Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أنا خبيرة في مفاوضات تحرير الرهائن وإليكم كواليس إسرائيل

قضيت نحو 30 عاماً في التعامل مع حالات الأسر ولم أشهد يوماً حالات اختطاف معقدة وغير متوقعة كحالة أسر نحو مئتي رجل وامرأة وطفل على يد "حماس"

تناشد ميا شيم المساعدة في إعادتها إلى الديار (رويترز)

ملخص

وضع الرهائن لدى "حماس" خطير لكن علينا أن نحافظ على الأمل.

بعد مرور عشرة أيام على اختطاف 199 شخصاً من إسرائيل، نشرت حركة "حماس" فيديو تظهر فيه ميا شيم، التي تحمل الجنسيتين الفرنسية والإسرائيلية وتبلغ من العمر 21 سنة، وقد اختُطفت من مهرجان نوفا الموسيقي. تبدو ميا في الفيديو وهي تتلقى علاجاً طبياً جراء إصابة في ذراعها من شخص خارج إطار الكاميرا. وتقول شيم في الفيديو إنها تتلقى عناية جيدة وتناشد المساعدة في إعادتها إلى الديار، وكان الخوف بادياً عليها.

قدّم لنا الفيديو اللمحة الأولى عن حالة الأسر التي يعيشها هؤلاء الرهائن. هذا ما يُعرف باسم "دليل على الحياة"- أي إثبات بأن هذا الشخص قد أُخذ رهينة (وهو أمر غير واضح في البداية) وأنه لا يزال حياً (ما يعني وجود أمر يمكن التفاوض عليه). وفيما يستحيل أن نتخيل اليأس الذي شعرت به عائلة ميا لرؤيتها في تلك الحال، إلا أن الفيديو قد يكون مصدر أمل ومواساة نوعاً ما؛ فابنتهم على قيد الحياة. بالنسبة إلى المفاوضين، يؤكد الدليل على الحياة كذلك أنهم على تواصل مع المجموعة الصحيحة، إذ من غير المُستبعد أن يُقحم البعض أنفسهم في العملية أملاً باعتراض الفدية أو تخريب المفاوضات.     

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشكّل هذا الفيديو القصير شكلاً من التواصل. علينا الافتراض بأن كلام ميا أُملي عليها وأنّ "حماس" تستخدمها لتوجيه عدد من الرسائل: الرسالة الأولى إلى مناصريها وقاعدتها الشعبية، مفادها أنها تعتني بالرهائن؛ والثانية إلى الحكومة الإسرائيلية، ومفادها بأنها قوية وتُقاوم، والثالثة إلى العالم الأوسع، سعياً لإضعاف السردية السائدة عن وحشيتها. 

أما اختيارها امرأة، فليس وليد الصدفة. فيما غالبية الرهائن عالمياً هم من الرجال، يزيد وجود رهينة من السيدات الضغط من أجل التفاوض. ومنذ البداية تعالت المطالبات بإطلاق سراح النساء والأطفال، حتى أن البعض عرض أن يأخذ مكانهم.

ومن جهة أخرى، ربما أعطي اعتبار لكونها تحمل الجنسيتين الفرنسية والإسرائيلية، إذ للفرنسيين تاريخ طويل في التفاوض مع الإرهابيين والمجموعات السياسية لضمان إطلاق سراح مواطنيهم. صرّح الرئيس إيمانويل ماكرون أمام الصحافيين هذا الأسبوع بأن المفاوضات تسير بشكل جيد، فيما أفادت التقارير عن نيته زيارة إسرائيل في وقت قريب. وما يزيد هذا الوضع تعقيداً هو أن "حماس" تخلق، من خلال استقطاب دول أخرى في أزمة الرهائن، إمكانية الانقسام بين حلفاء إسرائيل. 

سوف تنكبّ السلطات الآن على التدقيق في الفيديو بكافة تفاصيله، بحثاً عن أدلّة- من أصوات ومشاهد وكلمات ولغة الجسد والأثاث ونوع الإضاءة- تكشف لها مكان تصويره وهوية مصوّريه وإن كانت ميا فوق الأرض أم تحتها. سوف يحلّل خبراؤها التقنيون البيانات الوصفية، أو الميتا داتا، المرافقة للفيديو بحثاً عن معلومات حول تاريخ ومكان تصويره؛ أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن تحليلها الخاص يدلّ على تصوير الفيديو قبل ستة أيام من إذاعته.

