ملخص
يتشوق الصحافيون الأجانب إلى الوصول لغزة من أجل تغطية الحرب لكن إسرائيل ترفض
يتشوق الصحافي الجزائري مصطفى منجم إلى الوصول لغزة من أجل تغطية أحداث الحرب من الميدان، ويتصل كل يوم بزملائه الفلسطينيين العاملين داخل القطاع للاستعلام عما إذا ما كانت السلطات الإسرائيلية سمحت بدخول وسائل إعلام دولية إلى غزة أو لا.
يتابع منجم أخبار الحرب باستمرار، وينتج يومياً تقارير وقصصاً عن واقع حياة الفلسطينيين في القطاع المحاصر، لكنه يجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى المعلومات والبيانات المتعلقة بالأرقام من أجل إعداد مواده الصحافية.
على وسائل التواصل
تقدم منجم وعدد من زملائه الصحافيين العاملين في وسائل إعلام دولية عربية وأجنبية، بطلبين لدخول قطاع غزة من أجل تغطية أحداث الحرب، أرفق الأول إلى السلطات الإسرائيلية، فيما أرسل الثاني إلى المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بحسب الصحافي الجزائري، فإن المسؤولين الإعلاميين في القطاع منحوه الموافقة لتغطية أحداث الحرب من الميدان إذا وصل إلى أراضي غزة، فيما لم يحصل على رد من الجانب الإسرائيلي، لذلك لم يسافر من بلاده ولا يزال يتابع تطورات الطلبين مع زملائه الآخرين.
ويعتمد منجم في تغطية أحداث الحرب على التقارير التي تصدر عن الأمم المتحدة، ويوضح أنه "في بعض الأحيان أطلب من زملائي في غزة مساعدتي في إجراء مقابلات مع أشخاص لتخدم قصصي، كما أحاول الحصول على أرقام هواتف بعض المسؤولين الحكوميين لكنني أجد صعوبة في الاتصال بهم".
ويقول "أتابع الفيديوهات والصور التي تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي وأخلق منها قصصاً، لكن لا شيء أفضل من وجودك في الميدان، في كثير من الأوقات أحتاج إلى التأكد من الحقيقة، وأرغب في طرح أسئلة خاصة، لذلك أسعى إلى الوصول لغزة".
الميدان الأكثر عمقاً
تقدم عدد من الصحافيين الدوليين العرب والأجانب بطلبات إلى إسرائيل للسماح لهم بدخول غزة من أجل تغطية أحداث الحرب، لكن السلطات في تل أبيب تجاهلت مذكراتهم، وأرسلت نقابة الصحافيين الأجانب، وهي منظمة إسرائيلية مستقلة، طلبات أخرى للغرض ذاته ولم تحصل على إجابات، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات قانونية للسماح بدخول الصحافيين الأجانب إلى القطاع.
هبة السيد من بين الصحافيين الذين يرغبون في زيارة القطاع، تقول إن "هناك صعوبة في جمع المعلومات نظراً إلى توقف شبكات الهاتف معظم الوقت في غزة، ولا أعتقد بأن الأطراف المعنية تسمح بوصول الصحافيين الدوليين إلى القطاع لأغراض السلامة".
وتضيف، "أشعر بالإحباط لعدم قدرتي على توثيق المشاهد في غزة مباشرة، والصحافيون الفلسطينيون يقومون بعمل مهم وخطر، لكن وجودي في الميدان سيسمح لي بالتعمق في كثير من القصص عن كثب".
بحسب السيد، فإنها على أمل زيارة غزة بعد الحرب لأن تداعيات القتال ستظل قائمة لأعوام عدة، لكنها لا تشكك في أهمية السماح للصحافة الدولية بالوصول إلى ميدان القتال وسرد الحقيقة.
وخلال العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة عام 2008، منعت تل أبيب الصحافة الدولية من الوصول إلى القطاع أثناء فترة القتال، وبعد التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار سمحت لهم بدخول غزة من معبر "إيرز" الذي تسيطر عليه.
