ملخص
سرت معلومات عن اقتراح قانون جديد سيقدمه نواب سنة ينص على رفع سن التقاعد لكل القادة الأمنيين في لبنان
يتقدم "شبح الفراغ" في قيادة الجيش اللبناني على ما عداه من مواضيع داخلية، خصوصاً مع اقتراب إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد في الـ10 من يناير (كانون الثاني) المقبل. وعلى رغم ارتفاع الأصوات المحذرة من خطر امتداد الفراغ في رئاسة الجمهورية وعديد من المواقع الأخرى، إلى المؤسسة العسكرية في ظل وضع داخلي مأزوم، فاقمته حرب غزة والتطورات العسكرية على الحدود الجنوبية دقة وخطورة، لم تتوافر حتى الآن ضمانات وحلول سياسية وقانونية تبعد خطر الوصول إلى فراغ، قد يكون إن حصل، الثالث على مستوى المواقع المخصصة للطائفة المارونية بعد رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان. وتخضع الخيارات القانونية المتاحة لتفادي الفراغ في قيادة الجيش بين تعيين قائد جديد أو التمديد للقائد الحالي أو تعيين رئيس للأركان، إلى حسابات سياسية تبدأ بملف رئاسة الجمهورية، وتصل إلى حد التخطيط عن سابق تصور وتصميم للانقلاب على المؤسسة العسكرية، وهو اتهام وجه إلى "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، إثر اعتراض الأول على التمديد للعماد عون وطرحه خيارات يدرك سلفاً صعوبة تمريرها، كتعيينات جديدة للمجلس العسكري، سبق وقطع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الطريق عليها عندما رفض أن تعين حكومة تصريف الأعمال مديراً عاماً جديداً للأمن العام بدل اللواء المتقاعد عباس إبراهيم. ويلتزم "حزب الله" الصمت المريب ويعتمد غموض الموقف حيال التمديد للعماد عون مع تأكيدات أنه لا يريد ضمناً التمديد، لكنه يترك لحليفه النائب جبران باسيل مهمة قطع الطريق على عون. ويتخوف الحزب من أن أية مجاهرة في رفض التمديد لقائد الجيش قد تؤثر في حرية حركة عناصره حالياً في المنطقة الخاضعة للقرار الدولي 1701. وتختصر مصادر سياسية موقف "حزب الله" بالقول إن "الحزب لا يريد التمديد لعون، لكنه يترك تحقيق ذلك لغيره".
هل يبقى باسيل وحيداً؟
لا يزال باسيل على موقفه المناوئ للتمديد التقني لقائد الجيش لأسباب مبدئية، كما يقول، فيما الهدف وفق معارضيه هو إبعاد العماد عون عن السباق الرئاسي. ويعتبر باسيل أن الحل يكون في أحد مسارين، الأول أن تؤول القيادة إلى الضابط الأعلى رتبة، بحسب قانون الدفاع، والمقصود اللواء بيار صعب المقرب منه والعضو في المجلس العسكري. وكشفت مصادر نيابية عن أن رئيس لجنة الارتباط في "حزب الله" وفيق صفا التقى اللواء صعب، إلا أن تكليفه قيادة الجيش هو خيار مخالف لقانون الدفاع، بحسب مصادر عسكرية. أما المسار الثاني للحل، بالنسبة إلى باسيل، فيكون عبر تقديم وزير الدفاع موريس سليم، المقرب منه، مرسوماً بتعيين مجلس عسكري جديد بما فيه قائد للجيش ورئيس للأركان على أن يصدر القرار بتوقيع الـ24 وزيراً، لكن هذا الاقتراح اصطدم بمعارضة البطريرك الماروني بشارة الراعي وأحزاب مسيحية اعتبرت أنه لا يجوز تعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن استحالة تنفيذ شرط توقيع الـ24 وزيراً نظراً إلى موقف سابق لـ"حزب الله" رفض فيه إسناد مهمة أي تعيين لحكومة تصريف الأعمال. وكشفت مصادر عسكرية لـ"اندبندنت عربية" عن أن وزير الدفاع موريس سليم جهز لائحة بأسماء مقترحة لملء الشواغر في المجلس العسكري واقترح مدير الاستخبارات العميد أنطوان قهوجي لقيادة الجيش، لكن سليم أصدر لاحقاً بياناً نفى فيه تسليمه رئيس الحكومة لائحة بالتعيينات العسكرية، متهماً الإعلام بفبركة الأخبار. وفي اتصال مع مكتبه رفض وزير الدفاع التعليق على موضوع التمديد لقائد الجيش فيما كشفت مصادر مقربة منه عن أن قانون الدفاع لا ينص على التمديد، وأكدت أن الوزير يبحث عن حل قانوني، وهو ابن المؤسسة العسكرية وحريص عليها، وسبق وأبدى في أكثر من اجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استعداده لتقديم اقتراحات متكاملة لملء الشواغر في المجلس العسكري وفي قيادة الجيش عندما يصبح الموضوع مطروحاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الغطاء المسيحي للتمديد يتوسع
