ملخص
قوات الحركات المسلحة تصل الفاشر والجيش يعزز قدراته ودفاعاته
تصاعدت حدة المعارك والاشتباكات بين الجيش و"قوات الدعم السريع" في أجزاء واسعة من ولاية الخرطوم، حيث شهدت معظم أنحاء العاصمة معارك ومواجهات وقصفاً متبادلاً عنيفاً، لا سيما في محيط القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم حيث دوت انفجارات قوية بالمنطقة، وفي شرق الخرطوم وجنوب الحزام وشمال ووسط مدينتي أم درمان والخرطوم بحري.
سلسلة هجمات
وشن الجيش سلسلة هجمات وغارات جوية وعمليات قصف مدفعي وجه خلالها ضربات عنيفة على مواقع وتجمعات لـ"الدعم السريع" في محيط سلاح المدرعات والسوق المركزية والخرطوم مرات عدة، كما استهدفت ضربات جوية مواقع "الدعم السريع" في محيط المدينة الرياضية وأحياء الصحافة وجبرة والمجاهدين ومايو وجنوب الحزام مخلفة سحباً وأعمدة من الدخان الأسود والغبار. وأفاد شهود بأن اشتباكات بين الطرفين وقعت في محيط استاد الهلال وشارع العرضة وسط أم درمان، وتمكنت مفرزة من سلاح المهندسين من القضاء على نقطة ارتكاز لـ"الدعم السريع" في الفتيحاب جنوب أم درمان والقضاء على معظم عناصرها.
طيران ومدفعية
وأوضحت مصادر عسكرية أن مدفعية الجيش الموجهة والطيران المسير هاجمت تجمعات "الدعم السريع" بمنطقة شمبات الأراضي بالخرطوم بحري، ودمرت متحركاً مقاتلاً لها غرب أم درمان، كما دمرت قوة من سلاح الإشارة منظومة مدفعية تتبع لها أيضاً في حي كافوري شرق النيل، أضافت المصادر أن سلاح طيران الجيش قام بغارات خارج الخرطوم استهدف خلالها مواقع "الدعم السريع" غرب وجنوب مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، قتل فيها أعداداً كبيرة منها على طريق بارا، موضحة في الوقت نفسه، أن الجيش يتقدم في أم درمان وأن الطيران دمر ارتكازاً لـ"الدعم السريع" بالقرب من ضاحية العيلفون شرق الخرطوم.
وشهدت منطقة الصحافة جنوب الخرطوم معارك عنيفة وتبادلاً للقصف المدفعي في حي كافوري شرق النيل.
اشتباكات وحصار
وأفاد مواطنون بتواصل الاشتباكات في أم درمان القديمة ومحيط الإذاعة والتلفزيون، سمعت خلالها أصوات إطلاق نار وسط المدينة، وشكت لجان مقاومة العباسية وسط المدينة من تضييق قوات "الدعم السريع" حصارها على المنطقة ومنعها المواطنين من الخروج لشراء احتياجاتهم. ودانت هيئة "محامو الطوارئ" الحصار الذي يواجهه المدنيون بأحياء أم درمان القديمة، مما تسبب بتجويع المدنيين وشل حركة المواطنين مع انقطاع تام لخدمات المياه والكهرباء وشبكات الاتصال. وأوضحت، في بيان أن القتال وسط الأحياء يعرض المدنيين للموت، ولا يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية أو إجلاء المرضى والمصابين، مما يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني بفتح ممرات آمنه لإنقاذهم بالحد الأدنى وحمايتهم.
على نحو متصل، أعلنت "قوات الدعم السريع" الإفراج عن الدفعة الثانية من أسرى الجيش بطرفها وعددهم 70 أسيراً وتسليمهم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وبثت على منصة "إكس"، مقطع فيديو لمراسم تسليم الأسرى بجنوب دارفور بحضور مندوبي الصليب الأحمر وعدد من ذوي الأسرى المفرج عنهم.
معاناة الخرطوم
وفي الوقت الذي تتفاقم فيه معاناة سكان العالقين وسط المعارك مع تردي أوضاع الخدمات، شكلت حكومة ولاية الخرطوم اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمة، ووضعت خطة للطوارئ للعمل على مدار الساعة لتلمس القضايا الإنسانية وتحديد الأضرار والحلول والاحتياجات وتسلم وتوزيع المساعدات الإنسانية وضمان وصولها للمستحقين، وأقرت اللجنة خطة لتحقيق الاستقرار في المناطق ذات الكثافة السكانية والمساعدة في إصلاح أعطال محطات المياه والكهرباء. وأكدت اللجنة ضرورة وضع احتياطات كافية للطوارئ الإنسانية والصحية والاستجابة السريعة والتواصل المباشر مع المواطنين، إلى جانب تكوين لجان متخصصة تضطلع بمهام الطوارئ.
تعزيزات بالفاشر
في غضون ذلك، وصلت إلى مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور التاريخية قوات إضافية من حركتي "العدل والمساواة" و"تحرير السودان" لتلتحق بالقوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة الموقعة على السلام، بعد أن قررت التخلي عن الحياد ودخول الحرب إلى جانب الجيش.
