ملخص
حذر مسؤولون من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من إمكان تحول الضفة الغربية إلى جبهة أخرى في الحرب الإسرائيلية
حذر مسؤولون من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من إمكان تحول الضفة الغربية إلى جبهة أخرى في الحرب الإسرائيلية، خصوصاً مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات في أعقاب الهجمات التي شنتها حركة "حماس"، وسقوط عدد متزايد من القتلى الفلسطينيين.
وكان 13 فلسطينياً - منهم 5 أطفال - قد قتلوا في هجوم للقوات الإسرائيلية في مخيم "نور شمس" للاجئين قرب بلدة طولكرم، الخميس، ليتطور إلى تبادل طويل لإطلاق النار، واستدعاء القوات الإسرائيلية مروحية "أباتشي" شاركت بإطلاق صواريخها.
وقتل رقيب في شرطة الحدود الإسرائيلية بالرصاص خلال العملية التي نفذتها قوات الأمن للقبض على أربعة من مقاتلي "حماس"، زعم أنهم هاجموا مستوطنين إسرائيليين في وقت سابق من هذه السنة.
وفيما كان الاهتمام الدولي منصباً في الأساس على الموت والدمار الناجمين عن التوغل العنيف لـ"حماس" في إسرائيل والغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، شهدت الضفة الغربية أيضاً مواجهات متكررة وأعمال عنف دموية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت وزارة الصحة في رام الله مقتل أكثر من 80 فلسطينياً وإصابة نحو ألف في هذه المنطقة برصاص الجيش الإسرائيلي ومستوطنين، منذ هجوم "حماس" قبل أسبوعين، كما اعتقل نحو 900 شخص خلال تلك الفترة، مع دخول فرق خطف إسرائيلية إلى المنطقة الخاضعة شكلاً لسيطرة السلطة الفلسطينية.
وهناك دعم واضح لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، تحديداً في أوساط كثير من الشباب العرب، حتى إن علمي الجماعتين الإسلاميتين ولافتاتهما رفعا في جنازة أفراد فقدوا أرواحهم في مخيم "نور شمس". وقال خالد (20 سنة) الذي عرف عن نفسه بأنه عضو في حركة "الجهاد الإسلامي"، إن "الإسرائيليين يشعرون بقلق عميق مما حدث مع (حماس)، وهم يقومون بشن هجمات على الفلسطينيين. وأتوقع أن نشهد مزيداً من تلك الهجمات، خصوصاً عندما يواجهون مصاعب كبيرة في الدخول إلى غزة".
واستناداً إلى ما تقوله السلطة الفلسطينية، فإن بعض الاشتباكات وقعت نتيجة تصرفات مستوطنين إسرائيليين يقيم نحو 700 ألف منهم الآن في الضفة الغربية. وقد أصبح هؤلاء المستوطنون أكثر عدوانية، ويبدو أنهم يتصرفون من دون رادع منذ هجوم "حماس". وهنالك ادعاءات بوجود تواطؤ من جانب قوى الأمن الإسرائيلية.
وأفيد بأن أربعة عرب أصيبوا برصاص مستوطنين في مدينة بيت لحم مساء الخميس، وسقط آخر بالرصاص في جنين.
وقد أقيل قائد إحدى وحدات الجيش الإسرائيلي بعد تحقيق داخلي أجراه الجيش في قضية قيل فيها إن خمسة قرويين ضربوا وأحرقوا بالسجائر، وإن أحدهم تعرض لاعتداء جنسي.
وأكد مسؤول أمني إسرائيلي أن عدد الاعتقالات ارتفع بشكل واضح، وقال "حدث مزيد من حالات الاعتقال الاحتياط، بعضها جاء على خلفية ادعاء مستوطنين أنهم يشعرون بالتهديد. من المهم الإشارة إلى أن هؤلاء المستوطنين هم مواطنون إسرائيليون، وتقع على عاتقنا مسؤولية حمايتهم". وأشار إلى "تزايد المخاوف الأمنية بشكل عام. فحركة (حماس) تمارس أنشطة في المنطقة، ولها خلايا فاعلة فيها ومخابئ أسلحة. ويبدو أن النية هي صرف الانتباه عن غزة من خلال فتح جبهة ثانية".
