ملخص
يقول مراقبون إن التحشيد العراقي مثير للريبة لأنه كان بإمكان مناصري هذه الميليشيات التوجه نحو الحدود الفلسطينية من طريق سوريا ولبنان المحسوبتين سياسياً وأمنياً وعسكرياً على المحور نفسه
يبدي الأردن قلقه من تحرك عناصر عراقية باتجاه حدوده وتوجيه ما أطلق عليه "مسيرات مليونية" بهدف الوصول إلى الحدود الأردنية - الفلسطينية بذريعة دعم غزة والمشاركة في القتال الدائر هناك.
ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتحت دعوات مناصرة غزة يحتشد آلاف العناصر من تنظيمات عراقية قرب الحدود مع الأردن، وتحديداً عند معبر طريبيل، ويقيمون خيماً ويتظاهرون بتوجيه من مرجعيات دينية وسياسية عراقية، مما دفع مراقبين للتحذير من خطورة الوضع على الداخل الأردني وما قد يشكله من عنصر ضغط مستقبلاً.
مراقبة وحذر
وفق مصادر أردنية رسمية، تجنبت الحكومة التعليق على هذه القضية، لكن السلطات لم تكتفِ بمراقبة المشهد من بعد، بل أجرت اتصالات دبلوماسية مع الجانب العراقي، للاستفسار عن حقيقة وحجم هذه التحركات، ورد الجانب العراقي بأن المسألة لا تعدوا كونها محاولة للاستقطاب الشعبي وتتعلق بتنافس في الخطاب بين الميليشيات، ولا تمثل وجهة النظر الرسمية العراقية.
لكن في المقابل يقول مراقبون من بينهم المحلل السياسي ماهر أبو طير إن "التحشيد العراقي الميليشياوي مثير للريبة، لأنه كان بإمكان مناصري هذه الميليشيات التوجه نحو الحدود الفلسطينية من طريق سوريا ولبنان المحسوبتان سياسياً وأمنياً وعسكرياً على المحور نفسه، فضلاً عن وجود كبير ومؤثر لها في هاتين الساحتين على الأرض".
يخشى الأردن وفق أبو طير من استغلال هذه الميليشيات أحداث غزة والتغلغل في الأراضي الأردنية لأهداف عديدة من بينها إثارة القلاقل والفتن، مستغلين الضغوط الداخلية التي تتعرض لها الحكومة الأردنية من الشارع، ومطالبتها باتخاذ قرارات سياسية أكثر صرامة تجاه إسرائيل كإلغاء معاهدة وادي عربة، وهو المطلب الذي أصبح أكثر إلحاحاً في هتافات المتظاهرين الأردنيين قبالة السفارة الإسرائيلية لدى عمان.
الصدر وأنصاره
تتقاطع هذه المخاوف مع طلب زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر، من أربع دول على رأسها الأردن السماح لأنصاره بالوصول إلى حدود فلسطين.
وفي بيان نشره عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وجه الصدر رسالة إلى حكومات الأردن ومصر ولبنان وسوريا، طالباً السماح لمناصريه الصدريين بالوصول السلمي لحدود فلسطين مع بعض التبرعات العينية من ماء ودواء وطعام ووقود لإدخالها بالتنسيق مع هذه الحكومات إلى غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب الصدر عن أمله في أن تمكن هذه الدول الصدريين من الاعتصام المليوني السلمي الإنساني عند الحدود الفلسطينية متعهداً التزام النظام والقانون والسلمية.
لكن لاحقاً تحققت بعض المخاوف الأردنية، بعد أن منعت حشود من ميليشيات وفصائل عراقية بالقوة، صهاريج محملة بالنفط من العبور إلى الأردن عبر منفذ طريبيل الحدودي، رداً على رفض السلطات الأردنية السماح لهم بالدخول إلى الأراضي الأردنية.
تحد أمني جديد
الأردن القلق بطبيعة الحال من وجود ميليشيات مقربة من إيران على حدوده مع العراق وسوريا، يجد نفسه أمام تحدٍ أمني جديد، بخاصة مع تقارير صحافية تتحدث عن إطلاق صواريخ من قبل الحوثيين في اليمن باتجاه إيلات الإسرائيلية وسقوطها على مقربة من مدينة العقبة الأردنية الملاصقة.
وحتى اليوم لا يزال آلاف من العراقيين يحتشدون عند المنفذ الحدودي الفاصل بين العراق والأردن "طريبيل"، بعضهم من أنصار الحشد الشعبي، مطالبين بالوصول إلى غزة، في محاولة منهم للدخول للأراضي الأردنية تلبية لدعوة مقتدى الصدر، لكن في المقابل لا يبدي الأردن أي تجاوب تجاه هذه المطالب.
يشكل هؤلاء في حال تسربهم إلى الأرض الأردنية مشكلة أمنية كبيرة للسلطات، وهنا يؤكد وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة، أن ثمة أطرافاً إقليمية تحاول أن تشكل حالة ضاغطة على الدولة الأردنية، مشيراً إلى أن العراقيين الذين يتوجهون للحدود ينفذون سياسة للضغط على الأردن واستنزافه، بخاصة في مثل هذه الظروف، فضلاً عن حرب الإشاعات التي استهدفت الأردن في الآونة الأخيرة ومواقفه تجاه ما يحدث في غزة.
يتحدث المعايطة عن جهات لم يسمها، جزء منها داخلي، وأخرى خارجية، تحاول أن تستغل ما يحدث للي ذراع الدولة، ومحاولة الدخول إليها من الخاصرة الرخوة في الحدود الأردنية المشتركة، ويعتقد أن إيران فشلت في اختراق الأردن أمنياً، ولذلك تبحث عن أية وسيلة للضغط عليه.
ويضيف المعايطة أن "ما بين حشود ميليشيات إيران على حدودنا مع العراق إلى الافتراء على الجيش والدولة في موضوع الطائرات إلى الاستقواء على الدولة وتحويل تضامننا مع غزة إلى عبء أمنى وسياسي، ملف واحد صانعوه أطراف يجمعهم استهداف الأردن".