Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا حقق مبعوث "الأمل الأخير" الأوكراني في واشنطن؟

المساعدة المستمرة ليست ذات أهمية بالغة لأوكرانيا فحسب بل وللمصالح الوطنية للولايات المتحدة أيضاً

جاءت زيارة أندريه يرماك لواشنطن في أعقاب الصراع بين السلطات السياسية والعسكرية في أوكرانيا (رويترز)

ملخص

محاولة لإقناع الجانب الأميركي بأن هناك قادة آخرين في القوات المسلحة الأوكرانية سيضمنون النصر

لم يكد يفق الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مما اتسمت به زيارته الثانية للولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي "من هدوء"، بالمقارنة مع سابقتها، وما حظي به خلالها من حفاوة في الاستقبال وكرم في العطاء، حتى أوفد مبعوثيه إلى واشنطن برئاسة يوليا سفيريدينكو النائبة الأولى لرئيس الحكومة الأوكرانية، ومعها أندريه يرماك مدير مكتبه. وقد جاء ذلك في الوقت الذي تتراجع فيه مواقف عدد من بلدان شرق أوروبا تجاه استمرار دعمهم لكييف، وهو ما تمثل في تصريحات رئيس تشيكيا الجنرال بيتر بافيل تجاه السلطات الأوكرانية.

محاولة لإنقاذ ما يمكن

وكان يرماك استبق هذه الزيارة بما سجله على موقعه الإلكتروني عند وصوله إلى الولايات المتحدة حول أنها تستهدف بحث "صيغة الرئيس للسلام"، و"تعزيز الدفاع عن أوكرانيا"، و"تعميق التعاون الشامل"، و"عديد من الموضوعات الأخرى". وقد جاءت هذه الزيارة في الجدل الذي احتدم في اوكرانيا نتيجة صدمة واشنطن من حديث الجنرال فاليري زالوجني القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية ومقالته التي نشرتها صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، بما ذكره حول أن الأوضاع على الجبهة "وصلت إلى طريق مسدود". وذلك إلى جانب الخلافات التي احتدمت في الكونغرس الأميركي حول الموافقة على المساعدات المالية لأوكرانيا في العام المقبل بسبب الخلافات الحزبية، وما طلبته إدارة الرئيس جو بايدن حول ضرورة عدم ربطها بالمساعدات لإسرائيل.

وقد جرت وقائع هذه الزيارة مقرونة بكثير من التوقعات التي كانت تقول، ووفقاً لما أوحى به أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس زيلينسكي، أنه سوف يبحث ترتيب محادثة هاتفية بين الرئيس الأوكراني والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بما يمكن معه "تحييد مواقفه" والإيحاء بأنه "ليس ضد تخصيص الأموال الأميركية لأوكرانيا"، وبما يمكن معه تغيير مواقف أعضاء الكونغرس من الجمهوريين، وتحولهم إلى دعم المساعدات لأوكرانيا. ومضت التوقعات إلى ما هو أبعد مما تناثر من أقوال حول "المباحثات المرتقبة" بين الجانبين الروسي والأوكراني وفق "صيغة الرئيس زيلينسكي للسلام"، مع احتمالات بحث "تجربة الكوريتين"، على رغم ما يشوب هذه التجربة من تناقضات جذرية مع ما يسمى بخطة زيلينسكي ذات النقاط العشر، كما لم تشر أي من المصادر الأوكرانية، بل والأميركية، إلى أن يرماك نجح في مهمته التي سبق وتحدثت مصادر أوكرانية عن احتمالات طرحها، وتتلخص في إقناع الجانب الأميركي بأن هناك قادة كباراً آخرين في القوات المسلحة الأوكرانية سيضمنون النصر، في إشارة غير مباشرة إلى استبدال الجنرال زالوجني، ونقله "إلى منصب آخر" بما يتسنى معه "شن هجوم مضاد ربيعي جديد للقوات المسلحة الأوكرانية، الذي ثمة من يقول إنه سيختلف عن عملية آزوف الفاشلة"، حسبما نشرت "تليغرام".