وتابع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس في السياق نفسه قائلاً "تحاول (حماس) إغراق إسرائيل في حرب على جبهتين، ومن الواضح أن التهديد قد ارتفع".
إلا أن صبري صيدم العضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح" - الحزب الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية - والمستشار البارز لرئيس السلطة محمود عباس، أعرب عن مخاوف من أن حكومة بنيامين نتنياهو قد تحاول تنفيذ سيطرة كاملة على الضفة الغربية. ولفت في هذا الإطار إلى أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو سبق أن اتخذ قراراً يدعو إلى ضم كامل للضفة الغربية إلى إسرائيل.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد تحدث عن دعمه لضم "تدرجي" للمناطق الفلسطينية. وقدم أثناء إلقاء كلمته أمام "الجمعية العمومية للأمم المتحدة" في سبتمبر (أيلول) الماضي، خريطة لإسرائيل تشمل الضفة الغربية وغزة، معتبراً أنهما تشكلان جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل. ويضاف إلى ذلك أن اتفاق الائتلاف الحاكم في إسرائيل بين حزب الليكود و"الحزب الصهيوني الديني" المتطرف يحدد التزامهما "تعزيز سياسة تطبيق السيادة على يهودا والسامرة" - وهما الاسمان التوراتيان لإسرائيل الكبرى التي تضم الضفة الغربية.
وفيما أشار صيدم إلى "لحظات مصيرية نعيشها الآن، تحتم علينا الاستعداد لأوضاع غير عادية"، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن خريطة الشرق الأوسط ستتغير إلى الأبد مع الحرب الجديدة على غزة. وكما هو معلوم فإن نتنياهو ينتمي إلى ائتلاف يميني متشدد يؤيد التوسع الاستيطاني، وقد حاز الآن مباركة شبه مطلقة من الولايات المتحدة ودول الغرب للقيام بما يشاء، وسيحصل على كثير من الأسلحة الأميركية. وجميع هذه العناصر يمكن أن تشكل مجتمعة وضعاً شديد الخطورة".
وكان مئات من سكان الضفة الغربية قد اشتبكوا مساء الأربعاء الماضي مع قوى الأمن الإسرائيلية، بعدما أدت غارات جوية على "مستشفى الأهلي" في مدينة غزة، إلى مقتل مئات عدة من الأشخاص. وتبادل الإسرائيليون والفلسطينيون اتهامات بالمسؤولية عن تفجير المؤسسة الاستشفائية.
وجرى التعبير عن الغضب من الوفيات التي وقعت في غزة بصوت عال خلال مسيرة احتجاج نظمت في رام الله، مباشرة بعد صلاة الجمعة. وصدرت أيضاً إدانة لغياب أي تحرك دولي في شأن عقود من القمع الإسرائيلي.
أحمد عوض، وهو طالب فلسطيني يبلغ من العمر 20 سنة، شارك في تظاهرة مساء الخميس. وادعى أن الجرح المضمد في ذراعه الذي أظهره لنا، ناجم عن هجوم شنه مستوطنون. وقال "لدينا مزرعة قرب نابلس، حيث يوجد كثير من المستوطنين في المنطقة، وهم يضايقوننا ويستفزوننا باستمرار الآن". وأضاف "ذهبت أنا وشقيقي لمساعدة والدي في الاستعداد لموسم قطف الزيتون، فوجدنا بعض المستوطنين في أرضنا".
وتابع رواية ما حصل قائلاً "طلبنا منهم المغادرة، فبدأوا بالصراخ علينا، ثم ذهب أحدهم وأحضر مسدساً وأخذ يطلق النار منه. أصبت في ذراعي، ولحسن حظي أن الأمر لم يكن شديد السوء. نحن نتخبط في هذا الوضع الآن، وقيادتنا لا تفعل شيئاً. لذا ليس من المستغرب أن تحظى (حماس) بالتأييد من جانب عدد كبير من الناس هنا".
