Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مناورة نواز شريف لاستعادة رئاسة وزراء باكستان

الجو السياسي في البلاد ومزاج الناخبين يشكلان تحدياً حقيقياً أمام حزبه وشعبيته

نواز شريف وابنته مريم يحيان حشداً كبيراً من أنصارهم في تجمع بلاهور (أ ف ب)

ملخص

يتزايد حديث المراقبين في باكستان عن صفقة بين نواز شريف والسلطة العسكرية فتحت أمامه الطريق للعودة إلى البلاد والترشح في الانتخابات.

وضع رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق نواز شريف إثر عودته من المنفى الاختياري بعد أربع سنوات، خطة عمله وبرنامج حزبه أمام الجمهور في خطاب منضبط أمام حشد كبير من أنصاره في مدينة لاهور.

على رغم أن المراقبين في باكستان كانوا يتوجسون من خطابه، كانت نبرة شريف تشير بوضوح إلى تغيير في سياسته الجارحة وأنه قد أدرك أنه يحتاج إلى سياسة تفاهمية وخطابات هادئة إلى حين أن يتمكن من الوصول إلى سدة الحكم التي أطيح منها قبل ستة أعوام، إذ تجنب قائد حزب الرابطة الإسلامية تصريحات قد تثير حفيظة المؤسسات القوية في الدولة وابتعد عن طرح تساؤلات حرجة عن سيادة الدستور في الدولة.

"لا أنوي أن انتقم من أي أحد، ما أريده فقط هو أن أخدم وطني"، ربما تلخص كلمات شريف هذه الكثير من خريطة الطريق المقبلة له لتجسد خلاصة تجربته السياسية التي تمتد لأربعة عقود فالسبيل الوحيد لتقدم الدولة هو أن يعمل جميع مؤسسات الدولة سوياً من أجل الوطن.

وبحسب المتخصصين فإن الأجواء السياسية في باكستان خانقة وأن "الدولة" لا تتحمل الخلافات والانقسامات الداخلية. من جانب آخر، يعتقد أن نواز شريف عاد للدولة بعد عقد "صفقة" مع المؤسسة العسكرية لإعادته إلى منصب رئيس الوزراء للمرة الرابعة. ويتهم حزبا "الإنصاف" و"الشعب" بأن الاستقبال الرسمي الذي تلقاه شريف عند عودته دليل على وجود تفاهم بينه وبين المؤسسة العسكرية.

تصحيح المسار أم تغيير الدمى؟

تعود العلاقة الشائكة بين حزب الرابطة والمؤسسة العسكرية إلى عهد نواز شريف السابق، إذ يتردد أن المؤسسة العسكرية أسهمت في إطاحة نواز شريف بالتواطؤ مع قضاة المحاكم العليا ضمن مشروع إبعاد الأحزاب التقليدية عن الحكم وفتح الطريق أمام عمران خان وحزبه للفوز في انتخابات عام 2018 العامة.

كان "شريف" خلف القضبان عندما أجريت الانتخابات الماضية التي فاز فيها زعيم حزب الإنصاف عمران خان. وبعد أشهر قليلة، سمح لنواز شريف بالذهاب إلى المملكة المتحدة لأغراض طبية شريطة أن يعود فور إكمال علاجه، إلا أنه لم يعد إلا بعد أن انتهت حكومة عمران خان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول المراقبون للشأن الباكستاني إن حزب الرابطة قرر عودة نواز شريف قبل ستة أشهر، وأن موعد عودته تم اختياره بعد أخذ جميع العوامل في الاعتبار بما فيها التفاهم مع المؤسسة العسكرية وتعيين القضاة الجدد في المحكمة العليا.

ما يريده نواز شريف هو ما سماه حزب الرابطة بتصحيح المسار ويعني ذلك أن الدولة تصحح خطأ إطاحة نواز شريف وزجه في السجن من خلال تقليب الموازين لمصلحته وإبعاد منافسه الأكبر عمران خان من ساحة الانتخابات وتسهيل وصول شريف إلى الحكم كما حدث مع عمران نفسه في 2018.

الأشهر المقبلة ستبين ما إذا كان حزب الرابطة حصل على جميع هذه التسهيلات أم لا، لكن الواقع ينبئ بأن الطريق سيفسح أمام حزب نواز شريف فيما ستزداد المشكلات لمنافسه عمران خان، ولا يعتقد أن هذا سيتغير قبل الانتخابات.

التحديات والعوائق

وصول حزب الرابطة الإسلامية إلى الحكم ليس بالسهولة التي تصورها الأحزاب الأخرى من خلال ربط عودة نواز شريف بوجود صفقة مع المؤسسة العسكرية وتحتم عودة الأخير إلى رئاسة الوزراء. ولعل التحدي الأكبر الذي سيواجهه نواز شريف هو القضاء على الخلافات الداخلية في حزبه وجلب الناخبين إليه مرة أخرى.

نواز شريف هو السياسي الأكثر شعبية في بنجاب، أكبر أقاليم باكستان، منذ عام 1988 وتمكن حزبه من الفوز في الانتخابات حتى في الأوقات العصيبة. الانتخابات الماضية خير دليل على ذلك، إذ برز حزب الرابطة فيها كأكبر حزب في الإقليم على رغم غياب نواز شريف من المشهد حينذاك، إضافة إلى ذلك، يمتلك "شريف" القول الأخير داخل حزبه ويلتف حوله جميع القادة باختلاف توجهاتهم كما أنه يتمتع بفريق ذي تجربة إدارية وسياسية.

لكن ينبغي أن يدرك حزب الرابطة الإسلامية أن الحقائق الميدانية تغيرت بشكل كبير وأن الحزب قد خسر بعض المدن الكبرى في إقليم بنجاب أمام حزب الإنصاف. فئة الشباب التي تشكل 65 في المئة من الناخبين ستلعب دوراً محورياً في الانتخابات المقبلة، لذا تنبغي مراعاة توجهاتهم ومتطلباتهم كما أن قيادة الحزب يجب أن تنتقل إلى الجيل الجديد في جميع المستويات.

الجو السياسي في باكستان ومزاج الناخبين يشكل تحدياً حقيقياً أمام حزب الرابطة الإسلامية، فعلى رغم أن إقليم بنجاب انحاز دوماً لنواز شريف فإن الانتخابات المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لشعبيته ضمن الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً.

الأمر الآخر الذي يجب على جميع الأحزاب السياسية أن تدركه هو أن تزوير الانتخابات لم يعد أمراً يسيراً كما كان في السابق أو كما حدث في عام 2018 عندما تعطل برنامج تسلم النتائج الموحد لساعات طويلة، كما أن القوى الفعالة في الدولة يمكن أن تحدث تغييراً طفيفاً في النتائج من خلال استخدام القوة لكن لا يمكنها أن تقلب الموازين وتحدث تغييراً جذرياً في عدد الأصوات، لأنه لو حدث ذلك فإن الشعب الباكستاني والمجتمع الدولي لن يقبل بتلك الانتخابات.

أخيراً، على رغم كل التحليلات والتوقعات، تبقى حقيقة السياسة الباكستانية أنه لا يمكن التنبؤ بها، فأصحاب القرار لا يستبعد عنهم أن يعكسوا نهجهم في ليلة وضحاها ويقلبوا موازين القوى لمصلحة من يشاؤون متى ما يشاؤون.

نقلاً عن اندبندنت اوردو

المزيد من متابعات