وفي قتال 2012 وحرب 2014، سمحت تل أبيب للصحافيين الدوليين العرب والأجانب بدخول غزة حتى أثناء القتال العسكري، لكن لم توافق في أي مرة على دخول الصحافة الإسرائيلية إلى القطاع.
ضغوط وشكاوى
من هذا المنطلق، بدأت نقابة الصحافيين الأجانب التي تعمل في إسرائيل باتخاذ إجراءات للضغط على تل أبيب من أجل السماح بدخول الصحافيين، ونشرت بياناً جاء فيه "نتوقع من الحكومة الإسرائيلية والجيش التعبير عن موقف حقيقي بالتزاماتهما والسماح بحرية التغطية للصحافيين".
وبحسب نقابة الصحافيين الأجانب، فإنها تلقت شكاوى من أعضائها بعدم قدرتهم على نقل التطورات الميدانية بصورة شاملة بسبب إغلاق إسرائيل ومصر معبري "إيرز" و"رفح" الحدوديين أمامهم، وذكرت أن الصحافيين الدوليين بدأوا يبحثون عن سبل لتجاوز الحظر الذي تفرضه عليهم إسرائيل.
وأصبح الإعلام الدولي يعتمد على الصحافيين الفلسطينيين في تغطية الحرب، ويطلب منهم المراسلون إجراء اتصالات مع المدنيين وعمال الإغاثة والعاملين الصحيين، إلى جانب الاعتماد على بيانات الجيش الإسرائيلي ورواياته.
وكان الصحافيون الفرنسيون أول من تحرك للدخول إلى غزة منذ بدء الحرب، إذ أصدر عشرات منهم بياناً جاء فيه، "معظمنا معتاد على العمل في مناطق النزاع، نطلب من الأطراف المتحاربة حماية الصحافيين وفتح باب الوصول إلى قطاع غزة أمام الصحافة الدولية".
وقال مراسل القناة الرابعة البريطانية سيكوندر كرماني "أمر محبط للغاية عدم القدرة على توثيق المشهد المروع في غزة بصورة مباشرة، فالوصول المستقل إلى هناك سيسمح بإجراء فحص أكثر تعمقاً لمزاعم عدة".
من جانبه، أكد محرر الشؤون الدولية في "بي بي سي" جيريمي بوين أنه "ليس هناك ما هو أفضل في تغطية الحرب من استخدام عينيك وأذنيك".
في الحقيقة، يعد العمل الإعلامي في قطاع غزة أمراً معقداً جداً، إذ يصعب التحرك في الميدان بسبب قطع الطرق وصعوبة إيجاد وسائل مواصلات، كما أن شبكة الهاتف والإنترنت سيئة ويشوبها انقطاع مستمر، فضلاً عن عدم وجود مكان آمن، إذ قتلت إسرائيل منذ بدء الحرب 89 صحافياً.
دخول بمرافقة الجيش
يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة "منحنا تصاريح لنحو 2800 صحافي دولي، لكن إسرائيل رفضت مرور الإعلاميين، وهذا أمر يتعلق بالسياسة وخارج إطار مكتب الإعلام في الحكومة".
في الواقع، ترفض تل أبيب دخول الصحافيين الدوليين إلى غزة والمكوث فيها بمفردهم، لكنها في الوقت نفسه تسمح لهم بالدخول مع الجيش ومرافقته من دون رؤية الفلسطينيين أو مخالطتهم.
وتمنح إسرائيل تصاريح بأعداد محددة لصحافيين يرافقهم الجيش وتسميهم "الصحافيين الملحقين"، وكان من بينهم مراسل "بي بي سي" جيريمي بوين الذي رافق قوات الجيش الإسرائيلي عند دخولها إلى قطاع غزة وأعد مادة عن مستشفى "الشفاء"، لكن الجيش اطلع عليها قبل نشرها.
ويقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، "لا نستطيع ضمان سلامة الصحافيين في قطاع غزة الذي تحول إلى ساحة قتال ضارية وخطرة، وحرصاً على سلامة العاملين في مجال الإعلام نقوم بذلك على أمل في مراجعة الأمر عما قريب".