عرب البرغوثي (33 سنة) - وهو ابن مروان البرغوثي أحد زعماء حركة "فتح" المسجونين لدى إسرائيل، الذي يعد زعيم الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية ضد إسرائيل - كان من بين المشاركين في الاحتجاجات. وقال إن "الناس أدركوا أن الطريقة الوحيدة للرد على دائرة القمع والعنف هذه، تتمثل في المقاومة والتضامن، فهم يشعرون بأن المجتمع الدولي قد تخلى عنهم تماما. وليس هناك من شك في أن (حماس) قد اكتسبت شعبية هنا".
وأضاف البرغوثي "إن أحداً لا يمكنه التغاضي عن بعض الأمور الفظيعة التي حدثت خلال هجوم (حماس)، لكن الناس يرون أنها تقوم بشيء ما، ولا يعتبرون أن السلطة الفلسطينية تقف بجانب الشعب".
تجدر الإشارة إلى أن والده مروان البرغوثي يتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين. فبحسب استطلاع للرأي أجري في وقت سابق من هذه السنة، فإنه في حال لم يترشح محمود عباس مجدداً للانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة، وجرى إطلاق سراح البرغوثي وتقدم بترشيحه للمنصب عن حركة "فتح"، سيحصل على 41 في المئة من الأصوات. وسيحوز إسماعيل هنية زعيم المكتب السياسي لحركة "حماس" الذي يعيش في قطر على 17 في المئة، أما يحيى السنوار وهو الزعيم الراهن لحركة "حماس" في قطاع غزة، فسيحصل على أربعة في المئة فقط.
ويقول عرب البرغوثي "لم نتمكن من الاتصال بوالدي منذ هجوم (حماس)، ولم يستطع محاموه حتى معرفة مكان وجوده. يقوم الإسرائيليون بإخفائه دائماً كلما وقعت أي مشكلة، ولست متأكداً مما يعتقدون أنه قادر على القيام به من سجنه".
مريم الحلبي ترى أن الإسرائيليين أضاعوا فرصة عدم إطلاق مروان البرغوثي. وترى أنه "كان من الممكن أن يكون خلفاً لأبو مازن (محمود عباس) على رأس حركة (فتح)، ويواجه (حماس) سياسيا، لكن كل شيء تبدل في الوقت الراهن، ولم يعد هذا الاستطلاع يعني أي شيء بعد الآن". ورأت أن "الناس يؤيدون (حماس) ليس لأنهم يوافقون على كل ما تقوم به. فأنا لن أدعمها. إن الحركة تقدم نفسها على أنها ممثلة لأناس ساخطين لن يستمع أحد لمعاناتهم".
إليزابيث خاجو (77 سنة)، جاءت للمشاركة في التظاهرات مع ابنها جان وحفيديها جولي (8 سنوات) وأمير (14 سنة). وكانت هذه السيدة قد فرت مع عائلتها الأرمنية إلى فلسطين، التي كانت حينها تحت الانتداب البريطاني، هرباً من الإبادة الجماعية التي أقدمت عليها تركيا في حق الأرمن في عام 1915، واستقرت فيها.
وتقول "تزوجت بفلسطيني وأنا فلسطينية. سمعت عن مختلف الارتكابات الهمجية التي كان على الشعب الأرمني أن يتحملها، وكيف أثر ذلك في الأجيال اللاحقة، وأرى أن ذلك يتكرر مع الفلسطينيين الآن. يبدو أن العالم لا يتعلم شيئاً ولم يستخلص العبر. إنه فعلاً لأمر محزن".
الشرطة الإسرائيلية كانت قد اعتقلت ابنها جان خاجو خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وأمضى نحو عامين في السجن. وتقول هذه السيدة في إشارة إلى الحشد الذي يسير في التظاهرة من أجل فلسطين "هل سأرى ابني يدخل السجن من جديد لأنه يريد الانضمام إلى المقاومة؟ لا أتمنى ذلك، لكن الحقيقة هي أنه بعد كل هذه الأعوام، لم يتغير شيء، ويتحتم علينا أن نواصل النضال".
© The Independent