على خط ملف التمديد لقائد الجيش، دخل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي عندما عبر فور عودته من الفاتيكان عن رفضه لـ"إسقاط قائد الجيش وللتلاعب بالقيمين على المؤسسة العسكرية"، وذلك بعد اجتماع عقده مع رئيس" التيار الوطني الحر"، لم يتمكن خلاله باسيل من إقناع الراعي بدعم تعيين قائد جديد للجيش. وفي تعبير لموقف جامع، دعا مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك إلى عدم المس بقيادة الجيش العليا حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وغمز مجلس الأساقفة من قناة باسيل عندما اعتبر أن "أي تغيير على مستوى القيادة العليا في مؤسسة الجيش يحتاج إلى الحكمة والتروي ولا يجب استغلاله لمآرب سياسية شخصية". وشكل تصويب الرئيس السابق لتيار "المردة" سليمان فرنجية لموقفه السابق من التمديد للعماد عون دعماً مسيحياً إضافياً لذلك التوجه، خصوصاً أن للمردة وزيرين في الحكومة الحالية، حيث أشار فرنجية إلى أنه ليس ضد التمديد لقائد الجيش، مضيفاً "لكن التمديد هو أحد الخيارات العملية المطروحة، ويجب علينا تسهيل أمور المؤسسة العسكرية التي نحرص عليها".
تمديد في الحكومة أو مجلس النواب بخطين متوازيين
وشكل موقف البطريركية المارونية مسنوداً بدعم قوى وأحزاب مسيحية أساسية، وفي مقدمها "القوات اللبنانية" صاحبة الكتلة المسيحية الأكبر في مجلس النواب، رافعة لخيار التمديد الذي لا يزال يحتاج إلى مخرج قانوني يتم العمل عليه بالتوازي في الحكومة وفي مجلس النواب. وكشفت مصادر حكومية عن أن ميقاتي يبحث عن صيغة قانونية استثنائية قد لا تمر بوزير الدفاع وتسمح للحكومة باتخاذ قرار بتأجيل تسريح قائد الجيش عبر تأمين تأييد ثلثي الوزراء. ويستعد في المقابل تكتل "الجمهورية القوية" (حزب القوات اللبنانية وحلفاؤه) لتأمين شروط انعقاد جلسة نيابية لإقرار اقتراح القانون الذي تقدموا به ونص على رفع سن التقاعد لرتبة عماد في الجيش لسنة واحدة، وسيزور النواب الـ19 رئيس البرلمان نبيه بري في مقر إقامته في عين التينة، اليوم الإثنين، لطلب عقد جلسة تشريعية. ورداً على رفض بري حصر جدول الأعمال مسبقاً ببند التمديد وحده كما يشترط "القوات"، وأن لا جلسة بحسب الذوق أو (A la carte)، كشف النائب جورج عدوان لـ"اندبندنت عربية" عن أن الوفد سيطلب من بري تحديد جلسة وترك الحرية لكل فريق بأن يتصرف وفق قناعته. وأكد عدوان أن "القوات اللبنانية" تعتبر أن الفراغ في المؤسسة العسكرية بات بمثابة "ضرورة دولة" raison d'etat، من ثم لا يمكن في هذه الحال تطبيق القواعد العادية، وأكد أن "المصلحة الوطنية العليا تطغى على كل شيء، حتى على موقفنا المبدئي من عملية التشريع الذي لم يتغير". وسيلتقي وفد نيابي من تكتل "الجمهورية القوية"، غداً الثلاثاء، كتلة الحزب "التقدمي الاشتراكي" الذي يرفض رئيسه السابق وليد جنبلاط الاكتفاء بتعيين رئيس للأركان، من الطائفة الدرزية، ليتسلم وحده قيادة الجيش، ولا يمانع جنبلاط التمديد للعماد جوزيف عون، كما من المقرر أن يزور الوفد النيابي القواتي كتلة "الاعتدال" ذات الغالبية السنية، وسط معلومات عن توجه لدى مجموعة من النواب السنة لتقديم اقتراح قانون ينص على رفع سن التقاعد لكل القادة الأمنيين ليشمل المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان (المنتمي إلى الطائفة السنية).