Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حوار الجزائر... ترتيبات انتخابية مبكرة أم استدراك أخطار إقليمية؟

اللقاءات تعد بمثابة جس نبض للأحزاب ومدى استعدادها للمشاركة في الاستحقاقات المقبلة

لقاءات جمعت الرئيس عبدد المجيد تبون بقادة أحزاب سياسية (صفحة الرئاسة الجزائرية)

ملخص

الحوار بين السلطة والطبقة السياسية قضية أساسية وسط هذه الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وكذلك ما يحيط بالجزائر من توترات إقليمية ودولية

تتزايد الدعوات التي توجهها القوى السياسية في الجزائر للسلطة لإجراء حوار سياسي يناقش قضايا داخلية تشغل الرأي العام المحلي وملفات ترتبط بالأوضاع الإقليمية والدولية وسط تساؤلات حول توقيت هذه الدعوات، وإذا كانت ترتبط بتطلعات مجتمعية أو تتعلق بالانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها نهاية العام المقبل.

ويبدو واضحاً عدم اقتناع الأحزاب السياسية باللقاءات التي يجريها الرئيس عبدالمجيد تبون، بصورة فردية مع قادة الأحزاب بطلب منها، وتلح في كل مرة على فتح حوار مباشر وموسع بين القوى السياسية في البلاد والسلطة، بينما تعتبر هذه الأخيرة اللقاءات بمثابة انفتاح على مختلف المواقف المشكلة للطيف السياسي في الجزائر.

لقاءات

ودأبت الرئاسة الجزائرية على نشر اللقاءات التي جمعت الرئيس تبون بقادة أحزاب سياسية من الموالاة والمعارضة وشخصيات تترأس مؤسسات رسمية، في سياق ما تسميه "استشارة الطبقة السياسية حول الأحداث الوطنية والدولية".

وخرج رئيس حزب "جبهة المستقبل" عبدالعزيز بلعيد، من لقاء جمعه بالرئيس تبون بدعوة إلى "فتح حوار وطني يشمل القوى السياسية كافة في البلاد، من أجل لم الشمل الجبهة الداخلية وتعزيزها والتصدي بوعي وذكاء لكل الأخطار التي تهدد الجزائر".

بلعيد الذي كان يتحدث في مؤتمر لإطارات حزبه أشار إلى أن "تقوية مسار البناء الوطني، والمحافظة على استقرار البلاد، يتطلبان توحيد الرؤية بين القوى السياسية الوطنية ضمن التوجه الاستراتيجي في العمل السياسي".

وكان رئيس حركة "البناء" عبدالقادر بن قرينة قد صرح خلال مؤتمر للقيادات النسوية للحركة أن "الانتقال بالجزائر الجديدة يتطلب مزيداً من الحوار والتحالف والجهود الوحدوية بين رئيس الجمهورية وأهم القوى الموجودة في الساحة الوطنية التي تسعى إلى حماية وديمومة الاستقرار في المؤسسات، وتطوير البرامج التنموية، ونقل التحالفات السياسية إلى مستوى مؤسسات مرتبطة بخريطة طريق مستقبلية تتحقق فيها خدمة الوطن"، في إشارة إلى ضرورة إشراك الأحزاب واستشارتها من قبل صناع القرار في البلاد.

أما رئيس حركة "مجتمع السلم"، عبدالعالي حساني شريف فأبرز في لقاء سياسي عقده في ولاية الوادي ضرورة إقامة حوار وتوسيع قاعدة التشاور وإشراك الأحزاب السياسية في القضايا الوطنية الكبرى.

أرضية مشتركة

بدوره، قال الأمين العام لـ"جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش إن "الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد يتطلب إقامة حوار من أجل التوصل إلى أرضية مشتركة للطبقة السياسية حول القضايا ذات الأهمية والأولوية واستعادة علاقات الثقة بين الجزائريين ومؤسساتهم، وذلك يتحقق من خلال مقاربة الانفتاح على المجتمع، وإشراك الأحزاب ومختلف القوى الفاعلة في المسائل الأساسية، سواء على المستوى الدولي أو في القضايا والمسائل الوطنية التي تتطلب توافق الآراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهتها، أكدت الأمينة العامة لحزب "العمال" لويزة حنون أنها طالبت الرئيس تبون حين التقته بالسماح بفتح حوار سياسي وإرجاع الظروف العادية لممارسة السياسة في البلاد وإرجاع شروط النقاش الحر حول كل القضايا الوطنية والدولية في هذه المرحلة المفصلية".

ولم يقتصر الرئيس تبون على استقبال رؤساء الأحزاب السياسية، بل استقبل أيضاً كبار مسؤولي الدولة منهم رئيسا غرفتي البرلمان إبراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الوطني وصالح قوجيل رئيس مجلس الأمة.

دعوات

وذكرت وسائل إعلام أن قيادات حزبية محسوبة على المعارضة في الجزائر تلقت دعوات رسمية من رئاسة الجمهورية لحضور لقاءات مع الرئيس تبون، فيما لم يصدر أي تعليق أو تصريح لا من رئاسة الجمهورية ولا من الأحزاب المعنية.

وقالت المصادر إن نقاشات داخلية تجري حالياً بين الهيئات والمؤسسات القيادية لبحث المسألة للفصل في القرار النهائي وتحليل أبعاد ودلالات الخطوة من طرف رئاسة الجمهورية غير أنها رفضت الإفصاح عن هوية الأحزاب المعنية باللقاءات المنتظرة.

