ملخص
مصادر سياسية أكدت لـ"اندبندنت عربية" أن رئيس مجلس النواب اللبناني نصح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نيابة عن "حزب الله" القيام بجولة دبلوماسية لإقناع إسرائيل بعدم التصعيد ولتبق الأمور ضمن "قواعد الاشتباك"
برزت في الأيام الماضية حركة دبلوماسية ناشطة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي استهلها بقطر فإلى مصر والأردن، حيث عقد لقاء مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنتوني بلينكن، بالتزامن مع اجتماع بلينكن مع نظرائه السعودي والقطري والمصري والأردني والفلسطيني والإماراتي، وغاب عنه وزير خارجية لبنان.
واستوقفت حركة ميقاتي كثيرين خصوصاً أنها حصلت بعد حوالى شهر على عملية "طوفان الأقصى" وبعد اعترافه علناً بعدم سيطرته على قرار الحرب والسلم في لبنان، مؤكداً أن قراراً كهذا ليس في يد حكومته، وقرأ البعض في حراك ميقاتي الدبلوماسي تجنيب الدولة اللبنانية تداعيات إدخال "حزب الله" لبنان في الحرب الدائرة على حدوده، بمجرد التأكيد على أن قرار لبنان الرسمي هو عدم الانجرار إلى الحرب.
وأوضحت مصادر حكومية لـ"اندبندنت عربية" أن رئيس الحكومة أراد أن يظهر لقادة المنطقة والعالم الموقف الرسمي اللبناني القاضي بوقف التصعيد على الحدود الجنوبية، كما أراد أن تفهم إسرائيل بأن لبنان ملتزم القرار الدولي 1701 وعليها بالمقابل أن تلتزم به. وسعى ميقاتي إلى حجز كرسي للبنان على طاولة المفاوضات، بعدما بلغه أن الجانب الأميركي يسعى إلى هدنة حقيقية، وأن مسقط عاصمة عمان شهدت اتصالات بين أميركا وإيران للبحث في ما بعد وقف إطلاق النار، وتقصد رئيس حكومة لبنان الفاقد لقرار الحرب والسلم في لبنان أن يكون شريكاً في الحل في غزة مقترحاً في جولته الدبلوماسية حلاً مبنياً على وقف إطلاق النار وهدنة إنسانية.
ميقاتي يجول بنصيحة من بري
تؤكد مصادر حكومية أن رئيس الحكومة يحاول المستحيل للضغط على "حزب الله" لعدم التصعيد، لكن في المقابل يطلب الحزب أن توقف إسرائيل اعتداءاتها حتى لا يضطر إلى التصعيد، وتكشف مصادر سياسية مطلعة على موقف ميقاتي أن رئيس مجلس النواب نبيه بري نصحه نيابة عن الحزب بالقيام بجولة دبلوماسية والتواصل مع أصدقائه العرب والدوليين لضمان بقاء الأمور على الحدود ضمن قواعد الاشتباك، والعمل على وقف العمليات العسكرية في غزة.
وتكشف المصادر أن ميقاتي قرأ وصديقه بري جيداً المسعى الأميركي الجدي للوصول إلى هدنة إنسانية، وبأن هناك من يبحث عن مُحاور، بمجرد تكليف المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم دور الوسيط بين حركة "حماس" والأميركيين، فطلب ميقاتي بواسطة صديقه آموس هوكشتاين المكلف مفاوضات الترسيم البحري والحدود البرية أن يلتقي بلينكن.
وذكر البيان الرسمي لرئاسة الحكومة أن ميقاتي شدد على "أولوية العمل للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر هناك، وكذلك العمل على وقف العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وسياسة الأرض المحروقة التي تتبعها إسرائيل باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً للإمعان في إحداث مزيد من الخسائر البشرية وتدمير المناطق والبلدات الجنوبية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبلغ ميقاتي بلينكن بأن لبنان الملتزم الشرعية الدولية وتطبيق القرار الدولي الرقم 1701، والتنسيق مع اليونيفيل، يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف التعديات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية على أرضه وسيادته، براً وبحراً وجواً.