تعتبر عمليات أخذ رهائن جماعية أمراً نادر الحدوث لأن تنفيذها صعب جداً؛ ولم يقع سوى عدد قليل من هذه العمليات في العقود الماضية. في عام 1996، احتجز تنظيم يساري مسلّح مئات الرهائن داخل السفارة اليابانية في ليما، البيرو؛ وفي عام 2002، احتجز الانفصاليون الشيشان 850 رهينة في مسرح موسكو؛ فيما استخدم صدام حسين المئات من مواطني الغرب دروعاً بشرية خلال حرب الخليج الأولى في 1990؛ واحتُجزت 52 رهينة أميركية لمدة 444 يوماً داخل سفارة الولايات المتحدة في طهران في عام 1979. غالباً ما تكون النهاية وخيمة بالنسبة إلى محتجزي الرهائن في هذه السيناريوهات. 

لكن ما يجعل عملية أخذ الرهائن الجماعية هذه فريدة من نوعها هو أنها تشمل كذلك عدداً من العناصر النادرة الإضافية. فالرهائن محتجزون داخل منطقة حرب خلافاً لمعظم عمليات الخطف التي تحصل في المنطقة الرمادية بين الاستقرار والفوضى. ويُحتجز أفراد من مختلف الجنسيات معاً، مما يعقّد عملية المفاوضات كما العلاقات الدبلوماسية. إضافة إلى أن العلاقات بين الطرفين الرئيسيين- إسرائيل و"حماس"- بلغت ذروة التوتر مما يصعّب عملية إرساء الثقة الأساسية لبدء المفاوضات والاستمرار فيها.

في معظم عمليات الاختطاف، يمكن للتاريخ أن يساعدك على التنبؤ بالمستقبل؛ عادةً ما يعمل مُحتجزو الرهائن وفق إجراءات موحدة توفر دليلاً إرشادياً لطريقة تطور الأمور في المقبل من الأيام. إنما ليس في هذا الوضع. خلال ثلاثين عاماً تقريباً من العمل مباشرة في قضايا الرهائن أو حولها، بما في ذلك قضايا تمس فرداً من عائلتي، لم أشهد يوماً عملية اختطاف على هذا القدر من التعقيد والمباغتة.

زعمت قطر وتركيا بأنهما تعملان على المفاوضات بينما قال الرئيس الفرنسي كلاماً إيجابياً عن تطور مسار المفاوضات. وصدرت تقارير عن تكليف الدبلوماسيين وعناصر الاستخبارات السابقين بالعمل مع معارفهم في المنطقة.

سوف تتطلب طبيعة هذه القضية التي تشمل مختلف الجنسيات تنسيقاً حذراً بين الحكومات حرصاً على التناغم والاتساق في الرسائل ولمنع "حماس" من تأليب الأطراف على بعضها البعض.  

وليس الرهائن سوى وجه واحد من السيناريو المتعدد الأوجه، الذي يشمل التهديدات الإسرائيلية بالاجتياح البري، والجهود الدبلوماسية المكثّفة لمنع انتشار النزاع والأزمة الإنسانية التي تتفشّى في غزة.

لا شك في أن الوضع بالنسبة إلى الرهائن خطير. ومع ذلك، حتى في ظل هذه الظروف، علينا الحفاظ على الأمل، وهذا من واجبنا. رأيت رهائن يخرجون إلى الحرية في أغرب الظروف. قالوا لعائلة مبعوث الكنيسة الإنغليكانية السابق تيري وايت في بداية فترة احتجازه في بيروت في أواخر ثمانينيات القرن الماضي إنه قد فارق الحياة، لكنه في نهاية المطاف خرج سالماً من طائرة حطت في مطار برايز نورتون في أوكسفوردشير بعد عدة سنوات.

 يُعتبر احتجاز الرهائن من أكثر الأدوات فعالية في الحروب غير المتكافئة، بسبب طبيعته الإنسانية تحديداً. فالحروب التي تدور في الأراضي البعيدة تفضي إلى تحليلات شبه مجرّدة لكن في حالة احتجاز الرهائن، يمكننا أن نرى أنفسنا كأشخاص؛ ماذا لو كانت الرهينة ابني أو زوجتي أو والدي أو شريكي؟  

تُعرف إسرائيل بأنها لا تتخلّى عن أحد. مع احتدام التوتر، آمل في أن يجد أحباء الرهائن بعض العزاء في هذه الحقيقة.

رايتشل بريغز حائزة على رتبة الإمبراطورية البريطانية وخبيرة رائدة في عمليات احتجاز الرهائن. وهي الرئيسة التنفيذية لشركة  The Clarity Factory وزميلة مساعدة في تشاتهام هاوس.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل