Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأكراد يصطدمون بجدار "الغالبية" في قيادة "كركوك"

مفاوضات شاقة تنتظر القوى لتشكيل حكومة محلية وفق معادلة جديدة

انتخابات المحليات لم تمنح الأكراد فرصة كاملة لقيادة كركوك (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

فتحت الانتخابات المحلية التي أجريت في الـ18 من ديسمبر الحالي الباب أمام الأكراد للعودة إلى السلطة في محافظة كركوك في ظل تحديات تعترض طموحاتهم لاستعادة منصب المحافظة
 

فتحت الانتخابات المحلية التي أجريت في الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي الباب أمام الأكراد للعودة إلى السلطة في محافظة كركوك في ظل تحديات تعترض طموحاتهم لاستعادة منصب المحافظة بعد إخفاقهم في الحصول على الغالبية نتيجة تحقيق القوى العربية والتركمانية مكاسب أظهرت تكافؤاً في ميزان القوى.

وتذهب المؤشرات الأولية للانتخابات إلى أن السلطة المحلية المقبلة لن تخرج عن مبدأ التوافق بحكم النتائج المتقاربة، لكن ومن ناحية أخرى فإن تفوق المحافظة على نظيراتها في نسبة المشاركة التي فاقت 64 في المئة بعد إعلان 94.4 في المئة من النتائج يعكس عن مدى شدة الصراع بين قواها حول مصير تبعيتها بين الإقليم وبغداد.

ولطالما كانت مسألة التبعية سبباً في أن تكون كركوك المحافظة الوحيدة التي لم تخض سوى انتخابات محلية واحدة منذ عام 2005، إذ يطالب الأكراد بضمها إلى إقليم كردستان بينما يتمسك العرب والتركمان بإبقائها تحت السلطة الاتحادية في بغداد.

نتائج متقاربة

ووفقاً لنتائج انتخابات المجلس المحلي المؤلف من 16 مقعداً، فإن القوى الكردية حصلت على 239 ألف صوت، وكان نصيب حزب "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني خمسة مقاعد مقابل مقعدين فقط لشريكه في حكومة إقليم كردستان الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني.

في حين حصلت القوى العربية مجتمعة على أكثر من 300 ألف صوت أي ستة مقاعد، ثلاثة كانت من نصيب "التحالف العربي" برئاسة المحافظ بالوكالة راكان الجبوري، ومقعدين لتحالف "القيادة"، ومقعد لتحالف "العروبة"، فيما فازت "جبهة تركمان العراق" بمقعدين، بينما فازت حركة "بابليون" المنضوية في قوات "الحشد الشعبي" الشيعية بمقعد كوتا المسيحيين.

وتكشف النتائج عن تراجع نسبة مقاعد الأكراد من 63 إلى 47 في المئة، وعلى رغم هذا التراجع فإن الحكومة المحلية المقبلة لن تتشكل هذه المرة من دون إرادة القوى الكردية كما جرى بعد عام 2017، عندما انسحبت على وقع إجراءات عقابية كانت اتخذتها بغداد لخوضهم استفتاء للانفصال.

خريطة معقدة

التكافؤ بين القوى مع صعوبة تحقيق أي من الأطراف الغالبية يضعها أمام عدة سيناريوهات، وهي إما الذهاب نحو خيار تحقيق الغالبية أو الاتفاق على تشكيل إدارة توافقية للمرحلة المقبلة، وسيكون على الحزبين الكرديين إما تجاوز خلافهما قبل الدخول في مفاوضات لضم قوى تكفل لهما تحقيق الغالبية، أو أن يدخل كل على حدة في تنافس للتحالف مع القوى العربية والتركمانية.

ورأى المحلل دلشاد أنور أن "خريطة المقاعد في كركوك تبدو وكأنها رسمت لتضطر فيها القوى والمكونات للاتفاق على وضع صيغة توافقية للحكم المحلي، لأن تحقيق أي مكون الغالبية سيكون صعباً في ظل تعدد الافتراضات والسيناريوهات".

