خَرَجَ المئات إلى الشوارع وسط موسكو، السبت الـ31 من أغسطس (آب) الحالي، احتجاجاً على "القمع السياسي"، ومطالبين بانتخابات حرة للمجلس التشريعي للعاصمة الروسيَّة، متحدّين حظراً فرضته السلطات، واعتقالات عنيفة شهدتها احتجاجات سابقة، وذلك قبل أسبوع من موعد الانتخابات المقرّرة في الثامن من سبتمبر (أيلول) المقبل.
وسار ما يصل إلى ألفي محتجٍ عبر أحد شوارع موسكو الرئيسة، مردّدين هتافي "روسيا ستصبح حرة"، و"هذه مدينتنا". وحافظت التظاهرة على هدوئها، من دون أن يشارك فيها المعارض أليكسي نافالني الذي دعا إلى تنظيمها عند الساعة 14,00 (11,00 ت.غ.) في جادة رينغ بوسط العاصمة.
وحمل المتظاهرون لافتات تدعو إلى إطلاق سراح "السجناء السياسيين" الذين اُعتقلوا خلال تظاهرات سابقة.
وقالت المرشّحة المعارضة ليوبوف سوبول، المتحالفة مع نافالني، "لا بدّ من احترام حقوق سكان موسكو". وكانت هذه المحامية الشابة تعرّضت للرشق بالوحل قرب منزلها، الخميس الماضي.
تواقيع غير صالحة
منذ يوليو (تموز) الماضي، شهدت موسكو تظاهرات بشكل شبه أسبوعي، بعدما حرمت السلطات معظم ناشطي المعارضة من الترشّح لانتخابات برلمان المدينة. ورُفضت طلبات ترشّح كثير من المعارضين، باعتبار أن التواقيع الواردة فيها غير صالحة.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "التواقيع مزوّرة"، مضيفاً في تصريح الأسبوع الماضي "الهيئات الانتخابيَّة وجدت في طلباتهم تواقيع لأشخاص توفوا منذ زمن طويل".
لكنْ مرشحي المعارضة لم يتوانوا عن الرد على بوتين، واتهم الناشط السياسي إيليا ياشين الرئيس الروسي بـ"الكذب"، وقدّم طلب استئناف للمحكمة العليا لإعادة تفعيل ترشيحه.
وأُوقف ياشين، الأربعاء الماضي، للمرة الخامسة منذ يوليو (تموز)، لخرقه قواعد التجمّع العام.
تجهيز مدافع المياه
وتحوّلت تظاهرات المعارضة في موسكو إلى أكبر حركة احتجاج متواصلة في روسيا منذ الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2013، حين خرج المتظاهرون إلى الشوارع للاحتجاج على عودة بوتين إلى الكرملين، في انتخابات اعتبروها "مزوّرة".
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، حذّر المدّعون العامّون في موسكو من أن "التظاهرة التي دعا إليها نافالني غير مصرّح بها"، ومن أن المشاركين فيها "سيتحمّلون المسؤولية".
وكان سياسيون معارضون طلبوا "إذناً لتنظيم المسيرة، لكن طلبهم رُفض".
ونشر ناشطون من موسكو، على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لمدافع مائية قالوا إنها نُشرت على طول خط التظاهرة المقرّرة، التي سُمّيت بـ"المسيرة ضدّ القمع السياسي".
توقيف المئات وتحقيقات بـ"اضطرابات"
وأطلقت السلطات في موسكو تحقيقاً واسعاً في "اضطرابات" الحركات الاحتجاجيَّة، ما قد يؤدي إلى إصدار أحكام بالسجن مدةً طويلةً بحق بعض المشتبه بهم، بعدما أوقفت الشرطة آلاف الأشخاص خلال التظاهرات.
كما فُتحت دعاوى جنائية بحقّ كثيرٍ من المشاركين في التظاهرات بتهم شملت "إثارة أعمال شغب" و"العنف ضدّ الشرطة"، وهُدّد زوجان على الأقل بفقدان حقوق الأبوة لإحضار أولادهما إلى التظاهرات.
وأطلق كذلك تحقيقٌ آخر بحقّ منظمة نافالني المناهضة الفساد، التي أصدرت عدّة مقاطع فيديو تشير إلى أن كثيراً من المسؤولين في بلدية موسكو، التي يرأسها سيرغي سوبيانين حليف بوتين، متورّطون في فضائح فساد. واتهمت المنظمة بتبييض الأموال.
وحسب منظّمة "أو في دي إينفو"، المتخصصة بمتابعة التوقيفات والملاحقات ذات الخلفية السياسية، أوقفت الشرطة نحو 2700 شخص خلال التظاهرات هذا الصيف.