ملخص
مراقبون ليبيون ربطوا بين مصير وزير الدفاع السابق المهدي البرغثي بما لاقته النائبة سهام سرقيوة المختفية منذ 2017.
منذ القبض عليه في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في منزله بمنطقة السلماني ببنغازي، من قبل قوة طارق بن زياد التي يقودها صدام حفتر نجل قائد الجيش بالشرق الليبي خليفة حفتر، لم تظهر أي معلومات جديدة تتعلق بمصير وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني السابقة، المهدي البرغثي، وسط تساؤلات عديدة عن مصيره بخاصة إثر التأكد من مقتل نجله الذي كان يرافقه وخروج المدعي العسكري لتأكيد إصابة البرغثي بإصابات بالغة، وهو الأمر الذي نفته زوجته التي أكدت أنه سلم نفسه وهو سليم ولا يشكو من أي إصابة.
وأكد أحد أفراد عائلة البرغثي مقتل إبراهيم البرغثي بعد القبض عليه من قبل قوات حفتر إثر اشتباكات السلماني الأخيرة في بنغازي رفقة والده، وتابع المصدر ذاته في تصريحات صحافية أن قوات حفتر طلبت منهم تسلم جثة ابنهم إبراهيم دون تقديم أي تفاصيل عن أسباب الوفاة.
ولم يخف عدد من المراقبين للشأن الليبي تخوفهم من مقتل البرغثي بخاصة أن السيناريو الذي مر عليه شبيه بسابقيه ممن فقدوا حياتهم بسبب معارضتهم لحفتر (البرغثي انشق عن حفتر وشغل منصب وزير الدفاع في حكومة السراج) على غرار النائبة سهام سرقيوة التي اقتادتها قوات أمنية من داخل منزلها في بنغازي إلى جهة غير معلومة منذ 2017، في حين رجح البعض الآخر سبب القبض على البرغثي لنيته تأسيس قوة عسكرية موازية وهو أمر يستبعده مراقبون مبررين بأنه غير ممكن في الشرق الليبي الذي يخضع لسلطة حفتر فقط.
تصفية جسدية
المحلل السياسي عبدالله الكبير قال، إن عدم خروج البرغثي في تسجيل مرئي، يؤكد مقتله منذ اعتقاله بخاصة بعد تسليم جثمان ابنه، واستبعد ما ذهب إليه المدعي العسكري بخصوص تورط البرغثي في مجزرة براكي الشاطئ التي راح ضحيتها 145 عسكرياً عام 2017، مؤكداً أنه إذا كان فعلاً متورطاً في هذه المجزرة، لماذا لم يقبض عليه النائب العام في الدولة الليبية بخاصة أنه كان موجوداً في العاصمة طرابلس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الكبير لـ"اندبندنت عربية"، "صدام ابن حفتر قائد كتيبة طارق بن زياد هو المسؤول عن الهجوم على بيت البرغثي واعتقاله حسب شهود مقربين من العائلة، فوفقاً لما قاله الشيوخ الوسطاء فإن حفتر استجاب للوساطة ووافق على عودة البرغثي إلى بنغازي"، مشيراً إلى أن الخطأ الذي ارتكبه الأخير بمعايير معسكر حفتر هو عدم دخوله إلى بنغازي والتوجه فوراً للقاء حفتر حيث رفض ذلك وفضل المكوث في منزله وعدم التنازل عن رتبته العسكرية.
وأضاف أن وجوده في بيته بمنطقة السلماني إضافة إلى الشعبية التي يتمتع بها في برقة ورتبته العسكرية الرفيعة (عقيد ووزير دفاع سابق) جميعها عناصر شكلت مصدر تهديد محتملاً لمعسكر حفتر، بالتالي تم الهجوم على حفل استقباله واعتقاله مع ابنه وبعض أفراد أسرته.
قوة موازية
من جهته استبعد المحلل السياسي المقرب من معسكر حفتر أحمد التوهامي ما ذهب إليه الكبير بخصوص مقتل البرغثي، موضحاً أنه رهن التحقيقات. وتابع متسائلاً "إذا كان البرغثي يرفض لقاء حفتر ويرفض التخلي عن رتبته العسكرية لما قدم تحديداً إلى بنغازي التي تخضع لسلطة عسكرية واحدة بقيادة حفتر"، ورجح تعرض البرغثي لضغوط في العاصمة الليبية طرابلس دفعته للعودة إلى مسقط رأسه.
وأردف التوهامي أنه "كان لزاماً التصدي للبرغثي والقبض عليه لأنه لو بقي في بنغازي ولم يلتق حفتراً وابنه صدام، فإن هذا سيؤدي للحديث عن قيادتين وجيشين وبنغازي لا توجد فيها التعددية العسكرية، فهناك جيش واحد وسلطة عسكرية واحدة تتمثل في شخص المشير خليفة حفتر".
وعلاقة بذهاب بعض الآراء لفرضية تخلص حفتر من البرغثي خوفاً من الشعبية التي يتمتع بها الأخير، قال التوهامي إن "الشعبية تظهر عند حدوث الاشتباكات، فلو كان البرغثي يملك شعبية في بنغازي لوجد مقاتلين اصطفوا إلى جنبه عند القبض عليه"، مؤكداً أن شعبية حفتر لا يمكن مقارنتها بالبرغثي.
ضبابية
وأكد عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان علي التكبالي أن "من الصعب معرفة مصير البرغثي حالياً ووضعه في الخانة نفسها لمصير النائبة سهام سرقيوة، باعتباره رجلاً عسكرياً، فالأمور ما زالت تغلب عليها الضبابية".
وأضاف أن "هناك روايتين، واحدة يروجها الإخوان وتتهم حفتر بقتل إبراهيم ابن البرغثي بعد سجنه رفقة والده، وأخرى صادرة عن معسكر حفتر تقول إنهم واجهوا قوة إرهابية بالرصاص وقبض إثرها على البرغثي وقتل ابنه، لكن حسب المعطيات المعروفة عن عناصر حفتر فإنهم يضربون بيد من حديد كل من يحاول تقويض النظام العسكري هناك، فمن المتوقع حدوث أعمال عنف قد تصل حد التصفية الجسدية".
واهتزت العلاقة بين حفتر والبرغثي بصفته قائداً للكتيبة 204 دبابات عام 2015، حيث برز اسمه وكان يحظى بدعم واسع من قبيلة البراغثة (من أهم وأقوى القبائل في الشرق الليبي) بخاصة أنه أسهم في أعمال عدة أدت إلى سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، ونجح في تنفيذ عمليات عسكرية في "عملية الكرامة" ما دفع بحفتر لتجميده عسكرياً خوفاً على شعبيته هناك، الأمر الذي دفع بالبرغثي للقبول بمنصب وزير للدفاع في حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج عام 2016، ثم نفذ بعدها عمليات عسكرية لمواجهة توسع حفتر في الجنوب الليبي.