Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القوى الناشئة تتقدم على التقليديين في انتخابات محافظات العراق

يرى مراقبون أن قوائم المحافظين الفائزة ممكن أن يكون لها دور في الاستحقاقات النيابية المقبلة

موظف في المفوضية العليا للانتخابات يحمل أحد صناديق الاقتراع في مركز بمنطقة الكرخ، في 23 ديسمبر الحالي (أ ف ب)

ملخص

كسرت الكتل الصاعدة طوق الاحتكار السياسي لكثير من القوى العراقية التقليدية، على رغم عدم امتلاكها القدرات المالية والمؤسسات التنفيذية

أفرزت نتائج الانتخابات المحلية في 15 محافظة عراقية بروز قوى سياسية كانت تُعد من الصف الثاني في المشهد السياسي المحلي خلال عقد من الزمن، ممثلة بعدد من محافظي المدن الرئيسة، بالتزامن مع تراجع القوى التقليدية بصورة كبيرة، مقارنة بانتخابات عامَي 2009 و2013.
ومن أبرز القوى الجديدة الصاعدة التي تمثل شريحة واسعة من السكان المحليين كتلة "تصميم" في البصرة التي يتزعمها محافظ البصرة أسعد العيداني وقائمة "نينوى لأهلها" التي يتزعمها المحافظ السابق نجم الجبوري وقائمة "واسط أجمل" بقيادة محافظها محمد جميل المياحي وتحالف "إبداع كربلاء" الذي يتزعمه محافظها نصيف الخطابي.

تراجع القوى التقليدية

هذه القوى أزاحت قوى تقليدية تصدرت المشهد في هذه المحافظات، خصوصاً في الوسط والجنوب حيث كان ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي يتصدر النتائج في انتخابات عامَي 2009 و2013، لكنه تصدر المشهد حالياً في محافظة المثنى (جنوب) حيث حلّ في المركز الأول، بينما تراجعت نتائجه في غالبية المدن العراقية، تحديداً العاصمة بغداد، حيث تراجع إلى المركز الثالث بعد تحالف "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي وتحالف "نبني" الذي يمثل بعض الفصائل الشيعية مثل "بدر" و"عصائب أهل الحق".

تقدم في بغداد والأنبار

وحقق تحالف "تقدم" بزعامة الحلبوسي انتصاراً كاسحاً في محافظة الأنبار على بقية منافسيه وتصدر الانتخابات في بغداد، ليكون أحدث حزب سياسي عراقي يحقق مثل هذه النتائج منذ تأسيسه في 2021.

ثقة الناخب

يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن "الأحزاب غير التقليدية كسبت ثقة الناخب"، مشيراً إلى إمكان حضورها في المشهد السياسي المقبل، وأضاف أن "الكتل الصاعدة كسرت طوق الاحتكار السياسي لكثير من القوى، خصوصاً أنها لا تمتلك القدرات المالية والمؤسسات التنفيذية"، مبيناً أن "الوسائل التي تمتلكها بعض الأحزاب من وزارات وغيرها تسهم في إغراء الناخب".

قوى وطنية

ولفت الفيلي إلى أن "الأحزاب غير التقليدية كسبت ثقة الناخب الذي فقد الثقة بالقوى التقليدية. وتملك تلك الأحزاب فرصاً مهمة في الحضور بالمشهد السياسي المقبل إذا ما استطاعت أن تسوّق نفسها كقوى وطنية تقليدية من خلال الرقابة على المحافظات"، مردفاً أنه "يجب على هذه القوى ألا تكون جزءاً من صفقات الفساد وأن تعمل على إنشاء منصات إلكترونية للتواصل مع المواطنين".
ونجحت بعض القوائم مثل قائمة "قيم المدنية" التي نافست في مناطق كانت تمثل عريناً لأحزاب تقليدية، مما شكل ضربة لكثير من الأحزاب".

وأشار إلى أن "كثيراً من القوى الناشئة أحياناً لا تمتلك المال الكافي، في وقت أن هناك قوى تمتلك مالاً كافياً وصرفت عشرات المليارات إلا أنها لم تحصل على أصوات".

