ملخص
يشهد العراق انتخابات محلية في الـ18 من ديسمبر الجاري وسط مخاوف من خروقات أمنية تؤثر فيها.
تتزايد المخاوف الأمنية كلما اقترب موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق التي من المنتظر إجراؤها في الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، الذي يتزامن مع مخاوف أخرى ترتبط بالتأثير في سير العملية الانتخابية في ظل التجاذبات السياسية والصراعات بين المنافسين ومحاولة التأثير في الناخبين.
ويحق لأكثر من 16 مليون ناخب عراقي التصويت في الانتخابات المحلية المقبلة، ويشير متخصصون في الشأن العراقي في حديثهم لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن الانتخابات المحلية المقبلة في العراق تمثل مرحلة مفصلية مهمة للتمهيد للانتخابات الاتحادية وهي تجري في أجواء سياسية مشحونة محلياً وإقليمياً ودولياً.
خطط أمنية
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة أن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وافق على خطة تأمين الانتخابات المحلية، موضحة أن الخطة لا تتضمن قطوعات أو فرض حظر للتجوال.
وقال نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول ركن قيس المحمداوي في تصريح صحافي، إن "انتخابات مجالس المحافظات تختلف بشكل جذري عن نظيرتها البرلمانية"، مبيناً أنه "وفق الخطة وبعد موافقة شياع السوداني، سنعمل على عدم وجود أي قطوعات بالشوارع سواء داخل بغداد أو عموم المحافظات".
وأضاف أن "حركة المواطنين ستكون طبيعية إلا أنه ستكون هناك عطلة رسمية"، مشيراً إلى أن "الخطة لا تتضمن فرض حظر للتجوال بعموم المحافظات، لكن وفق المعطيات والتطورات على الأرض قد تكون حالة معينة تتطلب إجراء حظر في منطقة أو مركز انتخابي أو قاطع معين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونبه إلى أن "جميع الأوامر التي وصلت إلى القيادات من اللجنة الأمنية العليا للانتخابات واللجان الفرعية لا تتضمن فرض حظر للتجوال أو غلق المطارات أو المنافذ الحدودية أو حظر تجوال وقطع طرق بين المحافظات"، لافتاً الانتباه إلى أن "خطة هذه الانتخابات ستعطي رسالة حول أمن واستقرار العراق وستسهل حركة المواطنين سواء للانتخاب أو لمصالحهم الشخصية".
وأشار إلى أن "الانتخابات المقبلة تعتبر استحقاقاً وطنياً، إذ إن موعد التصويت الخاص هو يوم 16 أما التصويت العام فسيجري يوم الـ18 من ديسمبر الجاري".
وزاد أن "القطعات الأمنية ستنتشر بشكل كبير مع وجود رؤية أمنية واستخبارية لتأمين كل مراكز الاقتراع بعموم محافظات العراق"، معرباً عن أمله أن "تكون الأجواء آمنة للمواطن للإدلاء بصوته بكل حرية".
وطالب بضرورة "تهيئة الأجواء الآمنة ومنع من يعتدي على المرشحين أو المراكز الانتخابية والقاعات الأمنية وفقاً للقانون"، موضحاً أن "مسألة المقاطعة وعدم التصويت هذا الشأن يخص المواطن".
وذكر أن "هناك تنسيقاً عالياً مع مفوضية الانتخابات"، لافتاً إلى أن "ما يميز هذه الخطة هو تكرار الفحوص لأجهزة المفوضية والبطاقات، كما أن جميع الأمور تسير بالاتجاه الطبيعي".
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، التقى في وقت سابق رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وبحثا الأوضاع العامة في البلاد، وجهود الحكومة في التهيئة لإقامة انتخابات مجالس المحافظات، وتأكيد التعاون بين القضاء والأجهزة الأمنية، من أجل ملاحقة كل من يرتكب أفعالاً مخالفة للدستور والقانون، من شأنها أن تعوق إجراء العملية الانتخابية.
