منحت السلطات الباكستانية نحو 1.7 مليون مهاجر أفغاني مهلة حتى الأربعاء لمغادرة البلاد، كونهم يعيشون في وضع غير قانوني، بحسبها.
ويفسر محللون هذا القرار بتصاعد الهجمات عبر الحدود والأزمة الاقتصادية والتوتر مع الحكومة الأفغانية، إذ تعد باكستان من بين البلدان التي تضم أكبر عدد من اللاجئين في العالم وغالبيتهم العظمى أفغان توافدوا إليها هرباً من الحروب التي اجتاحت بلادهم خلال العقود الأربعة الأخيرة.
ويعيش معظمهم في إقليم خيبر باختنحوا على الحدود مع أفغانستان التي يتشاركون مع غالبية سكانها الانتماء إلى إثنية البشتون.
تدهور الوضع الأمني
وبحسب آخر الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة فإن باكستان تضم نحو 1.3 مليون أفغاني مسجلين رسمياً كلاجئين، فيما تقدر سلطات إسلام أباد أن 1.7 مليون أفغاني يعيشون على أراضيها بصورة غير قانونية.
ووصل ما لا يقل عن 600 ألف أفغاني إلى باكستان منذ عودة حركة "طالبان" للحكم في أغسطس (آب) 2021، وفق الأمم المتحدة، ويسعى ثلثهم إلى الحصول على لجوء في بلدان أخرى.
وباكستان غير موقعة للمعاهدات الدولية حول حماية اللاجئين ولا توفر أية تشريعات محلية تضمن حقوقهم، وقد بررت حكومة إسلام أباد هذا القرار بتدهور الوضع الأمني شمال غربي البلاد على الحدود مع أفغانستان، حيث تزايدت الهجمات خلال الأشهر الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير الداخلية سارفراز بوغتي إن كثيراً من الهجمات الانتحارية نفذها مواطنون أفغان، وأعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري المهلة الممنوحة لهم قصد المغادرة طوعاً.
وكانت أجهزة الجيش والاستخبارات الباكستانية على مدى أعوام محل شبهات بدعم تمرد "طالبان" على الحكومة الأفغانية الموالية للغرب، لكن العلاقات بين الطرفين توترت بشدة بعد عودة الحركة للحكم.
وتتهم إسلام أباد "طالبان" أفغانستان بالسماح لنظيرتها الباكستانية بالتحضير لهجمات تستهدفها انطلاقاً من الأراضي الأفغانية، وهو ما تنفيه كابول.
الضغط على "طالبان"
وقال المحلل السياسي محمد أمير رانا لوكالة الصحافة الفرنسية إن "ما كانت تنتظره الحكومة الباكستانية من نظام ’طالبان‘ على الصعيد الأمني لم يلب فقررت استعمال هذا الأمر وسيلة ضغط ضده".
وشددت باكستان أيضاً المراقبة على الحدود لوقف التهريب بين البلدين معتبرة أنه يفاقم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، في حين يعتبر مدافعون عن حقوق الإنسان أن المهاجرين الأفغان بمثابة كبش فداء للأزمة بين حكومتي البلدين.
ولدى المهاجرين الأفغان مهلة حتى غد الأربعاء ليعودوا طوعا، ولن "تقدم أية تنازلات" بعده، كما حذر بوغتي.
لكن كثراً من المهاجرين في كراتشي خصوصاً يتهمون الشرطة بأنها شرعت في تنفيذ ملاحقات ضدهم وإغلاق محال تجارية حتى قبل انقضاء المهلة، وسيوضع الأشخاص الذين لا يحملون وثائق إقامة في مراكز احتجاز لأيام قبل ترحيلهم.
عبء على الاقتصاد
من جهة ثانية فضلت آلاف الأسر الأفغانية المغادرة من دون انتظار المهلة، وقد ازدحمت الحدود مع توافدهم منذ أيام.
وكثيراً ما اعتبر المهاجرون الأفغان محل شكوك وشبهات بتشجيع التطرف والجريمة وتشكيل عبء على الاقتصاد الباكستاني، ويرى مراقبون أن الشعب الباكستاني يؤيد عموماً هذه المبادرة في ظل معاناته من تضخم مرتفع خلال العامين الأخيرين.
ووصفت افتتاحية لصحيفة "ذي إكسبريس تريبيون" المحلية هذا الإجراء بأنه "مدروس"، ودعت الحكومة إلى تنفيذه وتفادي أن يكون "وعداً جديداً غير محقق"، كما أن في باكستان أيضاً دعوات إلى تبني مقاربة أكثر حدة وترك مزيد من الوقت للأفغان من أجل المغادرة.
وكان المهاجرون الأفغان في الغالب يعيشون في مخيمات مع إمكانات محدودة للدراسة والاستفادة من الرعاية الصحية أو الحصول على عمل، لكن بعضهم يعيشون في باكستان منذ عقود أو ولدوا فيها ويعتبرونها بلدهم جاهلين كل شيء عن أفغانستان.
وسبق أن عزمت الحكومة الباكستانية على ترحيلهم إجبارياً لكن النزاعات في أفغانستان كانت تحول دون ذلك، إضافة إلى أن تحسن الوضع الأمني في أفغانستان منذ أغسطس (آب) 2021 بات يتيح لها تطبيق هذا الإجراء الذي تصفه كابول "بالمريع والهمجي".
من جهتها حذرت منظمات حقوق الإنسان من أخطار عودة الأفغان لبلادهم، إذ يخشى بعضهم من التعرض لأعمال انتقامية من طرف "طالبان".
وكانت الأمم المتحدة نبهت إلى أنهم يواجهون "خطراً بالغاً بأن يكونوا ضحايا انتهاكات لحقوق الإنسان".
وتواجه النساء خصوصاً خطر العيش تحت القيود التي تفرضها عليهن "طالبان"، مثل منع الفتيات من التعليم بعد المرحلة الابتدائية، وكذلك يمكن أن يعاني الاقتصاد الأفغاني الهش أصلاً وطأة العودة المكثفة للمهاجرين وتشديد إجراءات التجارة الحدودية.