وأضاف، "لو أن الكرد في حال ضمهم لمقعد كوتا المسيحيين سيكون لديهم 8 مقاعد أي نصف عدد مقاعد المجلس، لكن في المقابل فإن العرب ولهم 6 مقاعد مع مقعدين للتركمان فإن بمقدورهم تحقيق نسبة مماثلة، وعليه فإن أي معسكر لن يستطيع تحقيق نسبة نصف زائداً واحداً ليشكل المجلس من دون الأطراف الأخرى".

وإضافة إلى الصعوبات التي تعترض تحقيق الانسجام بين التكتلات، فإن كل تكتل يعاني من خلاف داخلي وهذا يتطلب اتفاقاً لن يكون يسيراً أيضاً، سواء بين الحزبين الكرديين، وكذلك العرب، وإلى مستوى أقل حدة بين التركمان.

وعلى رغم تلميح حزب طالباني إلى قدرته على الفوز بمنصب المحافظ لحصوله على أكبر عدد من المقاعد، إلا أن عدد مقاعده مع نظيره الديمقراطي لم تحقق شرط الغالبية وهي النصف زائداً واحداً، ما يعني أن الاتفاق على شغل المنصب سيواجه صعوبات، مع إمكان لجوء القوى العربية والتركمانية إلى الدخول في تشكيل تحالف جديد.

حضور إقليمي

ويعتقد سياسيون ومراقبون أكراد أن الدول الإقليمية مثل إيران وتركيا سيكون لها حضور مؤثر في رسم التحالفات، حيث لأنقرة علاقات وطيدة مع أطراف عربية وكذلك مع حزب بارزاني، فضلاً عن التركمان، ومجموع مقاعد هذه الأطراف تصل إلى تسعة مقاعد.

لكن بالعودة لأنور فإنه يستبعد جمع هذه الأطراف في تحالف "لكون خروج حزب بارزاني عن الإطار الكردي سيكون بمثابة انتحار سياسي، كما أن هناك أطرافاً عربية تحاول التقرب من إيران مثل حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي".

وأردف أن "المجاميع الشيعية المقربة من إيران والمستحوذة على النفوذ العسكري لن تبقى متفرجة، ومعلوم أن طهران تمكنت من إفشال تحالف بارزاني والحلبوسي مع التيار الصدري (الشيعي) لتشكيل الحكومة الاتحادية، وحتماً لن تسمح بتحقيق الشأن ذاته في كركوك".

وختم قائلاً إن "هذا الواقع وصعوبة إمكان تهميش أي طرف، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً يكمن في أن الأطراف قد لا تملك خياراً آخر سوى التوافق".

انحدار غير مسبوق

الواقع الجديد في كركوك احتل حيزاً رئيساً في تغطية وسائل الإعلام الكردية ومواقع التواصل الاجتماعي، لجهة أنها تشكل تراجعاً في الثقل الكردي بالمقارنة مع معادلة ما قبل أحداث عام 2017.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتهم القيادي السابق في "الاتحاد" ملا بختيار القوى الكردية بالتسبب "في هدر كبير للأصوات الكردية في مناطق موضع النزاع مع بغداد"، مضيفاً "أنها المرة الأولى منذ نحو قرن تكون أصوات الكرد أقل من العرب والتركمان".

أما الكاتب والمحلل البارز ريبوار كريم ولي فذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن "النتائج تمثل هزيمة لنفوذ أنقرة والحزب الديمقراطي في كركوك أمام الهيمنة الإيرانية وحزب الاتحاد، والأخير بعدما كان يطمح من نظيره الديمقراطي أن يحقق لمنطقة نفوذه في الإقليم اللامركزية أصبح اليوم غير آبه بعد الآن".