ويعتقد مراقبون للشأن السياسي في الجزائر أن اللقاءات المنتظرة بإمكانها أن "تكون فرصة لتطوير العلاقات بين السلطة وبين الأحزاب السياسية وخطوة أولى على طريق التهدئة السياسية التي طالبت بها أحزاب وشخصيات مستقلة في السنوات الأخيرة" مع تصاعد الحديث عن أن ذلك يدخل في إطار ترتيبات تتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولا يستبعد هؤلاء أن تكون السلطة تريد توجيه رسالة إلى بعض الهيئات الدولية، بخاصة الهيئة الأممية لحقوق الإنسان التي زارت مقررتها ماري لولر البلاد في الأسابيع الأخيرة، وانتقدت الأوضاع الداخلية، لكنها ثمنت ما وصفته تفاعل المؤسسات الرسمية مع مهمتها، وهي الرسالة التي سارعت بها وزارة الخارجية الجزائرية في أعقاب الزيارة المذكورة، لما أكدت أن "الجزائر ستتخذ كل الإجراءات والتدابير للتكيف مع المنظومة التشريعية العالمية".

توترات

ويرى المتخصص في مجال العلوم السياسية الجزائري فاروق طيفور أن الحوار بين السلطة والطبقة السياسية قضية حيوية وأساسية في مثل الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وكذلك ما يحيط بالجزائر من توترات إقليمية ودولية.

ويؤكد طيفور في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن تقارب وجهات النظر والحوار حول التهديدات وبناء حالة إجماع حول القضايا الدولية، ملفات في غاية الأهمية لأنها تقوي وتعمق الأمن القومي الاستراتيجي، كما أن مساعي فتح الحوار الوطني أمام الطبقة السياسية كانت مطلوبة، ولا سيما على مشارف الاستحقاقات السياسية والاقتصادية"، مضيفاً أنه "كلما كانت العلاقة بين السلطة والأحزاب إيجابية وتقوم على المسؤولية السياسية والتنافس الشفاف على قواعد قانونية متفق عليها، زاد منسوب الاستقرار السياسي والاقتصادي وردمت هوامش التوتر والصراع".

وأشار المتحدث إلى أن "أي تطوير وتحسين الحياة السياسية يمر عبر مزيد من تعزيز الثقة والشراكة بين مكونات المجتمع، على اعتبار أن الأحزاب جزء لا يتجزأ من برامج الإصلاح لأنها تعد المكون الرئيس في تسيير الشأن العام، ويمكن تحقيق هذا الهدف بصورة ثنائية أو بصورة متعددة الأطراف بحسب المواضيع الحيوية المطروحة".

أما بخصوص المطالبة بحوار يجمع كل الأطراف وإن كان مطلباً سياسياً عادياً ومعهوداً، يقول طيفور إن ذلك يؤطره تقييم كل حزب للأوضاع السياسية والاجتماعية والدولية، ومقاربته للحلول. ويضيف أنه "في مقابل حرص السلطة على تقديم صورة وردية عن الأوضاع، هناك من الأحزاب من له انتقادات لها وبطبيعة الحال لا يمكن استثناء رئاسيات 2024 من هذا الحراك، فضلاً عن أن السلطة تحدثت عن تعديل قانون الأحزاب، وبحسب المسودة المسربة توجد تحفظات حزبية كثيرة عليه". وأفاد بأن توفير شروط تنافسية قانونية وإجراءات عاجلة على مستوى فتح الفضاءات العمومية الإعلامية للتعبير، يشغل الأحزاب، لا سيما على مشارف الانتخابات الرئاسية المقبلة.

جس النبض

ويقول المتخصص في علم الاجتماع الجزائري نبيل ولد محيي الدين إن المشهد السياسي في الجزائر عرف انتعاشاً وحركية بعد فترة ركود طويلة من خلال اللقاءات التي يجريها الرئيس تبون مع قادة الأحزاب والمسؤولين في الدولة.

وأوضح ولد محيي الدين أن هذه اللقاءات تعد خطوة مهمة لبعث العمل السياسي من جديد واسترجاع نشاطه، لأن الركود الذي عرفته الجزائر خصوصاً بعد الحراك الشعبي، كان يتطلب بعض الهدوء والتحفظ، إذ كانت السلطة تهدف إلى ضبط الحياة السياسية والتحضير لتعديل قانون الأحزاب وفتح المجال لإنشاء أحزاب أخرى.

ويرى المتحدث أن "الركود كان مقصوداً من السلطة تحضيراً لخلق مناخ مواكب للتحولات الجديدة وخلق طبقة سياسية جديدة وبتشكيلات جديدة، كون العبث الذي نجم عن التعددية الحزبية خلق طبقة فوضوية غير مؤهلة". وأضاف "لعل عودة النشاط بلقاءات الرئيس تبون رؤساء الأحزاب التي لحظت حرية للتحدث عن فحوى هذه اللقاءات، أعاد بعث النقاش السياسي في الجزائر ولو بصورة خجولة". وأضاف أن هذه اللقاءات تعد بمثابة جس نبض للأحزاب ومدى استعدادها للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وأهمها الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها نهاية السنة المقبلة، مشيراً إلى وجود آراء وتعليقات مفادها بأن هذه اللقاءات تعد بمثابة حملة انتخابية مسبقة. وقال إن المعارضة ظاهرة صحية، بشرط انتقاد الأفكار والبرامج واقتراح حلول وبدائل وتشجيع الأحزاب داخل البرلمان على الخوض في مختلف الملفات في إطار أحكام الدستور.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير