Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدفاع المدني في غزة يتصدى لمهام صعبة بوسائل بدائية

يفتقد المعدات اللازمة لتلبية النداءات الإنسانية ويسترشد بالذباب للعثور على أماكن الجثث 

ملخص

أرواح تحت الركام... "اندبندنت عربية" بصحبة عمال الدفاع المدني في غزة

يخرج رجل الدفاع المدني أحمد سلمان من تحت أنقاض منزل دمرته الطائرات الإسرائيلية في غزة حاملاً بين يديه الطفلة أفنان بعد مكوثها 27 ساعة بين الركام.

بعدما تلقى سلمان إشارة من مديرية الدفاع المدني بوجود أحياء في المنزل المدمر، توجه على الفور إلى مكان البلاغ وأخذ يفحص الأطلال عله يتوصل إلى موقع الأحياء، لكنه فشل في مهمته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتبع سلمان أسلوباً بدائياً وأخذ ينادي، "هل من أحد على قيد الحياة؟ أرجوك أصرخ لنعرف مكانك"، وبعد لحظات سمع صوت طفلة تنادي، "أنا هنا".

بصعوبة حدد مكانها وبواسطة جاروف صغير أخذ يحفر الأنقاض، وبعد ساعات تمكن من صنع حفرة تدلى منها ووصل إلى أفنان وأنقذها من موت محقق، إذ كان جسدها عالقاً بين حجارة ضخمة إذا تعرضت لأي تحريك فستطبق على الطفلة.

الجهد الجبار الذي بذله سلمان بواسطة أدواته البسيطة يمثل آلية عمل جميع طواقم الدفاع المدني التي نفذت على مدى 70 يوماً من الحرب في غزة أكثر من 30 ألف عملية استجابة إنسانية بالقطاع، جرى معظمها من دون أية معدات تذكر.

أصعب المهمات

يعد جهاز الدفاع المدني أحد فرق "المستجيب الأول للإسعاف والطوارئ" في غزة، والذي يضم أيضاً الهلال الأحمر الفلسطيني والخدمات الطبية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وجميعهم يعملون بأدوات بسيطة وسط بيئة خطرة جداً.

لكن يقع على عاتق الدفاع المدني تنفيذ أصعب المهمات وأكثرها تعقيداً، إذ يتولى عناصره الذين لا يزيد عددهم في جميع محافظات القطاع على 700 عنصر، مهمة رفع الأنقاض وانتشال الجثامين وإنقاذ الأحياء وإطفاء الحرائق وتقديم خدمات الإسعاف، إضافة إلى تلبية النداءات الإنسانية ومساعدتها.

 

 

ويستجيب عناصر الدفاع المدني لهذه المهمات بلا أدوات، ويجابهون الظروف القاسية بجهودهم الشخصية فقط، حتى باتوا عاجزين عن التعامل مع هذا الكم الهائل من البيوت المدمرة بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل.

يصف سلمان طبيعة عمله خلال الحرب الدائرة في القطاع بـ"المهمة العجيبة"، ويقول "مطلوب من عناصر الدفاع المدني إنقاذ الأرواح أسفل المنازل التي تحولت إلى أنقاض، وفي الوقت نفسه لا نمتلك وقوداً لسيارات عملنا، ولا اتصالات لنعرف مكان القصف، ومعداتنا لا شيء سوى أدوات بدائية".

منذ ثلاثة أيام، يعيش سكان غزة من دون اتصالات أو إنترنت بعد توقفهما بصورة مفاجئة عن جميع محافظات القطاع، وبحسب وزارة الاتصالات فإن أضراراً بالغة لحقت بالمقاسم الرئيسة لمزودي الخدمات أدت إلى توقف الاتصالات والإنترنت.

وهذا الانقطاع يسفر عن تعقيد مهمة الدفاع المدني، فيضيف سلمان أن "هذه مشكلة فظيعة، أصبحنا نذهب لإنقاذ الناس متتبعين صوت الانفجار أو نقول للعناصر ’إتبعوا سيارات الإسعاف‘، أو نرسلهم إلى المستشفى لسؤال الجرحى عن مكان القصف، نستخدم أساليب بدائية جداً بل أسوأ من البدائية".

مجاريف ومطارق

وإذا تمكن عناصر الدفاع المدني من الوصول إلى مكان القصف، فإن مهمتهم العجيبة تبدأ حين ينزلون من السيارات الحمراء يرتدون زيهم الذي يطغى عليه اللون الأسود، حاملين معهم بعض المجاريف والمطارق الصغيرة.

يؤكد سلمان أن معظم عملهم بات يعتمد على المجاريف اليدوية في تحطيم الباطون بغرض إنقاذ المدنيين العالقين بين الركام، متابعاً أن "المعدات اليدوية خطرة، للأسف من المحتمل أن نقتل من نحاول إنقاذه بواسطة هذه الأدوات".

 

 

كانت لدى جهاز الدفاع المدني سيارة مؤهلة وممتازة، لكن الجيش الإسرائيلي قصفها وأبقى على المركبات غير المؤهلة فقط، كما كان لدى الطواقم في مدينة دير البلح وسط القطاع "باقر" (وهو آلة ميكانيكية لتحطيم الباطون) واحد، ولكنه تعطل هو الآخر.

ويشير سلمان إلى أن "سياراتنا كافة غير مؤهلة، وكل هذا بفعل الحصار الإسرائيلي، فلم تدخل أية معدات لنا منذ عام 2006، ولا إمكان لإصلاح ’باقر‘ في ظل هذه الحرب، وكل المعدات التي تعطلت لا يمكن إصلاحها".

أهوال الميدان

في الميدان، يرى سلمان أهوالاً يصفها قائلاً "شاهدت نصف رجل ورؤوساً مقطوعة وجثثاً متحللة يخرج منها الدود، أستطيع القول إن هذه الحرب هي الأبشع في التاريخ الحديث ولم ترحم أحداً".

والأصعب من ذلك هو تنفيذ مهمة الإنقاذ، إذ يلفت إلى أن الأولوية هي لانتشال الأحياء، أما الجثث فهذا الأمر متوقف على توافر المعدات لاكتشاف وجود بشر تحت الأنقاض، لذلك تستخدم العناصر أساليب بدائية مثل تتبع الذباب بعد مضي أيام عدة على القصف.

ويقول مدير مديرية الدفاع المدني محمود بصل، "نفتقر إلى كل شيء، فلا مجسات لدينا تكشف عن وجود إنسان تحت الأنقاض، ولو كانت لدينا آليات كافية لكان من الممكن إنقاذ عدد أكبر بكثير من الأشخاص".

ويضيف أن "طواقمنا عاجزة عن التعامل مع الكم الكبير من الدمار، نحن غير قادرين على العمل أو السيطرة، لا يزال هناك الآلاف تحت الأنقاض على مستوى قطاع غزة من دون مبالغة، ونخشى ارتفاع الرقم أكثر مع استمرار الحرب".

ويوضح أنهم تواصلوا مع دول عدة لتوفير مركبات إطفاء وإنقاذ وأجهزة الكشف عن الأحياء تحت الأنقاض وعناصر بشرية تساعد في مهمات الإنقاذ وأجهزة وأقنعة تنفس، أسوة بما يحدث في الكوارث على مستوى العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات