عندما حصلت على وظيفة في شركة الخطوط الجوية البريطانية، كنت فخورة جداً بأنني سوف أسافر إلى جميع أنحاء العالم، وأتعرف على أطعمة وثقافات وروائح جديدة وأستمتع بالحياة.
كنت شابة حديثة التخرج من الدراسة ومتحمسة للعمل في شركة طيران محترمة كهذه. وكان العمل مع الخطوط الجوية البريطانية جذاباً وراقياً وتجسيداً لفكرة أن العالم هو بين يديك.
أثناء عملي في الخطوط الجوية البريطانية، أخذت إجازات، مدفوعة الأجر وغير مدفوعة على حد سواء، للعمل في عدد من مشاريع التضامن مع اللاجئين. في نهاية الأمر، أخذت إجازة طويلة لتنسيق عمل مركز نسائي داخل مخيم للاجئين في شمال اليونان.
حينئذ أدركت تماماً التناقض بين تجربتي في الطيران والسفر وبين تجربة المُرحلين. فالمضيفون في الخطوط الجوية البريطانية هم وجه الشركة وهم وراء عودة الزبائن إليها، كما أنهم يشعرون بالفخر بتمثيل بريطانيا. لكن التناقض العنيف والصارخ بين المسافرين في عطلات وأولئك الذين يتم إبعادهم قسراً عن أصدقائهم وعائلاتهم ومنازلهم لينقلوا إلى أماكن غير آمنة أو حيث سيتعرضون ربما للاضطهاد والتعذيب، كان صارخاً.
ولكن كيف تسنى لي عبور هذه الحدود بحرية، فيما يجد أولئك الذين يحاولون الهرب من الاضطهاد والعنف، رحلةً تهدد حياتهم؟
تدفع عمليات الترحيل موظفي شركات الطيران إلى التواطؤ قسراً مع بيئة معادية وعنيفة تديرها وزارة الداخلية. فغالبية عمليات الترحيل تتم باستخدام شركات الطيران التجارية من خلال عقود تربطها بوزارة الداخلية، التي تنظم عملية نقل الأفراد على متن الرحلات الجوية التجارية جنباً إلى جنب المسافرين العاديين. وفي إحدى الحالات المأساوية، أدى ذلك إلى وفاة جيمي موبينغا على متن رحلة تابعة للخطوط الجوية البريطانية.
وأبلغ الركاب عن سماع صراخ موبينغا وكيف تعرض للاختناق أثناء تقييد موظفي شركة "جي فور إس" الأمنية، له. لقد بدا ذلك مروعاً، حتى أن أحد مضيفي الطيران السابقين في الخطوط البريطانية رفع دعوى قضائية ضد "جي فور إس" جراء الإصابة بصدمة مشاهدة حادثة الوفاة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيف يمكن شركة ما مثل شركة الخطوط الجوية البريطانية أن تطلب من موظفيها المشاركة في هذه العملية المشينة والمتعثرة؟ فالخطوط البريطانية تدعي أنها شركة جامعة ترفع لواء "القيم البريطانية". لذلك أود أن أسألها عن القيم التي ترى أنها تلتزمها حين تنفيذ عمليات الترحيل هذه، ومن هم بالضبط الذين تخدمهم بالإضافة إلى نظام حكومي مثير للانقسام؟
أوافق ديان أبوت، وزيرة الداخلية في حكومة الظلّ، الرأي حين إعلانها إن أي شركة طيران تتعامل مع النظام الحالي لوزارة الداخلية تضع الأرباح بشكل واضح قبل حقوق الإنسان. وفي رأيي، فإن شركة الخطوط الجوية البريطانية تقدم الأرباح بشكل واضح على راحة وطمأنينة موظفيها وزبائنها. ولكن الأخطر من ذلك، يبدو لي أنهم يرجحون كفة الأرباح على كفة كرامة المحتاجين وإنسانيتهم.
أثناء عملي مع الخطوط البريطانية، تحدثت إلى عدد من المديرين الداخليين بشأن موقفي الشخصي حيال هذه القضية، ولقيتُ الجواب نفسه مراراً وتكراراً ألا وهو أن الشركة لا تملك خياراً في هذا الشأن. وهم يقولون إنهم ملزمون قانوناً بتنفيذ أي عملية ترحيل تطلبها وزارة الداخلية منهم. لكن لماذا تمكنت شركات الطيران الأخرى، مثل "فيرجين أتلانتيك"، من التوصل لاتفاق على إنهاء مشاركتها في عمليات الترحيل القسري؟
وكانت هذه اللامبالاة المطلقة بهذه الاعتبارات ما حملني على اتخاذ قرار بترك المؤسسة ورفض العمل مع برنامج "Flying Start" للخطوط البريطانية. أعلم أن مجموعة مذهلة من الموظفين في الشركة يتأثرون بهذه المشكلة يومياً، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلتني أدعوها إلى إعادة النظر في موقفها من هذه المسألة.
وفي فيديو ترويجي للذكرى المئوية لتأسيسها، تقدم شركة الطيران بريطانيا كبلد مليء بالحب والأمل والتعاطف. فلماذا لا تتحلى الخطوط الجوية البريطانية بهذه القيم بدلاً من التلطي وراء وزارة الداخلية؟
(إليزابيث بيرد موظفة سابقة في الخطوط الجوية البريطانيةـ وقد تم تغيير الأسماء لحماية هوية الكاتبة)
© The Independent