Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بدء الدراسة يجبر نازحي السودان على مغادرة الملاجئ في المدارس

رفض بعضهم الإخلاء والشرطة تستخدم القوة القسرية ضدهم بعدد من ولايات البلاد

العام الدراسي في السودان يزيد معاناة النازحين (اندبندنت عربية – حسن حامد)

ملخص

تفاقمت أزمة النازحين السودانيين مع بدء العام الدراسي إذ باتوا مطالبين بإخلاء مقار المدارس التي يتخذونها ملاجئ لهم

مع انطلاق العام الدراسي في ولايات السودان التي لم تتأثر بحرب العاصمة الخرطوم تفاقمت معاناة النازحين الفارين من ويلات هذا الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) دون التوصل لحلول بين الطرفين.

وتتمثل أزمة النازحين الجديدة التي تضاف إلى أزماتهم في أنهم بحاجة إلى إخلاء مقار المدارس وسكن الطلاب في مدن البلاد، حيث يتخذونها دوراً للإيواء وبات من الضروري إيجاد بدائل لهم.

ويواجه النازحون أمر الإخلاء وعند رفضهم استخدمت القوة القسرية ضدهم في بعض الولايات، مما أدى إلى الدخول في مشادات مع الجهات الأمنية وتفريقهم بالغاز المسيل للدموع، مما تسبب في حالات اختناق خصوصاً وسط شريحة الأطفال الذين دفعت بهم الحرب قسراً إلى ترك منازلهم، البالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين طفل حسب تقارير منظمة "اليونيسف".

قرار الإخلاء وافتتاح المدارس أثار ردود أفعال واسعة ورفضاً من ناشطين ومحامي الطوارئ ولجنة المعلمين السودانيين الذين يرون بأنه قرار مستعجل وغير مدروس وفيه نوع من العشوائية والارتجال، وكان من الأجدى توفيق الأوضاع، لا سيما أن المعلم أحد أهم أركان العملية التعليمية في ما يتعلق بالرواتب التي بدورها أدت إلى دخول المدرسين في إضرابات متواصلة، مما أعاق مسيرة التعليم.

 بوادر أزمة

يقول معاوية عبدالرحمن، نازح يقيم في مركز إيواء بولاية نهر النيل برفقة أسرته، "في ظل تنصل الحكومات من مسؤوليتها تجاه النازحين في بعض ولايات البلاد التي شهدت نزوحاً كثيفاً وعدم توفيق أوضاعهم الإنسانية، فضلاً عن أن النازحين في مراكز الإيواء يعتمدون على مجهوداتهم الفردية لتوفير سبل الإعاشة والصحة، فالغالبية العظمى منهم خرجت للبحث عن أعمال تعينهم، كما اتجهت النساء إلى صنع الحلويات وغيرها من الصناعات اليدوية البسيطة، إضافة إلى الدعم الذي يجدونه من بعض المنظمات الخيرية التي تستنفر طاقات الشباب وتقدم المساعدة والمساندة من مالهم الخاص، فضلاً عن دعم الأسر التي تقطن بالقرب من مراكز الإيواء المتمثل في تقديم الطعام والملبس، فهناك تعاطف مع الأسر النازحة في كل ما يلزمهم من متطلبات".

أضاف معاوية، "قرار الإخلاء الصادم بالنسبة للنازحين وتنفيذه دون إنذار مسبق زاد من معاناة النازحين، خصوصاً أن الدور فيها أصحاب أمراض مزمنة مثل الضغط والسكر وأمراض القلب وغسيل الكلى والسرطانات، مما يصعب الحركة والتنقل من مكان إلى آخر دون حلول بديلة تضمن الاستقرار، ومع رفض النازحين قرار الإخلاء تم ذلك قسراً كما فعلت بعض الولايات حسب متابعتنا، واستخدام الغاز المسيل للدموع".

ونوه إلى أن مراكز الإيواء جميعها تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث كانت المعاناة كبيرة في فصل الخريف بوجود المستنقعات والمياه الراكدة التي أدت لتوالد الحشرات والبعوض، مما عرض عديداً من النازحين للإصابة بالملاريا وحمى الضنك.

يتابع، مع حلول فصل الشتاء فإن الأزمة ستتفاقم لعدم توفر الأغطية التي تقيهم من البرد إلى جانب تخوفهم من الإصابة بالالتهابات ونزلات البرد، فكيف يصدر قرار في هذا الوقت بالإخلاء يعرض النازحين للمشكلات والضغوط النفسية التي فروا منها جراء الضرب بالأسلحة الثقيلة، وأين يذهب النازحون في ظل تطاول أمد الحرب واحتدام الاشتباكات وهدم المنازل؟".

 

 

في حماية القانون

عضو محامي الطوارئ، الناشطة في حقوق الإنسان نون كشكوش أوضحت، أن "الأحداث التي صاحبت فتح المدارس لهذا العام تضرر منها النازحون خصوصاً أنهم يتخذون المدارس دوراً للإيواء، فهؤلاء الناس عانوا كثيراً حتى تعودوا على البيئة، فهذا الإخلاء ليست له مبررات قانونية، وكان من المفترض إيجاد مساكن بديلة تتوفر فيها كهرباء ومياه صالحة للشرب وتكون بمثابة سكن ثابت حتى لا يتفاجأوا بترحيلهم متى لزم الأمر دون مراعاة لأوضاعهم النفسية وحالة الترقب والقلق التي باتت تلازم النازحين ومدى تنصل المسؤولين تجاه الوافدين من الخرطوم".

