ملخص
مع تأجيل العام الدراسي في السودان ثارت تساؤلات عن مدى قانونية هذا الوضع وكيفية إجراء الامتحانات النهائية لطلاب المراحل النهائية بخاصة الشهادة الثانوية؟
لم يكن قطاع التعليم السوداني في أحسن أحواله قبل اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي، بسبب التظاهرات الشعبية التي استمرت منذ إطاحة نظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، مما أدى إلى تأخير امتحانات الشهادة الثانوية والمرحلة المتوسطة هذا العام.
ومع انفجار القتال بين الطرفين في الخرطوم تعثر بدء العام الدراسي المقرر في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في كل أنحاء البلاد، بسبب سوء الأوضاع الأمنية وتحول المدارس في مختلف الولايات إلى دور إيواء للنازحين الذين فروا من جحيم الحرب، لكن الوضع بالنسبة إلى المدارس السودانية في مصر البالغ عددها أكثر من 20 مدرسة، التي نزح إليها آلاف الأسر منذ بدء القتال يختلف تماماً، إذ فتحت أبوابها في الموعد المحدد، مما يطرح تساؤلات عن مدى قانونية هذا الوضع وكيفية إجراء الامتحانات النهائية لطلاب المراحل النهائية بخاصة الشهادة الثانوية؟
كسب مادي
يقول الخبير التربوي السر بدوي إن "بدء العام الدراسي للمدارس السودانية في المحافظات المصرية يؤكد انفصال هذه المدارس عن الواقع السوداني تماماً، إذ فتحت كل المدارس أبوابها واستقبلت الطلاب بينما المدارس في السودان مغلقة، ولا يعرف ملايين الطلاب مصيرهم، كما يشير فتح هذه المدارس إلى عدم اهتمام وزارة التربية والتعليم بالأمر وعدم التنسيق بين الجانبين، إذ من المفترض أن ينتهي العام الدراسي بامتحانات شهادة ثانوية وشهادة المرحلة المتوسطة التي تأتي من وزارة التربية والتعليم بالسودان، ولن يجتاز الطلاب المراحل التعليمية المختلفة ما لم يحصلوا على شهادة من الوزارة، وهذا ما حدث مع طلاب الصف الثالث الثانوي الذين لم يستطيعوا دخول امتحان الشهادة الثانوية بسبب الأوضاع في السودان".
وتابع بدوي "استئناف المدارس السودانية في مصر يؤكد أن هدفها الكسب المادي والدليل على ذلك أنها فتحت أبوابها على رغم الوضع الإنساني المتردي في السودان، فضلاً عن عدم مراعاة الوضع النفسي للطلاب غير القادرين على الخروج من البلاد لمواصلة تعليمهم، ومن ثم كان يجب أن تمنع الوزارة انطلاق أي عام دراسي خارج السودان وتلزم المدارس في الخارج توجيهاتها حتى لا نشهد أعواماً دراسية غير منتظمة تؤثر في الطلاب في المستقبل القريب".
انتشار كبير
انتشرت المدارس السودانية في مصر منذ سنوات بعيدة نظراً إلى عدم استقرار أوضاع السودان في الآونة الأخيرة، إذ اتجهت عديد من المدارس إلى نقل نشاطها في القاهرة وأخرى فتحت فروعاً لها في محافظات مصرية عدة مع ازدياد هجرة السودانيين إلى مصر، إذ يبلغ عدد الجالية السودانية نحو خمسة ملايين، أغلبهم يبحثون عن المدارس السودانية لمواصلة تعليم أبنائهم.
في هذا السياق قالت الوكيلة بإحدى المدارس علا المصطفى إن "عدد المدارس السودانية في زيادة مستمرة، وذلك بسبب زيادة عدد المقيمين في القاهرة الذين يبحثون عن المنهج السوداني، وأيضاً تنتشر المدارس السودانية بالمنهج البريطاني، وتوفر هذه المدارس الكتاب المدرسي وتوزعه لكل الطلاب، فضلاً عن قدوم أعداد كبيرة من المدرسين من السودان مما أسهم في تلبية حاجة جميع المدارس وأغلبهم أصحاب خبرات كبيرة ومميزة وتوفر لهم هذه المدارس بيئة جيدة مع مرتبات تضمن عدم حاجتهم إلى المغادرة أو البحث عن دخل إضافي".
تشير المصطفى إلى أن المدارس في مصر تتميز ببيئة مدرسية أفضل وانضباط وتفوق على مدى السنوات الماضية، والتي نافس طلابها أكبر المدارس في السودان وكانوا من ضمن الـ100 الأوائل في امتحانات الشهادتين الابتدائية والثانوية.
وعن الرسوم الدراسية تقول إن "المدارس تتنوع وتختلف في رسومها الدراسية، فبعضها يصل إلى 30 ألف جنيه مصري (ألف دولار) في السنة، وأخرى 10 آلاف جنيه مصري، (300 دولار)، فالخيارات متعددة ومناسبة للجميع مع مراعاة ظروف القادمين من السودان خلال فترة الحرب وتخفيض الرسوم الدراسية للأيتام والمتعثرين، فكل من يرغب في التسجيل لأي مدرسة سودانية في القاهرة يجد تسهيلات من الإدارة لأن الغرض غير مادي إطلاقاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير معقول
في الوقت الذي ترى فيه المدارس السودانية بالمحافظات المصرية أنها تقدم تسهيلات للطلاب وأسرهم، إلا أن أولياء الأمور يعتبرون أن رسومها غير معقولة بخاصة على الطلاب الذين قدموا من السودان بعد الحرب وفقدوا جميع ممتلكاتهم، وهنا تقول والدة ثلاثة طلاب يدرسون في القاهرة إن "الرسوم الدراسية مرتفعة ومكلفة للغاية مع ارتفاع رسوم الترحيل وغيرها من المتطلبات الإضافية، لذلك فضلت ألا أسجل أبنائي هذا العام على أمل الرجوع العام المقبل لمواصلة دراستهم في السودان، حيث يدرسون في مدارس حكومية بأسعار معقولة".
بينما يرى والد أحد الطلاب ويدعى سامي أحمد أن "مصير العام الدراسي الحالي مجهول ولا فائدة منه ما دامت الأوضاع في السودان غير مستقرة، وسيكون الأمر أكثر ضرراً على الطلاب الذي سيجلسون لامتحانات الانتقال إلى مراحل جديدة، سواء أكانت مرحلة ثانوية أو جامعية، فهؤلاء إذا درسوا عاماً كاملاً ولم يجلسوا للامتحانات فسيؤثر هذا الأمر في مستواهم التعليمي، لذلك لم أسجل أبنائي لأنهم في مراحل دراسية حساسة".