ولفت إلى أن هذه الانتخابات "قد لا تكون بتلك الأهمية الاستراتيجية آنياً، لكنها تمثل خريطة طريق لمرحلة مقبلة، فالاتحاد ستكون عينه على الانتخابات البرلمانية المقبلة في إقليم كردستان".

ونبه إلى أن "النتائج تعد مكسباً سياسياً لأبناء طالباني، لكنها لن تعيد الهيمنة الكردية على المحافظة، لأن تعديل فقرتين في قانون رقم 12 لعام 2018 تشيران إلى أن نتائج الانتخابات لا يمكن أن تكون أساساً لتقرير مصير كركوك، وأن هذه النتائج مهما كانت فإن إدارة الحكم المحلي يجب أن تقسم بالتساوي بين مكوناتها".

من جهته، اعتبر النائب الكردي السابق في البرلمان الاتحادي لطيف شيخ مصطفى النتائج أنها سابقة "بتفوق أصوات العرب والتركمان على الكرد، ولا شك أنهما يتوافقان في الرؤية حول مصير كركوك، وسبق أن حذرنا من بلوغ هذه المرحلة، في حين أن القوى صاحبة النفوذ في سلطة إقليم كردستان والتي تسبب في فقدان الكرد لنصف مناطقهم، نجدها تحتفل بحرارة لحصولها على بضعة مقاعد".

وتابع، "والأسوأ أنها تلقي اللوم على بقية القوى لتسببها في هدر الأصوات نتيجة عدم دخولها في تحالف"، أما الوزير السابق لمناطق موضع النزاع مع بغداد في حكومة الإقليم محمد إحسان فقد وصف النتائج بأنها "مقلقة".

وحذر إحسان من أن "تداعياتها على الانتخابات التشريعية المقبلة في حال استمرار تشتت القوى الكردية ستكون بمثابة انتكاسة كبيرة للكرد في هذه المناطق"، حاضاً القوى المعنية "إلى مراجعة سياساتها لأن الضرب على الوتر القومي لن يجدي إلى ما لا نهاية".

لا بديل عن التوافق

وينص قانون انتخابات مجالس المحافظات لعام 2018 في فقرته الثانية من المادة 35 على أن "نتائج الانتخابات لا تعد أساساً لأي وضع قانوني أو إداري لتحديد مستقبل محافظة كركوك".

في حين نصت فقرته الرابعة على أنه "يتم تقاسم السلطة بتمثيل عادل بما يضمن مشاركة مكونات المحافظة بغض النظر عن نتائج الانتخابات"، وفي هذا الإطار شدد القيادي في "الجبهة التركمانية" ماردين كايا على أن "الانتخابات لن تكون الفيصل ولن تؤثر في مستقبل كركوك"، داعياً إلى "تشكيل إدارة توافقية".

وفي وقت لم تخف أوساط تركمانية وعربية مخاوفها من استعادة الأكراد لمنصب المحافظ فإن مواقف لقادة في حزب "الاتحاد" تكشف عن توجه للتقليل من مخاوف عودة استحواذ الأكراد على القرار في المحافظة.

وطمأن القيادي في "الاتحاد" نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني نائب وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند في اجتماع، بعدم "تهميش أي طرف بعد الانتخابات المحلية".

وبحسب قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم تجرى عملية انتخاب المحافظ ونائبيه بتصويت الغالبية المطلقة لأعضاء مجلس المحافظة خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً، وفي حال تعذر ذلك، تجري عملية تصويت ثانية باعتماد غالبية نصف زائداً واحداً.

وتعد كركوك مركز الخلاف المزمن بين أربيل وبغداد حول مناطق موضع النزاع التي تشمل أيضاً مساحات واسعة في نينوى وكذلك في ديالي وصلاح الدين، وتسببت التقاطعات بين الطرفين إلى تعطيل تطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بتحديد مصير تبعية هذه المناطق عبر ثلاثة مراحل وهي التطبيع وإجراء إحصاء سكاني ثم الاستفتاء.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات