ملخص
مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة يواجهون مصيراً مجهولاً... إليكم التفاصيل
تغيرت ملامح أطفال غزة كثيراً، وباتت وجوههم شاحبة أشبه بالمدينة التي يعيشون فيها، ونفسيتهم مدمرة تشبه بيوتهم التي نسفها الجيش الإسرائيلي، أما حالهم فأصبحت يرثى لها وتدمع العين، وبطونهم خاوية بالكاد يجدون قطرة ماء أو كسرة خبز.
قتل طفل كل 15 دقيقة
في غزة يخاف الأطفال كثيراً من الموت ويخشون القنابل التي تلقيها الطائرات الحربية، التي قتلت نحو ألفيي طفل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن معدل الأطفال والرضع الذين سقطوا ضحايا في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة غير مسبوق في تاريخ العمليات العسكرية، وذلك يعود لاعتماد جيش تل أبيب على سياسة تدمير المباني والتجمعات السكنية قبل تحذير الأفراد فيها.
ويقول مدير مكتب المرصد الأورومتوسطي في الأراضي الفلسطينية أنس الجرجاوي إنه يقتل 120 طفلاً كل يوم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ويسقط كل 15 دقيقة ضحية من القاصرين.
ويضيف "لاحظنا أن إسرائيل تركز ضرباتها الجوية بشكل مباشر ضد الأعيان المدنية في غزة، وهو ما يخلف دماراً مروعاً ويسبب سقوط ضحايا من الأطفال"، لافتاً إلى أن ذلك يعني عدم التمييز بين الأعيان المدنية والعسكرية وهذا يخالف اتفاق جنيف الرابع.
ويعزو سقوط عدد كبير من الأطفال إلى أن هذه الفئة تشكل نحو نصف عدد السكان البالغ تعدادهم 2.3 مليون نسمة، إذ تضم الأسرة الواحدة في غزة أكثر من خمسة أطفال في بنيتها المجتمعية.
الجوع والصدمة
أما الصغار الذين ما زالوا على قيد الحياة فإنهم حزينين وخائفين وغاضبين ومكتئبين وقلوبهم مجروحة، ويعانون مستويات قياسية من الخوف الصدمات النفسية، وذلك وفقاً لما أوردته وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
وينهش الجوع معدة الأطفال، إذ يتناول الصغار في غزة وجبة طعام واحدة فقط في اليوم، ويقول الطفل براء الذي نزح من شمال القطاع إلى جنوبه إنه يغمس الجبن والزعتر يومياً ولمرة واحدة ولا يجد طعاماً غير ذلك ليتناوله ولا خبزاً يكفي.
تغير براء كثيراً ولم يعد يعير الألعاب أي انتباه ولا تشده كرة القدم، وكل ما يبحث عنه أو يفكر فيه هو البقاء على قيد الحياة من دون أن يتعرض لإصابة تسبب له جروحاً أو كسوراً أو بتراً لأحد أطرافه.
وتقر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أن ذلك صحيحاً، إذ يقول مدير عمليات "أونروا" في غزة توماس وايت "وضع الإمدادات الغذائية فظيع ومحدود جداً والغذاء للأطفال أصبح نادراً، بالكاد يحصل الصغار على وجبة وهذا لا يمد أجسادهم بالقيم الغذائية المطلوبة، لقد وصلت مستويات انعدام الغذاء عن القاصرين إلى 90 في المئة".
أرقام مرعبة
واختلفت مآسي الأطفال في قطاع غزة، لكن أبرز ما يرصده الأطباء النفسيون على ملامح الصغار هو تدمير صحتهم النفسية وتردي حالهم، بسبب الصدمات التي يواجهونها ويشاهدونها يومياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب تقرير لـ"يونيسيف" فإن 91 في المئة من الأطفال أبلغوا عن اضطرابات في النوم أثناء النزاع، في حين بلغ 85 في المئة عن تغيرات في الشهية، وشعر 82 في المئة منهم بغضب شديد، بينما فقد 97 في المئة الأمان، وأصبحت لدى 47 في المئة من الصغار عادة قضم الأظافر بسبب الخوف والتوتر، وأبلغ 76 في المئة عن شعورهم الدائم بالمرض، ويشعر 80 في المئة باضطرابات عاطفية.
وتؤكد "يونيسيف" أن مليون طفل في غزة يواجهون مصيراً مجهولاً، لا سيما المصابين نتيجة الغارات فأولئك يعانون حروقاً مروعة وجروحاً بالقذائف وبتراً للأطراف، وعلى رغم ذلك يحلمون أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة وأن يعيشوا بسلام وأن يتوفر لهم الطعام والشراب من دون معاناة.
الصحة النفسية
ويقول متخصص الصحة النفسية في غزة فضل أبو هين إن "الأطفال يعانون مستويات قياسية من الصدمات النفسية والترهيب، وأن كثيراً منهم بلا مأوى ويفتقرون إلى الغذاء ومياه الشرب المأمونة، وأجبروا على الفرار جنوباً تحت النار، مما زاد من حدة الصدمات التي يتعرضون لها".
ويضيف أبو هين "سجلت أن كل أربعة أطفال من أصل خمسة يعانون الاكتئاب أو الحزن أو الخوف وهو تدهور حاد، هؤلاء الصغار بدأت تظهر عليهم أعراض خطرة من الصدمة مثل التشنجات والتبول اللا إرادي والخوف والسلوك العدواني والعصبية وعدم الرغبة في الابتعاد عن والديهم".
وبحسب أبو هين فإنه لا يوجد في غزة تحليل نفسي اسمه اضطراب ما بعد الصدمة لأن الصدمة في القطاع مستمرة، ولاحظنا ذلك عندما تحدث أطفال عن مخاوفهم في العلن، وهذا يعني في الصحة النفسية أن علاجهم معقد ولن تستطيع جلسات الدعم والصحة العقلية تطبيبهم".
من واقع الطبيب أبو هين الميداني فإنه رصد أن أطفال غزة يخافون من الليل وأثناء النوم يحلمون بكوابيس مرعبة تولدت في عقلهم، نتيجة مشاهدتهم الدمار والقتل وسماع الانفجارات.
وأغرب ما لاحظه أبو هين أن طفلة بعمر عامين تتحدث عن القصف مع كل انفجار، وتدرك أن ذلك خطراً، وتهرع من مكانها مع كل غارة، وتطلب من والدها إغلاق أذنيها في محاولة لتخفيف صوت الانفجارات، ويعقب الطبيب على ذلك "في علم النفس فإن الطفل دون الخامسة لا يدرك بشكل واع ما يدور حوله، لكن في هذه الحالة لاحظنا تطوراً في استيعاب الخوف عن الرضع وهذا مقلق وخطر".