تصدَّر الملفُ الإيرانيُّ نقاشات قادة مجموعة السبع الكبار، اليوم في بياريتس بفرنسا، فبعد ساعات من تسريبات بشأن اتفاق القادة المجتمعين على "تكليف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالنقاش مع إيران، وتوجيه رسالة إليها لتجنّب التصعيد بالمنطقة"، نفى الرئيس الفرنسي ونظيره الأميركي دونالد ترمب الأمر.
لا اتفاق حول إيران
وقال ترمب، اليوم الأحد، للصحافيين، "لا. لم أناقش ذلك".
ويتناقض تصريح الرئيس الأميركي مع ما أعلنه ماكرون، في وقت سابق، من أن "دول مجموعة السبع اتفقت على ما ستقوله لإيران".
وأضاف "سنقوم بمبادرتنا الخاصة، لكن لا يمكن منع الناس من التكلُّم. إذا أرادوا التكلُّم يمكنهم".
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إنه "لم يحصل على تفويضٍ رسمي من زعماء دول مجموعة السبع لتوجيه رسائل إلى إيران، لكنه سيواصل إجراء مباحثات مع طهران على مدى الأسابيع المقبلة لتهدئة التوتر".
وأضاف ماكرون، "دار بيننا نقاشٌ، أمس، بشأن إيران، وهذا مكّنا من رسم خطين مشتركين: لا توجد دولة عضو في مجموعة السبع ترغب في امتلاك إيران قنبلة نووية، وكل أعضاء مجموعة السبع مهتمون بشدة بالاستقرار والسلام بالمنطقة"، مضيفاً أنه ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي كان "لهما مبادرات بخصوص إيران".
وتابع "لكن لم يصدر تفويضٌ رسميٌّ من مجموعة السبع، وبالتالي توجد مبادرات سيستمر إطلاقها للوصول إلى هذين الهدفين".
وكان ماكرون أوضح خلال حديثه إلى محطة (إل. سي. إي) التلفزيونية، أن زعماء دول مجموعة السبع الصناعيَّة الكبرى اتفقوا على "العمل المشترك بشأن إيران بهدف تهدئة التوتر وبدء مفاوضات جديدة مع طهران".
وقال "اتفقنا على ما نريد قوله بشكل مشترك بشأن إيران. توجد رسالة من مجموعة السبع بشأن أهدافنا، واشتراكنا فيها أمرٌ مهمٌ، ويجنبنا انقسامات ستضعف الجميع في نهاية المطاف".
وأضاف ماكرون "الجميعُ يرغب في تجنُّب صراع، وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب واضحاً تماماً في هذه النقطة".
دور فرنسي في الملف الإيراني
وجاء نفي الرئيسين الأميركي والفرنسي بشأن الاتفاق على رسالة تُوجَّه إلى إيران، بعدما نقلت الوكالة الفرنسيَّة عن مصادر بالرئاسة الفرنسيَّة أن "زعماء دول المجموعة اتفقوا على ضرورة أن يجري ماكرون مباحثات، ويوجه رسائل إلى إيران".
وأوضحت المصادر، أن رؤساء الدول والحكومات في مجموعة السبع أكدوا مجدداً في أثناء مأدبة عشاء، مساء السبت، اُفتتحت خلالها أعمال القمة في بياريتس جنوب غربي فرنسا، أن هدفهم هو "تفادي حيازة إيران السلاح النووي".
وتتولى فرنسا الجهود الأوروبية لمحاولة إنقاذ الاتفاق بشأن النووي الإيراني، الذي أُضعف جراء انسحاب الولايات المتحدة منه.
وأشار مصدر إلى أن "قادة مجموعة السبع توافقوا حول نقطتين: لا نرغب في حيازة إيران السلاح النووي، ولا أحد يرغب لا في زعزعة استقرار المنطقة ولا في التصعيد، بهدف تجنّب نزاع عسكري".
وتابع "لتحديد المسار الأكثر فعالية بهدف إجراء حوار، توافق القادة على تكليف الرئيس الفرنسي من دون الكشف عن عناصر المفاوضات التي اتفقوا عليها".
