ملخص
قرار باكستان بترجيل اللاجئين الأفغان أعاد اهتمام الولايات المتحدة والدول الغربية مرة أخرى لأفغانستان... فما السبب؟
تراجعت قضية أفغانستان في سلم أولويات السياسة الخارجية للقوى العالمية بعد أن توجهت بؤرة الاهتمام إلى حربي أوكرانيا وغزة ولم تعد أفغانستان قضية كبرى سوى لباكستان، لكن قرار الأخيرة بترحيل اللاجئين الأفغان أعاد اهتمام الولايات المتحدة والدول الغربية مرة أخرى.
وينعكس ذلك في زيارة الممثل الأميركي الخاص توم ويست إلى إسلام أباد خلال الأيام الأخيرة للمرة الأولى منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي تركزت على ترحيل المواطنين الأفغان من باكستان، إذ تشعر الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية بقلق كبير حيال سياسة إسلام أباد الجديدة، لا سيما ترحيل أولئك الذين ساعدوا واشنطن أثناء وجودها في أفغانستان.
المخاوف الأميركية
ووفقاً للإحصاءات المتوافرة، عاد حتى الآن أكثر من 450 ألف مواطن أفغاني غير شرعي إلى بلدهم من باكستان، وتخشى الولايات المتحدة من أن تنتقم حكومة حركة "طالبان" من حلفائها السابقين على رغم إعلانها العفو.
في هذا الصدد، سلمت الولايات المتحدة حكومة باكستان قائمة تحوي أسماء 25 ألف أفغاني وطلبت عدم ترحيلهم لأنهم قد يواجهون التضييق في أفغانستان.
وعلى رغم مناقشة هذه الأسماء بين واشنطن وإسلام أباد، إلا أن المسؤولين من الجانبين يرفضون تبني وجود قائمة للأسماء بصورة رسمية، لكن مصادر دبلوماسية تؤكد أن السفارة الأميركية بعثت رسائل إلى 25 ألف أفغاني في باكستان وشاركت أسماءهم مع السلطات الباكستانية.
في المقابل، يقول المسؤولون الباكستانيون إن قائمة الأسماء غير واضحة وإنهم طلبوا مزيداً من التفاصيل من نظرائهم في واشنطن الذين يتخوفون من مشاركتها خشية أن يتعرض الأشخاص المعنيين للخطر.
وصرح مسؤول دبلوماسي كبير إلى "اندبندنت أوردو" بأن الولايات المتحدة راضية عن تأكيدات باكستان بأنها تولي اهتماماً خاصاً للأقليات الأفغانية لكنها تريد مزيداً من التحسين في هذا الشأن.
زيارة الممثل الخاص
من جانب آخر، ذكر المبعوث الأميركي الخاص توم ويست في منشور له عقب نهاية زيارته التي استمرت يومين قضية حركة "طالبان- باكستان" وقضية اللاجئين الأفغان، ووصف محادثاته مع وزير الخارجية الموقت جليل عباسي وقائد الجيش الباكستاني عاصم منير ونظيره الباكستاني آصف دراني حول التحديات الأمنية الناجمة عن عمليات "طالبان- باكستان" وحماية اللاجئين الأفغان بأنها مفيدة، مؤكداً أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب باكستان في سعيها إلى مكافحة الإرهاب في المنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ويست "نحن ممتنون للتواصل الوثيق مع إسلام أباد في شأن حماية اللاجئين بما في ذلك التعاون مع المنظمات الدولية والمعاملة الإنسانية والكريمة تجاه هؤلاء".
وفي منشور آخر أوضح توم ويست أنه التقى "اللاجئين الشجعان" خلال زيارته حتى يتعرف إلى تفاصيل حياتهم بصورة مباشرة والتعبير عن الإعجاب بشجاعتهم في ظل الظروف الصعبة، كما دعا إلى حمايتهم وشكر المنظمات الدولية والشركاء الآخرين على جهودهم.
ظروف شائكة في أفغانستان
ويعبر المسؤولون الدبلوماسيون في اجتماعات خاصة عن مخاوفهم من احتمال انضمام بعض اللاجئين الذين أعيدوا قسراً إلى إسلام أباد في حركة "طالبان- باكستان".
ويعتقد الدبلوماسيون الغربيون بأن الوضع الاقتصادي في أفغانستان سيئ وأن الشتاء سيكون أكثر قسوة على الشعب الأفغاني على رغم مزاعم حركة "طالبان" بتحسن الأوضاع الاقتصادية.
في المقابل، لا تريد الولايات المتحدة إعطاء انطباع بوجود تعاون اقتصادي مع حكومة "طالبان" على رغم وجود تواصل مباشر بين الجانبين، بل تسعى واشنطن إلى تقديم المساعدات المالية من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، كما تعتقد بأنه إذا لم تتم معالجة البطالة وغيرها من المشكلات الاقتصادية في أفغانستان فسيضطر المجتمع الدولي إلى دفع مزيد من الأموال في المستقبل.
ويؤيد المجتمع الدولي الأمر الذي أصدرته حكومة "طالبان" بخفض إنتاج المخدرات في البلاد بنسبة 90 في المئة، ولكنه يشعر بالقلق إزاء تزايد إنتاج أنواع أخرى من المخدرات، وحتى الآن لم تعترف أي دولة بحكومة الحركة على رغم مطالبتها بذلك.
وهناك خمسة جوانب مهمة لم يتم إحراز أي تقدم في شأنها حتى الآن، الأول هو أن قيود السفر المفروضة على 135 من أعضاء حركة "طالبان" الأفغانية لا تزال قائمة، إذ لم ترفع أي دولة في الأمم المتحدة صوتها حتى الآن للتخلي عن هذه العقوبات، وثانياً لم تتم إعادة دولار واحد من الأصول الأفغانية التي تبلغ 90 مليار دولار وتوجد في دول أخرى.
وممثل "طالبان" في الأمم المتحدة سهيل شاهين موجود في مكتب الحركة في الدوحة، لكن المؤسسات المالية الدولية لم تتعامل معه أو مع حكومته في كابول، وتقول "طالبان" إنها استوفت جميع شروط الاعتراف الدولي وإن تأخير ذلك لن يكون مجدياً.
وهناك جمود في الأفق العالمي في ما يتعلق بقضية أفغانستان، وهذا الجمود مفيد للحركة التي تعمل على تعزيز نفسها وتقوية حكومتها، لكنه لا يبشر بالخير للشعب الأفغاني الذي يخشى أن يتأثر كثيراً بسبب هذا التأخير.
نقلاً عن اندبندنت اوردو