توجه مدني

واعتبر أستاذ العلوم السياسية حصول "تحالف قيم" وبعض القوى الأخرى على مقعد أو مقعدين، مؤشراً إلى "إمكان أن يكون لها دور مستقبلي، خصوصاً إذا فشلت القوى التقليدية، فسيكون التوجه أكبر نحو قوى غير تقليدية"، مضيفاً أن "هناك شخصيات مستقلة كانت تشغل مناصب المحافظين، لذا اكتسحت شوارع محافظاتها"، ولفت إلى أن "الشارع العراقي يعوّل على من يقدم الخدمات والذاكرة العراقية ما زالت تنظر إلى وضع بائس عاشته خلال الأعوام الماضية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قوى جديدة

وأعرب الفيلي عن اعتقاده بأن "التغيير التالي في المرحلة المقبلة هو بروز شخصيات سنية في المشهد السياسي العراقي، فمثلاً عندما تجمع السيادة والحزم والعزم مع الحلبوسي، فذلك يمثل إنجازاً كبيراً، إذ إن كل قوى الإطار التنسيقي التي تنتمي إلى 60 في المئة من المكون الاجتماعي الشيعي، لم تحصل على 25 في المئة من مقاعد مجالس المحافظات"، موضحاً أن "هذا الموضوع يشكل تحدياً بين القوى السياسية العراقية، وهذا ما كشفته المخاوف المستقبلية لقوى الإطار التنسيقي فكانت على استعداد لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات فقط لتأمين مشاركة التيار الصدري فيها". وخلص الفيلي إلى القول إن "الانتخابات المقبلة ستبرز قوى أكثر تأثيراً في الأوساط الشيعية مثل المحافظين الذين سيقدمون خدمات للمواطنين والتيار الصدري ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني إذا شارك في الانتخابات".

قوائم المحافظين

من جهته يرجح رئيس مركز "كلوذا" للدراسات والأبحاث باسل حسين أن "يكون لقوائم المحافظين الفائزة دور في الانتخابات النيابية المقبلة"، مضيفاً أن "تمكن قوائم المحافظين الانتخابية من الفوز في المراكز الأولى في محافظاتهم، بعيداً من عباءة الأحزاب التقليدية في انتخابات مجالس المحافظات ظاهرة جديدة في المشهد الانتخابي العراقي لم نألفها على نحو واضح في الاستحقاقات الماضية"، وأردف أن "تلك القوائم فازت في أربع محافظات واستطاعت الفوز بنصف المقاعد أو أكثر مثل البصرة  من خلال تحالف تصميم للمحافظ أسعد العيداني، وكربلاء من خلال تحالف إبداع كربلاء بزعامة المحافظ نصيف الخطابي، ومن خلال تحالف واسط أجمل بزعامة المحافظ محمد المياح".

تحالف برلماني

واعتبر حسين أن "هذه النتائج ستكون مشجعة لهذه القوائم في الذهاب إلى الأمام لمحاولة بناء مسار مستدام للتنافس في انتخابات مجلس النواب المقبلة 2025 وقد تذهب إلى خطوة خارج الصندوق بالتحالف في ما بينها"، مشيراً إلى "وجود تسريبات تتحدث عن أن المحافظين الفائزين يفكرون في تأسيس تحالف في ما بينهم تحت اسم ’منتصرون‘ لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة".

 إقصاء جديد

بدوره، قال الصحافي العراقي باسم الشرع إن "فوز الأحزاب غير التقليدية أرسل رسالة إيجابية للمقاطعين لدفعهم إلى المشاركة بصورة واسعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة لإحداث تغيير حقيقي في العملية السياسية العراقية"، مردفاً أن "ما حصل هو إقصاء من قبل سكان بعض المحافظات الجنوبية للقوى التقليدية التي لم تستطِع تطوير خطابها الإعلامي والتحرك على الأرض لإقناع الجمهور، بالتزامن مع نجاح بعض المحافظين في تحسين واقع الخدمات وتعزيز الاستقرار في مدنهم"، وأوضح أن "القوى التقليدية ظلت مصرة على خطاب يحاول ترهيب الجمهور من عدو وهمي يحاول السيطرة على البلاد لإقناعه بانتخابها، لكن ما حصل هو تراجع نسبة التصويت بصورة كبيرة وتوجه شريحة واسعة لانتخاب قوائم المحافظين".
وأشار الشرع إلى أن "الخطاب الإعلامي الطائفي فشل في هذه الانتخابات ولم يحقق أي نجاح وكانت نتائجه واضحة من خلال تراجع كبير في أصوات القوى التقليدية إلى مستويات غير معهودة"، مرجحاً أن "تشكل الكتل الفائزة تحالفاً انتخابياً واسعاً للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وتحقق نتائج مهمة يمكن أن تغيّر جزءاً كبيراً من خريطة العملية السياسية في البلاد".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات