ملخص
شراكة تجمع بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة هيونداي الكورية لإنشاء مصنع للسيارات بقيمة تتجاوز 480 مليون دولار
تبلورت الشراكة الاستراتيجية التي تربط الرياض وسيول خلال زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول أخيراً إلى السعودية، والتي نجم عنها توقيع العديد من المشاريع والاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين، شملت جوانب سياسية ودبلوماسية واقتصادية وبيئية.
ولعل أبرز الاتفاقات، التوقيع على مشروع مذكرة تفاهم في شأن إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومبادرة واحة الهيدروجين للتعاون في مجال الهيدروجين الأخضر والنظيف، واتفاقية حول الإعفاء المتبادل من متطلبات تأشيرة الإقامة القصيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والرسمية. وجرى توقيع اتفاقيات أخرى على هامش منتدى الاستثمارات السعودي الكوري الذي انعقد أمس الأحد في الرياض من أهمها بناء مصنع لتصنيع سيارات هونداي بقيمة 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار)، واتفاقية لتخزين النفط بهدف إنشاء احتياطي مشترك من الخام يبلغ 5.3 مليون برميل على مدى 5 سنوات.
وعلى رغم أن العلاقات السعودية والكورية الجنوبية تمتد لستة عقود مضت، إلا أن الاقتصاد يعد أهم وأبرز سماتها، بخاصة أنه تم تأسيس اللجنة المشتركة بين البلدين قبل أكثر من 40 عاماً، بناءً على استشعار قيادتيهما المبكر أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، والتنسيق وتكامل الجهود في مختلف المجالات بما يحقق الأهداف المرجوة، ويخدم المصالح المشتركة، إلا أنها اتخذت خطوات مهمة بدءاً من عام 2015 خلال انعقاد القمة السعودية- الكورية تلاها إطلاق مبادرة الشراكة بينهما "الرؤية السعودية- الكورية"، والمعلن عنها في 2017 والتي تضمنت 40 مشروعاً، وشملت مجالات الطاقة والتصنيع والبنية التحتية الذكية والتحول الرقمي وبناء القدرات والاستثمار وغيرها، والتي توجت يوم أمس بالإعلان عن إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجي بين البلدان.
إنتاج 50 ألف سيارة
وفي السياق ذاته، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة هيونداي موتور (هيونداي) يوم أمس الأحد توقيع اتفاقية مشروع مشترك بهدف إنشاء مصنع عالي الأتمتة لتصنيع السيارات في السعودية، إذ ستبلغ حصة الصندوق في المشروع المشترك 70 في المئة، في حين تمتلك هيونداي 30 في المئة لتكون شريكاً تكنولوجياً استراتيجياً لتطوير المصنع الجديد من خلال توفير الدعم التقني والتجاري له.
ويستهدف المشروع المشترك، والذي تتجاوز قيمة الاستثمار فيه 1.8 مليار ريال (48 مليون دولار)، الذي جرى الإعلان عنه على هامش "ملتقى الأعمال السعودي الكوري" إنتاج 50 ألف سيارة سنوياً، بينها تلك التي تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي وأخرى كهربائية، وتشمل الخطط وضع حجر الأساس للمصنع في العام المقبل 2024، وبدء الإنتاج في عام 2026.
وتمثل الاتفاقية مع هيونداي المبادرة الأحدث ضمن جهود الصندوق، والذي يقود عملية التحول على مستوى المركبات والنقل في البلاد، لتعزيز مكانتها في القطاع عالمياً، وسيكون من شأن الاتفاقية زيادة القدرات المحلية في مجال التصنيع والبنية التحتية، والإسهام في زيادة قوة سلسلة الإمداد في البلاد والعالم، لا سيما أنه أعلن أخيراً عن إطلاق الشركة الوطنية للاستثمار في قطاع السيارات والتنقل "تسارع"، وهي شركة استثمارية متخصصة في تطوير القدرات المحلية لسلاسل إمداد قطاع السيارات والتنقل في البلاد، كما أعلن كل من الصندوق والشركة السعودية للكهرباء إطلاق شركة البنية التحتية للسيارات الكهربائية وتوفير ما يزيد على 5 آلاف شاحن سريع بحلول عام 2030.