في المقابل كشفت مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية الأميركي طلب من ميقاتي أن يجتمع مجلس الوزراء ليصدر بياناً واضحاً يدعو إلى وقف الاشتباكات وإطلاق الصواريخ والقذائف من جبهة جنوب لبنان، التزاماً بالقانون الدولي وبأن المنطقة يجب أن تكون تحت سيطرة الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان تنفيذاً للقرار 1701، وهو ما لا يمكن أن ينفذه ميقاتي.
إيران أبلغت لبنان أنها لا تريد الحرب
غُيّب لبنان ووزير خارجيته عبدالله بو حبيب عن اجتماع وزراء الخارجية العرب مع نظيرهم الأميركي في عمان، وقبله عن "مؤتمر السلام" في مصر ولم توجه له دعوة للمشاركة في المؤتمر الذي سيعقد في باريس في التاسع من الشهر الجاري لبحث الوضع الإنساني في غزة، وبدا لافتاً غياب بو حبيب عن جولة رئيس الحكومة العربية، فيما علم أنه سيكون في عداد الوفد المشارك في القمة العربية الطارئة التي تعقد في الرياض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، لبحث الحرب الراهنة على قطاع غزة.
ويتجنب مصدر دبلوماسي في الخارجية الكشف عن أسباب تغييب لبنان مؤكداً لـ"اندبندنت عربية" بأنه "سيأتي الوقت للكلام عن هذه الأسباب، وهي ليست مرتبطة بـ"حزب الله" إنما هناك حسابات مختلفة".
وعن أسباب عدم مشاركة بو حبيب في جولة رئيس الحكومة الدبلوماسية يكتفي المصدر بالقول "الجواب عند رئيس الحكومة"، أما مصادر رئيس الحكومة فتكتفي بإبراز خبر استقبال ميقاتي للوزير، ويؤكد المصدر في الخارجية أن الحركة الدبلوماسية التي يقوم بها الوزير بو حبيب هي انعكاس لسياسة الحكومة وللقرار اللبناني الرسمي، وأن دبلوماسية لبنان نجحت حتى الآن في تأمين شبه إجماع دولي على ضرورة حصول هدنة إنسانية، وأن ما يحصل في غزة لم يعد رد فعل، بل انتقام أعمى تنفذه إسرائيل في حق الفلسطينيين، كما نجحت الدبلوماسية اللبنانية في إبراز سؤال محوري بات يطرحه الجميع وهو ماذا بعد وقف إطلاق النار وما هو الحل؟ ويؤكد المصدر الدبلوماسي أن العالم الغربي بات يسأل الإسرائيلي "بكرا (غداً) شو"؟
وكشف المصدر الدبلوماسي أن بو حبيب التقى في الأسبوعين الماضيين كل السفراء الأجانب المعتمدين في لبنان، وتواصل هاتفياً مع أكثر من 17 وزير خارجية، وأبلغهم أن لبنان لا يريد الحرب، وأن المسؤولين في إسرائيل هم الذين يتوعدون في تصريحاتهم اليومية بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، ويستهدفون الصحافيين وسيارات الإسعاف والمدنيين، ولا ينفي المصدر التواصل مع "حزب الله" وإيران للجم الأمور كاشفاً أن السؤال الذي يوجهه معظم الدبلوماسيين إلى بو حبيب هو "ماذا عن "حزب الله"؟
وللإجابة عن هذا السؤال يتابع المصدر هي أن "لا ضمانات لكن لدينا انطباع نتيجة الحوار مع الحزب أنه لا يريد الدخول في الحرب، وهذا ما أبلغنا إياه الجانب الإيراني أيضاً".
ويعتبر المصدر المقرب من بو حبيب أن الجهة الوحيدة القادرة على حل الأمور ولجم إسرائيل هي أميركا، وهي حتى الآن لم تضغط لإنزال إسرائيل عن الشجرة، كاشفاً أن لبنان تلقى معلومات بأن الجيش الإسرائيلي كان يعد لضربة استباقية على لبنان في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن أوقفها.