مؤشر خطر
بدوره يرى الباحث الأمني العراقي عماد علو أن المخاوف الحكومية من التأثير في أمن الانتخابات مصدرها مخاوف عديد من القوى السياسية، مضيفاً "نلاحظ في الشارع العراقي اليوم تمزيق اللافتات والإعلانات الانتخابية لبعض المرشحين فضلاً عن حادثة اغتيال لأحد المرشحين في محافظة ديالي، وهو فاضل المرسومي يعكس مؤشراً خطراً على استخدام السلاح السياسي في الانتخابات للتأثير في خيارات الناخبين".
وتابع أن تأمين الانتخابات والإجراءات الأمنية إلى الآن لم تأخذ في الاعتبار تأمين المرشحين أو المراكز الانتخابية، مطالباً أن ذلك سيؤثر في إجراء العملية الانتخابية سلباً ويرسل رسائل على عدم فعالية الإجراءات الأمنية التي تأخذها الحكومة لإجراء التصويت".
وحث على ترجمة المخاوف الحكومية إلى تصعيد العمل الاستخباري وانتشار القطعات العسكرية والأمنية في المراكز بمحطات ومراكز الاقتراع، علاوة على التركيز على الأمن السيبراني خلال هذه المرحلة.
صراع إقليمي ودولي
في المقابل كشف الأكاديمي والمتخصص في الشأن القانوني خالد العرداوي عن أن الانتخابات المحلية المقبلة في العراق تمثل مرحلة مفصلية مهمة للتمهيد للانتخابات الاتحادية التي تأتي بعدها، إذ تجري في أجواء سياسية مشحونة محلياً وإقليمياً ودولياً، ومن الخطأ النظر إليها على أنها مجرد صراع سياسي عراقي، بل هي امتداد لصراع إقليمي ودولي أوسع.
ورأى أن "من المتوقع أن ترتفع نبرة التشاحن ومحاولة القوى المشاركة فيها النيل من بعضها بعضاً، بل وستزداد هذه النبرة كلما اقتربنا أكثر من الموعد النهائي لإجرائها فنجاح الانتخابات سيعني نجاح القوى المشكلة للحكومة، وتأكيد على استمرارية نفوذها وسيطرتها، وفشلها سيعني فشلها بالتأكيد، والفشل هنا لا يقتصر على عدم إجراء الانتخابات، وإنما يمتد إلى نتائجها ومخرجاتها المباشرة".
أجنحة مسلحة
في حين يرى الباحث السياسي مجاشع التميمي أن هناك انتشاراً كبيراً للسلاح في العراق، وتقدر 10 ملايين قطعة سلاح خفيفة خارج سلطة الدولة، وسط مخاوف أمنية حقيقية من هذا الرقم، مبيناً أن هذه الانتخابات ستشهد مقاطعة من أطراف سياسية كبيرة لديها جمهور ناقد وأي احتكاك يؤثر في التصويت، وربما يعني ذلك تأجيل الاقتراع.
وأضاف "في ديالى الوضع سيئ جداً بعد أن قتل أكثر من 30 شخصاً في نزاع بين أطراف سياسية متصارعة، فهناك أطراف دخلت الانتخابات ولديها أجنحة مسلحة ويمكن أن تستخدمها ضد منافسيها"، مشيراً إلى أن اغتيال أحد رؤساء القوائم الانتخابية وهو رئيس حزب في محافظة ديالى ربما كل هذه تثير مخاوف وقلق الأجهزة الأمنية.
وختم حديثه بالإشارة إلى أن المحافظات الجنوبية فيها صراعات عشائرية وحزبية كبيرة في اعتبار معظم الأحزاب الإسلامية هي لديها أجنحة مسلحة، موضحاً أنه لا تزال هناك جيوب لتنظيم "داعش" الإرهابي في المحافظات الوسطى والشمالية وتحد كبير باستهدافه القواعد العسكرية العراقية التي تضم مستشارين وقيادات أمنية وعسكرية أميركية من قوات التحالف الدولي.