ملخص
خطة الجيش الإسرائيلي لتقسيم قطاع غزة حاليا وضعها رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ولا يزال الجيش يطبقها لكن حركة "حماس" تعهدت إحباطها.
"قمنا بتقسيم القطاع، من الآن فصاعداً هناك شمال وجنوب غزة"، بهذه العبارة أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري عن تقسيم قطاع غزة صغير المساحة إلى شطرين منفصلين عن بعضهما ولا يوجد بينهما أي ترابط نهائياً.
في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، نجحت القوات الإسرائيلية في تطويق مدينة غزة معقل حركة "حماس" بشكل كامل وذلك بعد أيام على بدء الجيش تنفيذ خطة توغله البري في القطاع، وبهذه الخطوة يكون قد استطاع شطر القطاع إلى جزأين.
من الشرق يحد غزة دولة إسرائيل، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، وفي وسط القطاع، يوجد وادي غزة، وهو محمية طبيعية تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "يونيسكو"، ويفصل هذا الوادي القطاع إلى شطرين، شمال غزة وجنوب غزة.
وبواسطة قرابة 400 آلية عسكرية بينها دبابات وجرافات وناقلات جند، تمكن الجيش الإسرائيلي من اجتياز الحدود الشرقية من منطقة وادي غزة، وواصل التقدم نحو البحر حتى وصله، بهذا يكون سيطر على المنطقة التي تفصل غزة إلى شطرين.
يقول هاغاري "بعد اجتياز الحدود والوصول إلى شارع الرشيد الساحلي، نكون قد سيطرنا على وادي غزة ويعتبر الخط الفصل بين شمال غزة وجنوبها، وبهذا تمكنت قواتنا من قطع المنطقة الشمالية عن الجنوبية في القطاع، ولا يوجد بين المنطقتين أي تواصل، هذا الحصار المفروض حالياً على الشمال يعد مرحلة مهمة من أجل تفكيك حركة حماس".
وفرضت القوات الإسرائيلية خطاً فاصلاً بين الشمال والجنوب في قطاع غزة، وأظهرت صور جوية تموضع القوات الإسرائيلية من الشرق للغرب في غزة، لكن من غير الواضح على الأرض إلى أي مدى وصل الجيش الإسرائيلي إلى داخل مدينة نفسها.
في الواقع، تبلغ مساحة القطاع 365 كيلومتراً مربعاً، وتقدر إجمالي مساحة الجزء الشمالي مع مدينة غزة بنحو 136 كيلومتراً، وتضم هذه المنطقة أكثر المدن أهمية وهي مدينة غزة، وبيت حانون وبيت لاهيا وجباليا الكرامة والتوام وجحر الديك والزهراء، وجميع هذه المناطق سيطرت عليها إسرائيل عندما عزلتها عن غزة الجنوبية.
أما الجزء الجنوبي من القطاع، فتبلغ مساحته 229 كيلومتراً، ويضم محافظة دير البلح وخان يونس ورفح ومخيم البريج والنصيرات والمغازي، لكن هذه المناطق أغلبها ريفية وغير حضرية، ولا يتوفر فيها المساكن، ومعظمها أرض زراعية وتعد السلة الغذائية للقطاع.
خطة بينيت
وعند شطر غزة أصبح الانتقال من غزة الجنوبية باتجاه الشمالية أمراً مستحيلاً وهناك انقطاع كامل، لأن الآليات العسكرية الإسرائيلية موجودة من الشرق إلى الغرب وتقطع الطريق.
إن آلياته وصلت إلى المنطقة الغربية الساحلية لمدينة غزة من المناطق الجنوبية، أي إنه وصل وفق التحركات الإسرائيلية إلى منطقة الشيخ عجلين، بالتالي لم يصل بعد إلى المناطق السكنية.
ولعل صاحب خطة فصل غزة إلى جنوبية وشمالية، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، الذي وضع خطة مفصلة للجيش لإسقاط حركة "حماس" والسيطرة على غزة الشمالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب خطة بينيت، التي طرحها أيضاً على منصة "إكس" فإنه لا ينبغي للجيش الإسرائيلي التوغل عميقاً في قطاع غزة، بل يكتفي بفرض حصار كامل على الشمال وخلق منطقة عازلة على الحدود.
ووفقاً للخطة، سيتولى الجيش الإسرائيلي السيطرة عسكرياً على الجزء الشمالي من غزة، ويعمل على تقسيم القطاع إلى منطقتين شمالية وأخرى جنوبية، وتحديد منطقة الشمال بأنها منزوعة السلاح وتصبح حزاماً أمنياً بعمق نحو كيلومترين ولاحقاً تصبح منطقة عازلة دائمة.
يشير بينيت إلى أن الحصار يؤدي إلى خنق مقاتلي "حماس" في الأنفاق حتى إجبارهم على الاستسلام، وهو أسلوب يتبعه الجيش الإسرائيلي حتى الآن، إضافة إلى استخدام الوقود كسلاح في الحرب.
وفي خطة بينيت يبقى سكان غزة في النصف الجنوبي من القطاع حتى نهاية الحرب التي تتطلب أن تلجأ "حماس" نفسها بنزع سلاحها من جانب واحد وإطلاق سراح جميع الأسرى، موضحاً أنه يتوجب السماح بالممرات الإنسانية لإدخال الماء والغذاء والدواء.
ويشير بينيت إلى أن هذه الخطة تمثل خط دفاع سياسي دائم، وأنه لن يعود سكان غزة إلى ديارهم إلا بعودة الرهائن ورحيل "حماس".
اقتراب من الخطر
يقول أستاذ الجغرافيا السياسية جهاد الطويل، إن إسرائيل نجحت في شطر غزة، لكنها تهرب من أصل المشكلة ولا تقدم حلولاً لها، بخاصة أن مقاتلي "حماس" منتشرين في كل أرجاء القطاع الشمالية والجنوبية.
ويضيف "السيطرة على شمال القطاع معناه كلفة عالية جداً من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية، وكيف ستفسر إسرائيل الانسحاب من كل القطاع عام 2005 إذا كانت ستعيد احتلاله الآن".
ويتابع "إسرائيل تقترب من مكمن الخطر المتمثل في المقاومة وليس الابتعاد عنها، من خلال القرب المكاني، حتى لو أقامت منطقة أمنية فهذا معناه مزيد من الدوريات والتسليح والجنود وفي مواجهة مباشرة مع المقاتلين وليس الابتعاد عنهم".
بينما يرى الخبراء العسكريون أن فصل شمال القطاع عن جنوبه يهدف إلى قطع الإمدادات عن مقاتلي "حماس" والسيطرة على ترسانتهم العسكرية، وكذلك إلى إفراغ القطاع الشمالي من سكانه بحيث يتيح ذلك المجال أمام عملية عسكرية برية من دون عوائق بشرية.
يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إن قواته تواصل القتال على الأرض في قطاع غزة، وتطوق بالفعل مدينة غزة من كلا الجانبين، وأن الحرب تنتهي عندما تسلم "حماس" الرهائن والسلاح.
أما بالنسبة لـ"حماس"، فهي تنتظر إفراغ غزة لتصبح المعركة لصالح مقاتليها. ويقول المتحدث باسمها حازم قاسم "نتوعد إسرائيل بأن غزة ستكون لعنة التاريخ على جنود الجيش وأنهم لن يستطيعوا تحقيق خطتهم".