وقال نائب المحافظ، رئيس الإدارة العامة لاستثمارات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة يزيد الحميد، إن الشراكة مع هيونداي تمثل خطوة أساسية في جهود الصندوق لتمكين وتسريع نمو قطاع السيارات محلياً، بوصفه واحداً من بين 13 قطاعاً في استراتيجيتنا الاستثمارية، مبيناً أن الاتفاقية تتماشى مع الاستثمارات التي يمتلكها الصندوق في شركتي "لوسيد" و"سير"، وتعزز قوة سلسلة القيمة المحلية في مجال صناعة السيارات والتنقل.
شراكة في مجال الطاقة
وفي الصدد ذاته، نقلت وكالة "يونهاب" الكورية للأنباء، اليوم الإثنين، نقلاً عن شركة النفط الوطنية الكورية الجنوبية التي تديرها الدولة قولها إنها وقعت اتفاقية لتخزين النفط مع شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو لإنشاء احتياطي مشترك من الخام يبلغ 5.3 مليون برميل على مدى 5 سنوات.
وقالت شركة النفط الكورية إنها من خلال تخزين نفط أرامكو في منشآتها ستكون قادرة على تعزيز أمن الطاقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدوره، ذكر مكتب الرئيس الكوري الجنوبي، أمس الأحد، أن النفط يخزن في منشأة بمدينة أولسان الساحلية جنوب شرقي كوريا الجنوبية. وأضاف أن سيول حصلت أيضاً على الحق في شراء النفط المخزن بشكل تفضيلي في حالات الطوارئ، وستحصل على رسوم إيجار عن فترة السنوات الخمس.
وتعد كوريا الجنوبية هي خامس أكبر مشتر للنفط الخام في العالم، والسعودية هي المورد الأول لها.
وبالعودة لمنتدى الاستثمار السعودي- الكوري المنعقد في العاصمة الرياض أمس الأحد، فجرى توقيع 52 مذكرة تفاهم وقعتها الجهات الحكومية والخاصة، إذ وقعت الجهات الحكومية مع القطاع الخاص 4 مذكرات تفاهم في مجالات التطوير العقاري والسيارات والمياه، كما وقع القطاع الخاص 48 مذكرة تفاهم في مجالات النقل والسياحة والطاقة، والطاقة المتجددة والتقنية والبنية التحتية والأمن السيبراني، بهدف تعزيز الاستثمارات بين الرياض وسيول.
يذكر أن السعودية تعد المورد الأكبر للبترول في كوريا الجنوبية، كما جذبت البيئة الاستثمارية الواعدة للبلاد 132 استثماراً كورياً، بإجمالي رأس مال يتجاوز 3 مليارات دولار، وفي المقابل تملك ثلاثاً من أبرز الشركات السعودية، استثمارات في جمهورية كوريا الجنوبية برأس مال يبلغ 6.35 مليار دولار.
وبحسب الإحصاءات الأخيرة والتي أوردتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في عام 2021 نحو 26.506 مليون دولار، وسجل الميزان التجاري فائضاً لمصلحة السعودية بقيمة 19.646 مليون دولار، إذ صدرت الرياض لسيول في العام نفسه ما قيمته 23.076 مليون دولار، مقابل استيراد ما قيمته 3.430 مليون دولار.
وأسهم الصندوق الصناعي في دعم وتمويل المشاريع المشتركة مع كوريا الجنوبية، والتي استفاد منها أكثر من 12 مشروعاً مشتركاً، تزيد قيمة تمويلها على ملياري و826 مليون دولار، كما توجد استثمارات كورية صناعية في مدن الهيئة السعودية للمدن الصناعية تتمثل في 3 مصانع كورية، تعمل في مجالات التصنيع المطاط والبلاستيك وأنابيب الصلب وغيرها.
مشاريع مشتركة سابقة
ولا تتوقف المشاريع المشتركة بين البلدان عما أزيح الستار عنه أخيراً خلال زيارة الرئيس الكوري الجنوبي للرياض، ففي يناير (كانون الثاني) من عام 2022، وعلى هامش "منتدى الاستثمار السعودي الكوري" الذي احتضنته العاصمة السعودية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة وشركتا "بوسكو" و"سامسونغ سي تي"، عن توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية، تهدف لتطوير مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر لأغراض التصدير.
يذكر أن البلدين لديهما خطط متوائمة لمكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري، إذ أعلنت سيول عن خطتها لتحقيق الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر في غضون عام 2050، ويتوافق ذلك مع مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وإعلان الرياض عزمها تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.