Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

متطوعة سودانية ترسم البسمة على وجوه الأطفال النازحين

نشطت في تقديم جلسات العلاج النفسي للصغار في مراكز الإيواء بشكل شبه يومي

المتطوعة السودانية أميمة شريف شرف الدين خلال عمليها في أحد معسكرات إيواء النازحين (اندبندنت عربية)

ملخص

رسمت شرف الدين على وجوه اليافعين ابتسامات وفراشات، لتؤكد أن أطفال السودان يعشقون الحياة ويكرهون القتل والدمار

في كل صباح تقصد المتطوعة السودانية أميمة شريف شرف الدين معسكر إيواء جديد للنازحين في مدينة بورتسودان شرق الخرطوم لتقديم الدعم النفسي للأطفال الفارين من ويلات الحرب، تقضي يومها ببساطة على هذا المنوال في محاولة منها لمساعدة اليافعين في التغلب على آثار الصراع المسلح وتداعياته وتوفير مساحة آمنة لبناء علاقات اجتماعية إيجابية. هاتفها يرن طوال الوقت، تسألها إحداهن كيف تتصرف مع ابنتها وأخرى تشكو تصرفات صغارها.

تخرجت شرف الدين من كلية الهندسة قسم الكهرباء، عملت في مجالها سنوات عدة، وكانت نقطة التحول في تغيير مسارها الأكاديمي وتخصصها عندما فارقت ابنتها الصغيرة الحياة قبل اندلاع الحرب بفترة قصيرة، لتدفعها هذه المأساة إلى الاهتمام أكثر بالأطفال، إذ التحقت بصفوف مكثفة في مجال الصحة النفسية نظمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) بالتعاون مع مجلس رعاية الأمومة والطفولة في السودان، وعقب إكمال المراحل الدراسية كافة، انخرطت في رحلة عمل مستمرة بمعسكرات النزوح في ولاية البحر الأحمر.

الدعم النفسي

وعقب اندلاع المعارك بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" نزح آلاف إلى مدينة بورتسودان التي تقع شرق البلاد على الساحل الغربي للبحر الأحمر. وتضم بورتسودان نحو 21 مركز إيواء، وواجه كثيرون مصاعب جمة، بخاصة الأطفال الذين عانوا صدمات نفسية واكتئاباً جراء كابوس الحرب وصوت القذائف والرصاص. ولتخفيف المعاناة والمآسي، نشطت أميمة شريف في تقديم جلسات العلاج النفسي للصغار في مراكز الإيواء المختلفة بشكل شبه يومي. هكذا سخرت المتطوعة السودانية نفسها وجهدها لمساعدة اليافعين وأسهمت من خلال نزولها الميداني بين تجمعات النازحين، في إخراج الأطفال من أجواء الرعب والعنف والتغلب على الخوف والقلق والتعبير عن أفكارهم وتنمية قدراتهم.


لا تمل أميمة اللعب مع الصغار الذين يهرعون إليها بلهفة ويلتفون حولها متى أطلت من أمام بوابة إحدى مراكز الإيواء. بالنسبة إليها، يحتاج الدعم النفسي إلى جهود كبيرة ودعم مالي متصل لأن عدد الأطفال يقدر بالآلاف ومشكلاتهم متعددة وفريقها يعمل بشكل ذاتي.

وعن تأثير الحرب تقول شرف الدين إن "الصدمات التي يتعرض لها اليافعون تنقسم إلى نوعين: المباشرة، وهي مقتل أحد الأقارب أو فقدان المنزل، وغير المباشرة من خلال مشاهدة ما يحدث في أرض المعارك من قتال ومشاهد مروعة وسماع أصوات المدافع وطلقات الرصاص. ولاحظ فريق العمل الآثار النفسية المترتبة في الأطفال، وتتمثل بالخوف والتوتر والقلق وعدم استقرار النوم والفزع الليلي".

اقرأ المزيد


جلسات نوعية

وتوضح أميمة أن "فريق العمل نفذ منهج علاج نفسي متكامل وجلسات تفريغ تفاعلية هادفة باستخدام الألعاب من أجل التركيز على محاكاة عقول الصغار وغرس القيم الأخلاقية في نفوسهم، ومخاطبة مشاعرهم وإثارة معارفهم وحسهم الحركي ونزع الخوف من قلوبهم الصغيرة".

ولفتت إلى أن "الأطفال الذين جرت معالجة نفسيتهم باتت حالتهم أفضل بشكل كبير وانخرطوا في علاقات اجتماعية إيجابية على عكس الأيام الأولى، كما تطورت مهاراتهم في مجالات عدة".

ولم تصب المتطوعة السودانية باليأس، وخاطبت أولياء أمور الصغار وطلبت منهم الإذن باصطحاب أبنائهم لممارسة الرياضة، وتجمع اليافعين حولها حتى تمكنت من تشكيل دائرة تبادل خلالها الجميع اللعب بالبالونات والكرات البلاستيكية.

أنشطة متعددة

ولم تحصر أميمة عملها في جلسات العلاج النفسي لأطفال النزوح بمراكز الإيواء، بل امتد إلى تنظيم أنشطة عدة، منها حلقات دراسية تقنية باستخدام أجهزة الحاسوب، فضلاً عن برامج ثقافية وفنية باستخدام الدمى والعرائس والشخصيات الكرتونية، علاوة على نصب خيمة للرسم في الهواء الطلق.
ورسمت شرف الدين بواسطة فرشاة تلوين على وجوه اليافعين ابتسامات وفراشات وترفع المرآة أمام وجوههم لتريهم ما رسمت، لتؤكد أن أطفال السودان يعشقون الحياة ويكرهون القتل والدمار.

وتصف المتطوعة السودانية الفعاليات المصاحبة بالناجحة، خصوصاً وأن فريق العمل استهدف تحليل وحلحلة مشكلات سلوكية من خلال منهج متكامل إلى جانب أنشطة حققت الهدف المنشود، وتجاوز الصغار كابوس الحرب وركزوا على تنمية المهارات في مجالات عدة.

نجاح التجربة

كذلك تشير أميمة إلى أنها اختارت هذا المجال لكي تقوم "بتوعية أهالي الأطفال ممن هم بحاجة إلى معرفة حقوقهم وتلبيتها وقت المحن والشدائد والتطلع إلى مستقبل مشرق"، وأوضحت أن "الذكاء الوجداني للمشاعر مهم في الحياة، فهو مفيد لمن يمر بأزمات كبيرة تضر بمشاعره فتجعله منفتحاً أو منغلقاً على نفسه فكرياً، ويستخدم مهارات الذكاء الوجداني مثل المرونة النفسية وتنمية الوعي الذاتي والدافعية مع اليافعين لتخليصهم من أحادية الرؤية، واستخدمت هذا المنهج وطبقته في مراكز الإيواء مع فريق العمل منذ اندلاع الحرب".

واعتبرت شرف الدين أن "التجربة حققت أهدافها بدليل شهادة أسر الأطفال، الذين لاحظوا التحول الكبير في سلوكيات وتصرفات الصغار، واهتمامهم الكبير بتحسين تواصلهم مع الآخرين وتطوير قدراتهم كل بحسب هوايته".

المزيد من متابعات