استقبلت ميليشيات الحوثي في اليمن جولة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بمزيد من التصعيد في البحر الأحمر الذي تهدد الملاحة فيه منذ سنوات، على وقع دعوات أممية وإقليمية تحذر من انفجار المنطقة على خلفية الاستقطاب الدائر فيها، جراء الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة لأكثر من شهرين.
وأكد المتحدث باسم الحوثيين يحيى سريع في وقت مبكر من مساء اليوم بالتوقيت المحلي، أن القوات البحرية "نفذت عملية عسكرية نوعية ضد سفينتين لهما ارتباط بالكيان الصهيوني"، بحسب تعبيره، الأولى قال إنها سفينة "سوان أتلانتك" محملة بالنفط والأخرى سفينة "أم أس سي كلارا" تحمل حاويات وقد تم استهدافهما بطائرتين بحريتين.
وأكد أن "استهداف السفينتين جاء بعد رفض طاقميهما الاستجابة لنداءات قوات" الميليشيات، التي لفت إلى أنها "تجدد طمأنتها لكافة السفن المتجهة إلى كافة الموانئ حول العالم عدا الموانئ الإسرائيلية بأنه لن يصيبها أي ضرر وأن عليها الإبقاء على جهاز التعارف مفتوحاً. كما تجدد القوات المسلحة اليمنية أنها لن تتردد في استهداف أي سفينة تخالف ما ورد في بياناتها السابقة".
وجددت الحركة إصرارها على المضي في "منع كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت من الملاحة في البحرين العربي والأحمر".
وكان الوزير الأميركي بدأ جولته بتقديم التعازي في أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح وإيصال رسائل دعم البيت الأبيض للشعب الكويتي في هذه الفترة الحساسة، وفق البيت الأبيض.
ويستهدف التحرك الأميركي تعزيز التعاون الأمني والعلاقات الثنائية مع دول المنطقة، تأكيداً لالتزام الولايات المتحدة بالاستقرار والأمن، خصوصاً بعد التحديات التي تواجهها المنطقة من هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر لإظهار دعمها لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة والتي استهدفت طريقاً يتيح التجارة بين الشرق والغرب لا سيما تجارة النفط عبر قناة السويس، دفعت بعض شركات الشحن إلى إعادة توجيه السفن لتجنب المنطقة.
تهديدات السفن
وتقول المصادر الأميركية إن زيارة أوستن لها، تأتي لإطلاق مبادرة تحمل اسم "عملية الازدهار والحماية والعمل" تعزيزاً لما كان يعرف بفرقة العمل البحرية التي انضمت إليها أكثر من 30 دولة، وهي مبادرة جديدة لتأمين وحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر والبحر العربي من الهجمات المتزايدة التي تشنها جماعة الحوثي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى أن تهديدات الحوثيين أصبحت "عالمية وتشكل تحدياً دولياً"، وذلك مع تصاعد الهجمات على السفن في ممرات ملاحية تستهدفها الجماعة المتحالفة مع إيران، بشنها هجمات على سفن في منطقة البحر الأحمر في إطار الاحتجاج على القصف والضربات والاجتياح البري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة بعد تنفيذ "حماس" لهجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقالت شركتان كبيرتان للشحن إحداهما "أم أس سي" أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم مطلع الأسبوع إنهما ستتجنبان قناة السويس بسبب هجمات حركة الحوثي التي تسيطر على أجزاء كبيرة من اليمن.
وأردفت شركة "بريتش بتروليوم" النفطية الرائدة عبر بيان لها، أنها ستعلق جميع عمليات النقل عبر البحر الأحمر موقتاً في ضوء تدهور الوضع الأمني فيها، معتبرة أن "سلامة وأمن موظفينا وأولئك الذين يعملون نيابة عنا تمثل أولوية للشركة".
مركز الثقل
وفي وقت سابق من هذا الشهر ذهب أوستن إلى حد وصف المدنيين بأنهم "مركز الثقل" في حرب إسرائيل ضد "حماس"، إذ تمثل الزيارة بالنسبة لوزير الدفاع الأميركي عملية موازنة دقيقة أيّد فيها ما يسميه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في أعقاب الهجمات المباغتة لـ"حماس" ضد إسرائيل، لكنه أصبح أيضاً صريحاً بشكل متزايد بشأن محنة المدنيين في غزة حيث تؤدي الضربات الإسرائيلية إلى زيادة الخسائر في الأرواح.
وقال مايكل آيزنشتات مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن "الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتان في ما يبدو على الانتقال النهائي إلى المرحلة التالية من الحملة"، مضيفاً أن واشنطن "تريد أن يحدث ذلك عاجلاً، ربما في غضون أسابيع قليلة في حين تشعر إسرائيل أنها بحاجة لمزيد من الوقت".
مخاوف من تجدد الصراع في اليمن
يمنياً، تنامت المخاوف نحو التوتر في المياه الغربية للبلاد جراء التصعيد الحوثي في البحر الأحمر عقب فترة من الهدوء.
وفيما يتهم يمنيون الميليشيات المدعومة من إيران بانتهاز أحداث غزة كفرصة للتحشيد الجماهيري والعسكري والسياسي لمصلحتها، يحذر خبراء ومراقبون من عواقب تلك التوترات على اليمن والمنطقة وفي مقدمتها الدول المشاطئة للبحر الأحمر، خصوصاً عقب إعلان واشنطن أن التهديد الحوثي للمصالح الدولية "يتطلب حلاً دولياً"، في إشارة إلى تشكيل قوة عسكرية دولية عقب أيام ساخنة شهدتها المياه الدولية بالقرب من مضيق باب المندب.
هذه التطورات تنذر باشتعال المواجهات في واحد من أهم الممرات الدولية التي سيكون لها ما بعدها من أحداث لا تزال التنبؤات بتبعاتها مثيرة للقلق في بعديها الاقتصادي والسياسي خدمة للأجندات الإيرانية، إضافة إلى المخاوف من تدويل هذه الممرات وعسكرتها.
ويقول المحلل السياسي رماح الجبري إن كل هذه الممارسات الحوثية تأتي بتخطيط إيراني هدفه جر المجتمع الدولي إلى معركة بحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بدلاً من معركة في مضيق هرمز تحقق لها (لإيران) أهدافاً متعددة ولا تتضرر مصالحها وتستخدم الحوثيين كأداة رخيصة الكلفة والتحريك.