وقدَّم ماكرون، الذي يؤدي دور الوسيط منذ أشهر، ويلتقي بشكل منتظم نظيره الإيراني حسن روحاني، إلى ترمب تسوية للخروج من المأزق، وعرض عليه خيار السماح لطهران "بتصدير جزء من نفطها فترة محددة"، مقابل التزامها مجدداً "بعدم تخصيب اليورانيوم لحيازة السلاح النووي"، وفق الوكالة الفرنسيَّة.
وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو (أيار) 2018 وإعادة فرض عقوبات مشددة على طهران، يطالب ترمب إيران بضمانات جديدة بشأن أنشطتها الدبلوماسيَّة والعسكريَّة.
وفي عام 2015 تُوصّل إلى اتفاق تاريخي بين إيران والقوى الغربية الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني، لكن الاتفاق انهار بعد سحب ترمب الولايات المتحدة منه العام الماضي، وفرضه عقوبات مشددة على إيران أنهكت اقتصادها.
قضايا أخرى
وإلى جانب الملف الإيراني يحاول قادة دول مجموعة السبع التوافق، اليوم، على تدابير طارئة لمكافحة حرائق غابة الأمازون، وأيضاً إنعاش الاقتصاد العالمي الذي يشهد تباطؤاً جراء الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وهو أمرٌ يبدو من الصعب تحقيقه.
ففيما يتعلق بحرائق غابة الأمازون، قال الرئيس الفرنسي، اليوم، إن "مجموعة السبع اتفقت على مساعدة الدول المتضررة من الحرائق بأسرع ما يمكن".
ومثَّلت قضية حرائق الغابات بالبرازيل، توافقاً سهلاً بالنسبة إلى القادة المجتمعين في فرنسا، ويُفترض أن يقدموا مساعدتهم ليس للبرازيل فحسب، بل لتشيلي التي دُعِي رئيسها سيباستيان بينييرا إلى بياريتس.
وعلى صعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، حمّل الأوروبيون واليابانيون جزءاً من مسؤولية تراجع النمو إلى الحرب التجاريَّة التي تخوضها واشنطن وبكين اللتان أججتاها، الجمعة، بفرض رسوم جمركية جديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذّر ماكرون من أن "التوتر التجاري سيئ للجميع"، ملخّصاً بذلك "القلق العام السائد".
وسعى إلى إقناع ترمب بعدم فرض رسوم على النبيذ الفرنسي، رداً على قرار باريس فرض ضرائب على المجموعات الأميركية العملاقة في قطاع التكنولوجيا أو "غافا" (غوغل، أمازون، وفيسبوك، وآبل).
وحاول ماكرون إزالة التوترات مع نظيره الأميركي خلال غداء طويل استمرّ ساعتين، السبت، على شرفة فندق "أوتيل دو باليه" المطلّ على شاطئ بياريتس الكبير.
وأكد قصر الإليزيه أن النقاش "خلق الظروف اللازمة لإيجاد مستوى جيّد من التقارب داخل مجموعة (السبع) عبر الحصول على توضيحات من دونالد ترمب" بشأن الموضوعات الرئيسية.
وأوضح أن ذلك يشمل النقاط التوافقيَّة والخلافيَّة مع أولوية أن تكون هذه القمة، التي يندد بها قسم من الرأي العام، "مفيدة".
وكتب ترمب في تغريدة "كثيرٌ من الأمور الجيدة تحصل لبلدينا. نهاية أسبوع مهمّة مع قادة آخرين من العالم".
ومن بين الموضوعات الأخرى المطروحة للنقاش: مكافحة اللا مساواة والشراكة مع أفريقيا مع مشاركة، حسب الجلسات، قادة آخرين مثل قادة الهند وأستراليا وستّ دول أفريقية. وسيتحدّث ماكرون وميركل ورئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوريه أمام الصحافة بشأن أزمة منطقة الساحل.