نتائج زيارة الوفد الأوكراني

وفي إطار ما خلص إليه أندريه يرماك حول نتائج زيارته لواشنطن، لم يشر المبعوث الرئاسي إلى شيء حول هذا الموضوع، مكتفياً بالإعراب مع يوليا سفيريدينكو النائبة الأولى لرئيس الحكومة الأوكرانية، وزيرة الاقتصاد، عن ارتياحهما لنتائج الزيارة بقولهما في الولايات المتحدة "يدعموننا ويؤمنون بنا"! ونقلت وكالة أنباء "تاس" عن أندريه يرماك ما تطرق إليه حول أن بلاده "تقدر بشدة وحدة كلا الطرفين الأميركيين في دعم أوكرانيا. وتعول على الحفاظ عليهما". وشدد أيضاً على "أهمية النظر بشكل عاجل في طلب ميزانية إدارة الرئيس بايدن لتمويل تكاليف إضافية لمساعدة أوكرانيا". وكشف المسؤول الأوكراني عن أن بلاده "تسعى جاهدة للانتقال إلى الإنتاج المستقل للمنتجات العسكرية الأكثر شعبية". وتوقف يرماك عند ما تواجهه أوكرانيا اليوم مما وصفه بـ"محور الشر الجديد"، الذي قال إنه يتكون من روسيا وإيران وكوريا الشمالية، مؤكداً "أن المساعدة المستمرة لدولتنا ليست ذات أهمية بالغة لأوكرانيا فحسب، بل وتلبي أيضاً المصالح الوطنية للولايات المتحدة بشكل كامل".

وكتب يرماك على "تليغرام" أن المفاوضات تناولت، من بين أمور أخرى، الزيادة المتوقعة في القصف الروسي للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا هذا الشتاء. وقال "أوكرانيا تحتاج إلى أنظمة الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي التي ستحمي المدن الأوكرانية، ومرافق البنى التحتية الحيوية الرئيسة، فضلاً عن طرق وممرات تصدير الحبوب"، بينما أعلنت يوليا سفيريدينكو أن الوفد الأوكراني "ناقش مع الزملاء الأميركيين إبرام اتفاق ثنائي بين أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية لتنفيذ إعلان مجموعة السبع المشترك بشأن دعم أوكرانيا، الذي وقعه قادة البلدان السبعة في فيلنيوس". كما تم النظر في قضايا العقوبات المفروضة على روسيا الاتحادية، وآلية توجيه الأصول الروسية المجمدة إلى إعادة بناء أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذ اعترف يرماك بوجود عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي ممن لا يؤيدون الشريحة الجديدة من الدعم الأميركي لأوكرانيا، قال إن مهمة الوفد تلخصت في إطلاع من يؤيدون أوكرانيا بين الأعضاء الآخرين بمزيد من القرائن والبراهين التي تدعم توجهات تخصيص مزيد من الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا. كما التقى الوفد الأوكراني مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ومستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء البريطاني تيموثي بارو، ومستشار السياسة الخارجية للمستشار الألماني ينس بلاتنر، ومستشار السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي إيمانويل بون، الذين كانوا موجودين في واشنطن خلال زيارة الوفد الأوكراني.

كما التقى أندريه يرماك بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وأشارت وزارة الخارجية إلى أنهما ناقشا آخر التطورات في ساحة المعركة في أوكرانيا والاستعدادات لفصل الشتاء، بما في ذلك التوفير المستمر لأصول الدفاع الجوي الإضافية، وتعزيز البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا لمواجهة الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار الروسية، وقال رئيس البرنامج "مع اقتراب فصل الشتاء، نتوقع زيادة في الإرهاب الصاروخي الروسي"، على حد قوله، "لذلك، نحن بحاجة حقاً إلى أنظمة دفاع جوي ودفاع صاروخي من شأنها حماية المدن الأوكرانية، ومرافق البنية التحتية الحيوية الرئيسة، فضلاً عن طرق وممرات الحبوب". كما ناقش الوفد الأوكراني مع زملائه الأميركيين إبرام اتفاق ثنائي بين أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن ضمانات تنفيذ التعاون المشترك لإعلان مجموعة السبع بشأن دعم أوكرانيا، الذي وقعته سبع دول في فيلنيوس في 12 يوليو (تموز) الماضي.