وتمثل مدينة الفاشر، التي يقطنها ما يزيد على مليون نسمة وأعداد كبيرة من النازحين بمعسكرات أبو شوك وزمزم وأبوجا للنازحين القدامى فضلاً عن مئات الأسر النازحة حديثاً، مأوى كبيراً ومحوراً للعون الإنساني لكل الإقليم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حذرت قيادات أهلية من أن تقود الحرب الحالية بين الطرفين إلى مواجهات دموية قد لا تخلو من الطابع العرقي بالنظر إلى القبائل التي تتشكل منها غالبية "قوات الدعم السريع" والمكونات القبلية التي تتشكل منها القوة المشتركة لحركات السلام المسلحة، مما يعني الانفلات التام والحرب الأهلية. وتابعت "مخاوف الاشتباك تتزايد في ظل إصرار الدعم السريع على الاستيلاء على المدينة، على الرغم مما حققته جهود قيادات الإدارات الأهلية والمجتمعية بالمدينة من تفاهمات لمنع اندلاع القتال داخل المدينة، قضت بأن تبقى الدعم السريع في الجانب الشرقي من المدينة، في الوقت الذي توجد فيه قوات الجيش بمقرها على الجانب الغربي منها، وتتولى القوات المشتركة للحركات المسلحة حماية المؤسسات العامة والأسواق وسط المدينة".
جهود جوبا
سياسياً، أكد البيان الختامي للقاء وفد قوى الحرية والتغيير برئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، في جوبا، ضرورة الوقف الفوري للحرب بالسودان ومعالجة جذور الأزمة والأسباب التي أدت لاندلاعها. وشدد على وحدة السودان وسيادته، ورفض كل ما يؤدي إلى تمزيقه أو إطالة أمد الحرب أو تحويلها إلى حرب مجتمعية، والتصدي للكارثة الإنسانية وتقديم العون الإنساني لملايين السودانيات والسودانيين المتضررين. وتم، وفق البيان، الاتفاق على العمل المشترك لتوحيد المنابر والمبادرات المتعددة في تكامل بين منبر جدة ومنظمة "إيغاد" والاتحاد الأفريقي ومبادرة دول الجوار في شراكة إقليمية ودولية تمتد إلى ما بعد إنهاء الحرب في إعادة الإعمار وخلق مناخ إقليمي ودولي للسلام والاستقرار. وأكد الجانبان عملية سياسية تنهي الحرب وتؤسس لنظام مدني ديمقراطي، على أن يتم الاتفاق على أطرافها وأجندتها وموعدها، مع السعي إلى تطوير العلاقات المشتركة والوصول إلى رؤية شاملة لوقف الحرب.
وفي سياق متصل، شرعت "الكتلة الديمقراطية"، الشق الآخر للحرية والتغير، في ترتيبات تلبية دعوة رئيس جمهورية جنوب السودان لإجراء مشاورات سياسية بخصوص الأزمة السودانية للبحث عن حلول لإنهاء الحرب.
مزيد من الموت
أممياً، حذر أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط من أن أي تأخير في الاستجابة الإنسانية للسودان يكلف مزيداً من الخسائر في الأرواح، إذ يواجه أكثر من 20 مليون شخص مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، كما يواجه كل طفل دون سن الخامسة سوء التغذية الحاد. وأوضح المنظري في بيان، أن إحصائيات صادمة تؤكد أن نحو 11 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات صحية عاجلة، وما يقارب 25 مليوناً آخرين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وأعرب المسؤول الأممي عن بالغ قلقه تجاه الوضع الإنساني البائس في دارفور حيث معظم المستشفيات متوقفة عن العمل بسبب تعرضها للنهب والأضرار وفقدان الموظفين، لافتاً إلى أن على العالم ألا ينسى أن الشعب السوداني لا يزال يعاني وضعاً كارثياً مماثلاً لما يحدث في غزة. وتابع أن التفشي السريع لوباء الكوليرا ضاعف من تعقيد الاحتياجات الإنسانية المتزايدة بشكل قياسي.
جوع ورعب
إنسانياً، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن يناير (كانون الثاني) المقبل سيشهد توقف المساعدات الغذائية المقدمة إلى 1.4 مليون شخص في دولة تشاد، بسبب نقص التمويل، بمن في ذلك اللاجئون الذين وصلوا حديثاً هرباً من العنف في دارفور. وحذر البرنامج، في بيان، من أن الملايين في تشاد يواجهون انعداماً للأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية بخاصة الأطفال بسبب مجموعة من الكوارث بما في ذلك تأثير أزمة المناخ وارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
ويشكل مرض سوء التغذية وفقاً لأحدث تقييم طارئ للأمن الغذائي مصدر قلق كبيراً شرق دولة تشاد حيث يعانيه 1.36 مليون طفل دون سن الخامسة، كما تتضاعف تعقيدات الوضع أكثر وسط مجتمعات اللاجئين بحسب برنامج الغذاء العالمي.
وكشفت منظمة العفو الدولية عن أن المدنيين في السودان يعانون حالة من الرعب لا يمكن تصورها وسط أعمال عنف ذات دوافع عرقية في دارفور. وذكر أحدث تقرير للمنظمة أن الفارين من أحداث أردمتا إلى شرق تشاد أكدوا "استهداف قوات الدعم السريع والميليشيات الرجال والنساء والأطفال في أردمتا بغرب دارفور"، ووصفوا مشاهد مروعة لهجمات ذات دوافع عرقية.
حلقات الرعب
وأوضح المدير الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا بالمنظمة تيغيري شاغوتا أن المدنيين في غرب دارفور عالقون في دورات لا تنتهي من الألم، مع استمرار وقوع الهجمات ذات الدوافع العرقية، وطالبت المنظمة بضرورة كسر حلقات الرعب ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين، إذ إن استمرار انعدام المساءلة عن جرائم الماضي هو أحد الأسباب الجذرية لتجدد العنف، داعية في الوقت عينه، الدول جميعاً إلى احترام حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على دارفور.