في الأيام القليلة الماضية تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية منشورات لعدد من حالات الحجب والإقصاء المفاجئة للآراء التي تدافع عن السعودية، إضافة إلى الحسابات السعودية التي تتبنى المحتوى نفسه في منشوراتها، وتبرر شركة "تيك توك" سبب الحجب بمزاعم عدم التزام النشطاء السعوديين بتعليمات المنصة الخاصة.
إلا أن السعوديين اعتبروا الخطوة استهدافاً مقصوداً للمحتوى المتعلق بهم في مشهد تغيب فيه الشفافية والمعايير عن سياسات "تيك توك" في الشرق الأوسط، وتصدر في هذه الأثناء هاشتاغ "مقاطعة التيك توك" على منصة "إكس" للتعبير عن الاستياء والمطالبة بحذف التطبيق ومقاطعته في السعودية.
بيان المنصة أجج الخلاف
بعد استمرار المقاطعة وانتشار الحملة تطورت إلى نطاق العالم العربي، أصدرت منصة "تيك توك" بياناً تنفي فيه ما وصفته بالإشاعات قائلة "لا صحة للإشاعات التي يتم تداولها بخصوص حذف (تيك توك) للمحتوى المتعلق بالمملكة العربية السعودية. نرفض بشدة هذه الادعاءات لأنها تتنافى مع سياستنا وقيمنا وتنشر صورة مضللة عن سياسات إدارة المحتوى لدينا".ونوهت في بيانها على أن هذه السياسات تطبق من قبل فرق الأمن والسلامة العالمية والمستقلة الخاصة بها ولا يتدخل أعضاء المجلس الاستشاري أو موظفيهم فيها، وفق ما يتم تداوله على بعض وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى رفضها ما تصفه بـ"حملات التشويه المتعمدة التي تمارس على موظفينا وشركائنا وتهدد أمنهم وسلامتهم"، بحسب قولها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على رغم النفي الذي أوضحته الشركة في بيانها والتبرير استمرت المقاطعة على هاشتاغ آخر تحت اسم "بيان التيك كاذب، وسنقاطع"، وما زالت المقاطعة جارية لدى عدد من المستخدمين، واصفين البيان "بالكاذب"، وذلك لعدم اعتذار إدارة المنصة عن تعمد حذف ردود السعوديين وحجب المواد الإيجابية المتعلقة ببلادهم.
ويذكر المتخصص التقني عبدالله السبع لـ"اندبندنت عربية" أنه من "الوارد أن يكون الخطأ غير مقصود من المنظمة، ولكن للأسف في حال أخذنا جولة على التعليقات داخل التطبيق نجد هناك عديداً من التعليقات المسيئة ضد السعودية، التي لم يتعامل معها، فيما نرى بعض التعليقات الداعمة للسعودية يتم حذفها، فالأمر غريب جداً".
الشركة الأم تلاحظ الحملة السعودية
يبلغ عدد مستخدمي منصة "تيك توك" في السعودية وفقاً لشركة تكنولوجيا الإنترنت الصينية ByteDance نحو 26.39 مليون مستخدم، 34.2 في المئة من الإناث و65.8 في المئة ذكور، فيما يحتل السعوديون المركز الأول عالمياً بنحو 130 في المئة من حيث معدل الاستخدام.
وبحسب تحليل عضو لجنة توعية المستهلك سمير الجنيد للبيان الذي أصدرته "تيك توك الشرق الأوسط"، فإن "الإدارة الصينية لاحظت حملة السعوديين حول المنصة، فطلبت من فرعها بالشرق الأوسط معالجة الأمر، ولكن بدلاً من أن يعترفوا بأسلوبهم، برروا الأمر أمام الشركة الأم بأنهم على حق، وأن المستخدمين مندفعون من دون وعي". ويؤكد أن "أكبر دليل هو أن البيان يفتقر إلى الأدلة والإثباتات، ويتبنى نهجاً غير منطقي ومتحيزاً".
أما في حال استمرار المقاطعة من قبل المجتمع السعودي الذي يمثل نسبة كبيرة من مستخدمي التطبيق، فإن السبع يضيف "التوقف عن الاستخدام سيقلل من مدخولات التطبيق من الإعلانات، لكن المقاطعة الأهم يجب أن تكون من الشركات التي يجب أن تتوقف عن الإعلان لديهم والاتجاه لمنصات منافسة".
تدخل بشري أم ذكاء اصطناعي؟
تدور الشكوك بين المستخدمين حول ما إذا كان انتقاء التعليقات والحسابات من قرارات الذكاء الاصطناعي أم تم إجراؤه بتدخل بشري، إذ كان الأمر لافتاً بالنسبة إلى البعض.
وينوه المتخصص التقني السبع إلى أن الذكاء الاصطناعي يكون موجوداً لعرض المحتوى والتعامل مع التعليقات وحذف أي تعليق به إساءة واضحة "ولكن أتوقع أن هناك تدخلاً بشرياً في بعض الأمور، والغريب أن البيان الصحافي التي أصدرته الشركة أساء إليها أكثر، وللأسف الشركة لم تعتذر، وإنما حاولت الإساءة للمسخدمين، وهو أمر غير مقبول".
ويشير الموقع الرسمي للمنصة إلى أنها تلتزم "مبادئ توجيهية للمجتمع تساعد في تجسيد التزامنا حقوق الإنسان، وتتمحور مبادئنا حول تحقيق التوازن بين حرية التعبير ومنع الضرر، واحتضان كرامة الإنسان، وضمان عدالة إجراءاتنا"، وذلك بحسب الموقع الرسمي.
وسبق أن حظرت السلطات الأردنية منصة "تيك توك" في16 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وذلك بسبب سوء الاستخدام من قبل البعض، إضافة إلى "فشل المنصة في معالجة المنشورات التي تحرض على العنف والفوضى"، بحسب بيان نشر على صفحة مديرية الأمن العام الأردني على "فيسبوك".
وذكر البيان أن منصة "تيك توك" لم تتعامل مع إساءة استخدام المنصة من قبل مستخدميها، سواء بتمجيد ونشر أعمال العنف أو دعوات الفوضى، بل "ساعدت في ترويج فيديوهات من خارج المملكة وتزويرها للتأثير في مشاعر المواطنين، من ثم فقد تم إيقاف خدماتها في الأردن موقتاً".