رئيس تشيكيا: ماذا لو لم تنتصر أوكرانيا؟

وفي الوقت الذي يعترف مكتب الرئيس زيلينسكي بأن مقالة الجنرال فاليري زالوجني القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، في مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أثارت قلق حلفاء أوكرانيا الغربيين بما أشار إليه من وصول الأوضاع على الجبهة "إلى طريق مسدود"، كشف الرئيس التشيكي بيتر بافيل، عن انضمامه "غير المعلن"، إلى جبهة بلدان "شرق أوروبا" التي اتسع نطاقها خلال الأشهر القليلة الماضية، وتضم كلاً من بولندا والمجر وسلوفاكيا التي أعلنت عن وقف إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، فضلاً عن وقف وارداتها من الحبوب الأوكرانية. وكان بيتر بافيل أعلن في حديثه أمام "مؤتمر الدبلوماسية والأمن" "أن تطور الأحداث في أوكرانيا لا يسمح بافتراض نصر عسكري لكييف". كما أضاف أن "من الأفضل النظر في كل الاحتمالات بدلاً من الإيمان بشكل أعمى بالنصر غير المشروط". وفي معرض حديثه عن النزاع المسلح في أوكرانيا، قال بيتر بافيل "إن تطور الأحداث لا ينبئ بانتصار عسكري لكييف". وقال أيضاً إنه في عام 2024 قد يكون هناك "أساس لبدء المفاوضات". ونقل موقع "inosmi.ru" عن زبينيك بيتراتشيك المعلق التشيكي، ما كتبه حول تصريحات رئيس تشيكيا الجنرال بيتر بافيل التي تبدو في سياق ما أشار إليه فاليري زالوجني قائد القوات الأوكرانية. وقال بيتراتشيك إن ما ذكره الرئيس التشيكي بيتر بافيل "ليس انهزامية"، بقدر ما هو "أن ليس لدينا خيارات أخرى سوى الاستمرار في دعم كييف. ولكن، لكونه رجلاً عسكرياً، يعرف بيتر بافيل أن من الأفضل أن يأخذ في الاعتبار كل الاحتمالات بدلاً من اتباع شعار (النصر الكامل وغير المشروط) بشكل أعمى. ومن الأفضل إعادة تقييم الوضع والتفكير في بعض النجاح الذي سيخلق موقفاً تفاوضياً أفضل من المعاناة لاحقاً من تبدد الآمال في تحقيق (نصر كامل وغير مشروط). ومن الجدير أن نتذكر هذا، بخاصة عندما تكون الوعود السياسية خاضعة للتضخم".

ومن اللافت أن ما قاله رئيس جمهورية التشيك يتسق مع ما أثبتته نتائج استطلاع الرأي من تغير في ميول المواطنين التشيك تجاه اللاجئين من أوكرانيا، وما اتسمت به مواقفهم من تراجع تجاه الحرب في أوكرانيا. وأشارت صحيفة "أر بي كا" الروسية إلى أنه للمرة الأولى منذ صيف 2022، سجلت الإحصاءات الرسمية انخفاضاً في نسبة الأشخاص الذين يؤيدون استقبال أو إقامة اللاجئين الأوكرانيين، ومع ذلك فقد لفت يارومير مازاك، مدير أبحاث العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إلى أنه "من السابق لأوانه القول بتغير حقيقي في البيانات". ويعتقد معظم المواطنين التشيك ممن شاركوا في استطلاع الرأي، أن وصول اللاجئين الأوكرانيين لم يؤثر في حياتهم. لكن نسبة 25 في المئة منهم قالوا "إن وضعهم الشخصي قد تدهور". كما يعتقد حوالى 60 في المئة أن معدل الجريمة قد زاد، ومن بين أسباب الموقف السلبي أيضاً ما يلي، عدم توفر الأماكن في روضات الأطفال والمدارس (66 في المئة)، وانخفاض عدد المساكن (57 في المئة)، إلى جانب تراجع الرعاية الصحية والعمل، إذ يعتقد 30 في المئة أن اللاجئين كان لهم تأثير سلبي في توافر العمالة للشركات التشيكية، وذلك في الوقت الذي أكدت فيه بولندا والنمسا والمجر عدم اتفاقها مع تسليم الرجال الأوكرانيين ممن يرفضون الامتثال لطلب السلطات الأوكرانية حول عودتهم للانضمام إلى صفوف القوات الأوكرانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير