Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قضايا السياسة من فلسطين لأفغانستان في "الجونة"

فرح نابلسي: قدمت مشاعر إنسانية بخلفية سياسية واقتبست قصصاً من الواقع

لقطة من فيلم "الأستاذ" الذي عُرض بمهرجان الجونة، من بطولة صالح بكري وإخراج فرح نابلسي (مواقع التواصل)

ملخص

"الأستاذ وهوليوود غيت يناقشان قضايا سياسية شائكة بمهرجان الجونة"

على رغم قوة المشاهد الحقيقية في نشرات الأخبار المعبرة عن عنف الوضع في فلسطين تظل السينما بمشاهد قليلة ذات تأثير أبقى وأكثر قوة وامتداداً.

رؤية استباقية

وفي فيلم "الأستاذ" الذي عرض بمهرجان الجونة، من بطولة صالح بكري وإخراج فرح نابلسي، تتضح الأزمة الفلسطينية في قالب درامي متماسك ومحكم. وقد صور الفيلم قبل أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبدء الحرب على غزة، لكنه يشبه الأحداث الراهنة وكأنه رؤية استباقية أو توثيق درامي وغير مباشر لواقع معتاد ومتكرر، فشخصية مدرس اللغة الإنجليزية باسم الصالح التي يلعبها صالح بكري تجسد معاناة رجل تعرض ابنه للسجن بسبب مشاركته في تظاهرة، وعلى رغم أن الطفل المراهق مريض تتركه السلطة الإسرائيلية حتى يموت بوحشية مما يجعل والده يفقد أسرته ورغبته في الحياة، في الوقت الذي يساعد فيه شقيقين يتعرضان للظلم من قوات الاحتلال ويموت أحدهما بالرصاص الغادر، وتفشل محاولات القانون في الثأر من القاتل على رغم مساعدة محامية إسرائيلية الأسرة، ولا يتبقى لشقيقه سوى نار الثأر.
وفي العمل أيضاً تتضح صفقة لتبادل الأسرى، وكيف يقايض الاحتلال بين أسير إسرائيلي مقابل 1000 مسجون فلسطيني بينهم نساء وأطفال. وتتشابك الخطوط الدرامية لتثبت أن الواقع أكثر من مرير ولا مفر من المقاومة في وجه القهر المعتاد.
وتمكنت مخرجة الفيلم فرح نابلسي من تقديم القضية بشكل اجتماعي وإنساني كان له وقع كبير جداً على الجمهور وربما أتاحت الفرصة لفهم أبعاد كثيرة من دون تعقيدات مثل حياة الفلسطينيين وبشاعة الاحتلال والمقاومة بأكثر من طريقة في محاولة للنجاة للعيش بسلام في ظل ظروف غير آدمية.
وتسبب العمل بتأثر الحاضرين وبروز دموعهم، وربما كان وقعه أكثر تأثيراً مما تخيل صناعه.
أما صالح بكري فكان أستاذاً في التعبير عن مشاعر الأب والإنسان والمقاوم المتفتح المؤمن بالقانون والتحضر في واقع مظلم ومأسوي.


مواقع حقيقية

وصرحت نابلسي لـ"اندبندنت عربية" أن "تصوير الفيلم في فلسطين كان أمراً شديد الصعوبة، والجميع يعرف الواقع المأسوي الذي يعانيه الفلسطينيون في ظل احتلال غاشم وظالم يحاول كل يوم هدم معنويات ومشاعر وإنسانية شعب شديد الصمود والتمسك بوطنه وأرضه وهويته، وحاولت قدر الإمكان أن أصور في بلدة حقيقية، وكان الحصول على تصاريح للتصوير أمر يكاد يكون مستحيلاً، وأثناء معاينة بلدة بورين التي وقعت بها الأحداث رأيت قوة من الاحتلال تحرق أشجار الزيتون أمام أسرة، مما يعرضهم لصدمة، ثم يهدمون منزلهم أمام عيونهم أيضاً والأسرة الفلسطينية تتحسر وتعاين ما يحدث من دون قدرة على فعل شيء، فتولدت لديَّ فكرة هذا الخط الدرامي، وبنيت في السيناريو شخصية يعقوب الذي يقتل أمام منزله دفاعاً عن شجر الزيتون ويتعهد أخوه الثأر له، مما يضع الأحداث في سياق حقيقي وشائك". وأضافت نابلسي أن "تجسيد معاناة الشعب الفلسطيني بشكل سياسي مباشر لم يكن الهدف الأساس لي أثناء تحضير هذا المشروع، فالحقيقة يراها الناس بعيونهم يومياً عبر نشرات الأخبار، ولكني أردت التعبير عن القضية الإنسانية وقصص الحب والمعاناة والألم في ظل خلفية سياسية، لذلك خرج العمل مفعماً بالأحاسيس الصادقة وهي اللغة التي يفهمها العالم كله، فقد يختلف الناس في فهم المعلومات، أو تحليل الحقائق وتفنيد الأدلة والمستندات، لكن حتماً وصول أشخاص إلى تلك الحالة من الإحباط بسبب الظلم أمر يمكن أن يشعر به الجميع من دون مناقشة أو جدال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خلفية سياسية