تابعت نون، "ما حدث مع النازحين من إخلاء قسري كما تابعنا في بعض الولايات دون إيجاد حلول بديلة مرفوض، وفق الوثيقة الدستورية وحقوق المواطنة والنزوح والأمان، وما اتبع يعد مخالفاً للقانون، فضلاً عن عدم وجود احتجاجات وشغب أو ارتكاب أفعال خارج القانون حتى تلجأ الجهات الأمنية لاستخدام القوة".

وفي ما يتعلق بالوضع الإنساني للنازحين أشارت نون، "وقفتنا مع النازحين لا تعني توقف العام الدراسي، ولكننا ندعو إلى توفيق أوضاعهم التي أصبحت معقدة مع استمرار الحرب، ومن المفترض أن تجد حكومات الولايات في البلاد حلولاً بديلة للنازحين، ويجب أن تقوم بهذا الدور دون الطرد القسري، كما كان يجب أن يكون هناك تعاون مع المنظمات والجهات التي تعمل في حقوق الإنسان التي تنشط في مساندة النازحين منذ تركهم منازلهم".

اقرأ المزيد

وأكدت عضو محامي الطوارئ أن النازحين في حماية وفقاً للدستور والقانون ولديهم احتياجات أساسية يجب تلبيتها قانونياً.

وفق إحصائية قامت بها لجنة المعلمين السودانيين تأكد أن حوالى 1245 مدرسة تحولت إلى دور إيواء للنازحين منها 154 مدرسة في ولاية نهر النيل و53 في ولاية سنار و57 في ولاية كسلا و501 في ولاية الجزيرة و510 في ولاية النيل الأبيض، إذ تعد هذه الإحصائية صادمة بالنسبة إلى النازحين في حال تجفيف المدارس وعدم إيجاد حلول بديلة.

 توفيق أوضاع

في السياق قال مسؤول الإعلام السابق بوزارة التربية والتعليم الاتحادية عادل محجوب "خلال ممارستي للعمل في الوزارة مررنا بأزمات عديدة، فضلاً عن وجود غرفة خاصة بالوزارة تضم عدداً من المسؤولين في الدولة من مجلس الوزراء ووزارة الداخلية والتعليم العالي والتعليم العام وجهاز الأمن والمخابرات وولاة الولايات، فداخل هذه الغرفة كانت تحل المشكلات والعقبات التي تواجه مسيرة التعليم في السودان، مثال ذلك ما كان يحدث في معسكرات اللاجئين في دارفور وتحديداً (كرمة) إلى جانب المعسكرات المنتشرة في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان، إذ كان يتم تجميع الطلاب في هذه الولايات وإجلاسهم للدراسة وتوفير كل ما يلزمهم".

وأردف محجوب، "في ظل هذه الأزمة التي تشهدها البلاد التي أدت إلى فرار المواطنين من الخرطوم أو الولايات التي تأثرت من الحرب إلى المناطق الآمنة للاحتماء بأهلها وحكوماتها، كنا نتوقع توفير الحماية وتوفيق أوضاعهم في كل مناحي الحياة بخاصة الولايات التي أعلنت استقبال النازحين، وأن تكون هناك معالجات فيها شيء من الحكمة".

واصل، "اتخاذ القرار لا يقتصر على الوالي فقط، وإنما يشمل جميع أطراف العملية التعليمية من مديري مدارس ومجالس تنفيذية، إذ إنهم جميعاً يتداركون المشكلات، بالتالي إيجاد حلول بديلة لتفادي أي مسلك يضر بالنازحين".

وزاد المسؤول الإعلامي، "كان من المفترض أن تتم عملية الإخلاء دون أضرار، وتوفير أماكن إقامة يشارك فيها المسؤولون والأهالي في الولايات من البيوت الفارغة أو إقامة مخيمات تحت إشراف حكومات الولايات".

وأكد أن الوزارة الاتحادية للتعليم، هى التي تشرف على الولايات في المواجهات العامة، وكل ولاية يستوجب عليها توفيق أوضاعها، أيضاً كان من الممكن أن تقسم المدرسة، جزء لسكن النازحين والآخر للدراسة على أن تكون الدراسة على فترتين صباحية ومسائية كما يتبع في كثير من الدول.

وأضاف المسؤول السابق في الوزارة، هذه حلول وبدائل دون اللجوء إلى أساليب لا تشبه قيم المجتمع السوداني فضلاً عن وجود ولايات تشكو قلة الإمكانات، كان الأجدى ترحيل النازحين إلى ولايات أفضل، كنت أتمنى أن تحذو الولايات حذو ولاية الجزيرة التي وفرت سكناً مؤقتاً للنازحين وأولتهم جل الاهتمام.

المزيد من متابعات