة منها، "تتمزق قلوبنا لما نراه على التلفزيونات من مجازر في غزة، لا سيما الأطفال".

ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية، "لو أنني لم أخَف من أن يتكرر المشهد هنا، لما غادرت منزلي" في قرية بيت ليف الواقعة على بعد نحو ستة كيلومترات فقط من الحدود مع إسرائيل.

تشهد المنطقة الحدودية تبادلاً للقصف، خصوصاً بين "حزب الله" وإسرائيل، بدأ غداة شن حركة "حماس" هجوماً دامياً غير مسبوق في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري على إسرائيل التي ترد بقصف عنيف مستمر على قطاع غزة المحاصر، مما أوقع آلاف القتلى من الجانبين.

قبل القيامة

وفي لبنان، أسفر التصعيد حتى الآن عن مقتل 23 شخصاً، غالبيتهم عناصر من "حزب الله"، إضافة إلى خمسة مقاتلين من فصائل فلسطينية وأربعة مدنيين بينهم مصور في وكالة "رويترز" للأنباء، وقتل ثلاثة أشخاص في الأقل من الجانب الإسرائيلي.

ودفع التصعيد مئات العائلات اللبنانية في القرى الحدودية إلى النزوح، بينهم السيد الذي يروي كيف بدأ القصف قبل أيام على المنطقة، حين كان يطمئن على حصانه قرب المنزل، فما كان منه إلا أن طلب من زوجته تجهيز ما يلزم من حاجات ضرورية ليغادروا بعدها على عجل مع الأطفال إلى مدينة صور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحولت المدينة الساحلية خلال الأيام الماضية إلى ملجأ لنحو 4 آلاف شخص من الفارين جراء التصعيد العسكري على الحدود.

ولجأ نحو نصف هؤلاء إلى ثلاث مدارس رسمية جعلتها بلدية صور مراكز إيواء موقتة، فيما انتقل كثر للإقامة لدى أقاربهم أو معارفهم في المدينة وجوارها.

في الباحة الخارجية للمدرسة، تصل تباعاً سيارات تنقل مساعدات طارئة مثل الفرش والأغطية وأكياس الخبز والمعلبات.

ويتولى عمال ومتطوعون تخزين جزء منها، وتوزيع جزء آخر على النازحين الموزعين على قاعات التدريس التي تضيق بهم وبأغراضهم الموضبة في أكياس أو حقائب على عجل.

ويقول السيد الذي يقبع حالياً في قاعة تدريس مع عائلته الكبيرة، "إذا قامت القيامة كيف لي أن أحمل الأطفال وأغادر بهم؟ وجدت أن من الأفضل المغادرة قبل أن تقع المصيبة".

البيت أو الموت

على رغم أن التصعيد على الحدود لا يزال محدوداً، لكن الغموض المحيط باحتمال توسع الحرب على وقع أي هجوم بري إسرائيلي على غزة يزيد قلق السكان، وبينهم السيد الذي عايش حروباً عدة آخرها الحرب المدمرة بين "حزب الله" وإسرائيل في يوليو (تموز) 2006 التي فقد فيها شقيقه جراء قصف إسرائيلي.

وخشية أي تصعيد يتخطى قواعد الاشتباك السارية بين "حزب الله" وإسرائيل منذ نحو 16 عاماً، تصل تباعاً إلى بلدية صور عائلات نزحت من قرى عدة، أبرزها عيتا الشعب والضهيرة الحدوديتان، بحثاً عن مأوى.

ويقول رئيس بلدية صور حسن دبوق، "بلغنا السعة القصوى في مراكزنا، ونبحث حالياً عن مكان نحوله إلى مركز إيواء رابع".

وبينما يلهو أطفال داخل قاعات التدريس وفي باحات المدارس، وتتبادل نساء أطراف الحديث وهن يجلسن على كراسي التلاميذ، يتحسر عدد كبير من النازحين على ما تركوه خلفهم من حقول زيتون تنتظر قطافها وأراضٍ زراعية وماشية يعتاشون منها في خضم انهيار اقتصادي يعصف بالبلاد منذ أربعة أعوام.

ومن بين هؤلاء موسى سويد (47 سنة) الذي نزح من قريته التي تتعرض لقصف إسرائيلي متكرر، ويقول من داخل مركز إيواء "نحن في الضهيرة نعتمد على الزراعة، ليس لنا إلا االله والزراعة"، معرباً عن حزنه لترك خرافه الخمسة "من دون طعام"، وقيمة كل واحد منها تعادل 500 دولار ومضيفاً "في لحظة قد تفقد بيتك ورزقك وكل شيء".

لكن أكثر ما يقلق سويد هو وضع والده المسن (88 سنة) الذي أصر على البقاء في القرية على رغم القصف، وينقل عنه قوله "أموت هنا ولا أترك بيتي وبقرتي".

من يعيلني؟

الأربعاء الماضي، بقيت المدرسة يولا سويد (43 سنة) غارقة في دمائها لساعتين قبل أن يأتي شقيقها ويخرجها من تحت وابل قصف إسرائيلي طاول منزلها في الضهير،. وتروي كيف أنها كانت تنزل درج المنزل حين أصابته قذيفة تسببت بانهيار جدار عليها وجرحها.

ومن مركز إيواء في صور تقول وهي جالسة أرضاً ورجلاها ملفوفتان بضمادات بيضاء، "لو فقدت رجلي، ماذا كان ليحصل لي؟ من يعيلني؟".

في مدرسة قريبة، يتحسر أحمد، النازح من قرية بيت ليف، على حفل زفافه الذي كان يخطط لإقامته خلال الشهر الجاري قبل أن يعلو صوت القصف على ما عداه.

ويتحسر كذلك على والده الذي دفنه على عجل قبل أيام قليلة في القرية على وقع دوي القصف بعدما خسر الأخير معركته مع مرض السرطان.

يحاول الشاب، المقيم حالياً مع عائلة خطيبته في مركز إيواء، عبثاً أن يتمالك نفسه، فيحبس دموعه خلف ابتسامة حين يتذكر كيف اصطحب والده إلى منزل خطيبته "لنطلبها للزواج قبل أن يتوفى"، ويقول "أبتسم الآن، ولكن خلف ابتسامتي حزن كبير".

المزيد من متابعات