وتابعت مخرجة الفيلم "لأن كل قصة فلسطينية لا بد أن يظهر بها جانب سياسي بشكل أو بآخر، لذلك يمكن أن نقول إن الفيلم هو دراما إنسانية بخلفية سياسية".
وعن بكاء المشاهدين أثناء مشاهدة العمل وحشد المشاعر الإنسانية بسيناريو درامي مفاجئ بهذا القدر قالت فرح "أنا فلسطينية لكني لم أعش في فلسطين ومع ذلك عشت تجارب آخرين عاشوا فيها وتأثرت بتجاربهم، بخاصة أمهات سجن أطفالهن وعانين الكثير، وكأم وإنسانة ومخرجة تفاعلت مع حكايات من الواقع وقررت أن أقدم قصة حقيقية. وخلال التحضير لهذا العمل قابلت أمهات كثيرات وأشخاصاً تعرضوا لأحداث مشابهة حتى أخرج بصور حقيقية تقترب من الرسالة التي أريد تقديمها بالفيلم".
وشددت فرح على أن "العمل الذي يأتي من القلب يصل إلى القلب، لذلك وصل فيلم الأستاذ بحكاياته المتعددة التي تصب في قالب إنساني إلى قلوب الناس، فأنا لا أقدم صوراً نمطية ولا شعارات بل حالات حقيقية ومشاعر عانت كثيراً مما عايشته، وبالطبع لا بد من أن تكون هذه القصة ملهمة لي وتعبر عني وتخبر قصتي ليس فقط كمخرجة فلسطينية ولكن كإنسانة ترغب في التعبير عن مشاعرها".

"هوليوود غيت"

 ومن الأفلام التي حملت قضية سياسية مهمة في مهرجان الجونة فيلم "هوليوود غيت"، ويدور في أفغانستان بعدما توقف العالم عن تغطية الأحداث هناك عقب انسحاب الولايات المتحدة، ومغادرة آخر طائرة أميركية من الأراضي الأفغانية، وفرض "طالبان" حكمها على البلاد، إذ سيطرت الحركة على قاعدة أميركية في العاصمة كابول تحمل اسم "هوليوود غيت" أو "بوابة هوليوود"، وتردد أنها تتبع الاستخبارات المركزية الأميركية، وهناك يعثر رجال "طالبان" على كمية كبيرة من الأسلحة الأميركية المتطورة التي تقدر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار.
ويستعرض الفيلم الذي أخرجه الشاب المصري إبراهيم نشأت الأوامر التي أطلقها "مولوي منصور" القائد الجديد للقوات الجوية في "طالبان"، لرجاله بالتدريب على هذه الأسلحة. وتتوالى الأحداث لتكشف كيف تحولت "طالبان" من ميليشيا أصولية إرهابية إلى نظام عسكري مسلح يستهدف الحرب خارج حدود أفغانستان. وتمكن إبراهيم نشأت، وهو أيضاً صحافي، من الحصول على تصريح لدخول أفغانستان. وقال لـ"اندبندنت عربية" إنه كان منذ طفولته يسمع عن بطولات "طالبان" ويتساءل هل هم بالفعل أبطال حقيقيون؟ وقاده الشغف في المعرفة إلى تتبع الأمر، فعمل بالصحافة والتصوير.
وعندما وصلت "طالبان" إلى السلطة مرة أخرى كان يحاول فهم ماذا سيحدث للشعب في أفغانستان، وحاول الوصول لحقيقة "طالبان" عبر تصوير عمل في الأرض الحقيقية، لكشف الذين وصلوا إلى السلطة في أفغانستان وكيف يحاولون استغلال الإعلام من أجل دعم مصالحهم ورغباتهم السلطوية.

وتابع "بالاعتماد على الملاحظة الدقيقة، راقبت حياة الشخصيتين الرئيستين في طالبان من دون إضافة أي تعليق صوتي أو إجراء المقابلات، بهدف أن نتمكن من أن نراهم عبر الطرق التي يقدمون بها أنفسهم، وأن نفهم حقيقة طموحاتهم".
وعن كيفية تواصله مع "طالبان" والتصوير في المواقع الحقيقية، كشف إبراهيم نشأت عن أنه من خلال عمله في التصوير الصحافي وإجراء لقاءات مع بعض قادة العالم أدرك أن أفضل طريقة للتواصل معهم هي العمل من خلال الأشخاص الوسطاء المقربين إليهم. وأضاف أنه بمساعدة شريكه في العمل، المنتج التنفيذي اللبناني، محمد البنا "تمكنا من الوصول إلى الوسيط المقرب لأحد قادة طالبان".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما