"مطبات" السعودية أنسنة للأحياء وتنظيم للمدن

أكثر ما يلفت نظر المتجول في الشوارع سواء الرئيسة أو داخل الأحياء في المدن السعودية هو وجود عدد من المطبات في أجزاء متفرقة من الطرق، التي تعد إحدى وسائل الأمن والسلامة المستخدمة في التهدئة المرورية.

وتعرف وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وهي الجهة المتخصصة في البلاد لتحديد مكان ومواصفات المطبات في الطرق، على أنه ارتفاع بسيط في طبقات الطريق، ينفذ في أماكن معينة لها شروط محددة بهدف إجبار سائقي المركبات على تخفيض السرعة.

وفي الغالب يتم تنفيذ المطب بواسطة الخرسانة الأسفلتية وبعضها ينفذ من البلاط الخرساني أو البلاستيك المسبق الصنع وبحسب المواصفات والمقاييس المعتمدة في السعودية.

على رغم أهمية المطبات للحد من الحوادث فإنها يمكن أن تكون سبباً في تلك الحوادث على الطرقات، وبحسب مهندسة تطوير المدن والنقل سماح بخش، فإن تنفيذها بشكل عشوائي وبطريقة خطأ يمكن أن يكون عائقاً في الحركة المرورية.

وقالت بخشن "عند إنشاء أي مطب لا بد أن يكون بحسب المعايير الهندسية، التي يرجع إليها عند التنفيذ، كما يتطلب طلاؤها بألوان تعكس الضوء بحيث يظهر للسائق وجود لوحات إرشادية على جانب الطريق، وعلى بعد محدد منها، حتى تعطي قائد المركبة الوقت الكافي لتهدئة سرعته".

خمس حوادث وأكثر

وأشارت بخش إلى أنه في الغالب يتم وضع مطب في الشارع في حال وصلت عدد الحوادث فيه إلى خمس أو أكثر، وقالت "تعمل اللجنة المرورية على مخاطبة الأمانات (جهات بلدية حكومية) من خلال تقديم طلب لدراسة موقع الحادثة، وتعمل الأخيرة على إرسال أحد المهندسين المتخصصين في تخطيط الطرق لدراسة المواقع والسبب الرئيس لها".

وتابعت مهندسة تطوير المدن والنقل أنه يتم وضع التصور اللازم للحد من حوادث المركبات، من خلال تحديد موقع المطب لتهدئة السرعة، وكذلك عرضه وارتفاعه، إضافة إلى تحديد مواقع اللوحات الإرشادية، التي يجب أن يتم وضعها في جانب الطريق بمسافة كافية، حتى يتمكن السائق من تخفيف سرعته.

وأوضحت بخشن أن معظم الأماكن التي يوجد فيها المطبات تكون قرب المدارس والمراكز التجارية والمساجد، وكذلك الحدائق والأماكن التي يوجد فيها تجمعات بشرية ومسارات المشي.

ولفتت المهندسة إلى أن "المطبات توضع أيضاً في تقاطعات الطرق، لا سيما تلك التي تم تنفيذها بشكل عشوائي في السابق، ويوجد فيها زحام مروري وحركة سير كثيفة للمركبات، كما يتم وضع مطبات صناعية في الشوارع لتنبيه سائق المركبة بوجود منعطفات في الطريق بحيث توضع في مسافة كافية حتى يستطيع قائد المركبة تخفيض سرعته والانتباه لتغيرات الطريق".

ولم تستبعد بخش وجود مطبات تم تنفيذها في السابق بشكل عشوائي، واستدركت "الآن لا يمكن تنفيذ أي مطب في الشارع إلا بعد دراسة متكاملة وفقاً للمواصفات والمعايير، إذ يتم إزالة العشوائي منها، والتي يمكن أن يكون ضررها أكثر من فائدتها".

عدم وجودها في الدول الأوروبية

بدوره، أشار المهندس المتخصص في التخطيط والتصميم العمراني وإدارة المدن بدر الحمدان إلى أهمية وعي قائدي المركبات والتزامهم الإرشادات المرورية وعلامات الطرق الأرضية أو المعلقة، لافتاً إلى أن كثيراً من الدول الأوروبية أعادت تقديم المطبات بطرق احترافية حتى لا تلفت نظر مستخدمي الطرق كونها جزءاً من تكوين الشارع، إذ ذهبت بعض التجارب إلى أفكار إبداعية مثل استخدام الأشكال الأرضية ثلاثية الأبعاد أو التأثير السمعي باستخدام النوتة الموسيقية عند العبور وغيرها، مؤكداً أن المدن السعودية مؤهلة للوصول إلى هذا المستوى من الجودة.

وحول الحلول البديلة للمطبات الصناعية في الشوارع، قال الحمدان إنه على مستوى المدن السعودية يمكن رصد تطور كبير في مستوى تعامل إدارات المدن مع علاقة المركبات مع المشاة وجعل الأحياء أكثر أنسنة، ومن ثم رفع مستوى السلامة بخاصة بعد التزام أعمال التنفيذ معايير دولية بدأت أمانات المدن تطبيقها وفق اشتراطات الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.

ونوه الحمدان إلى تعزيز تجانس استخدامات الأراضي لضمان تدرج هرمي ملائم لتصنيف الطريق وفصل حركة المركبات عن عبور المشاة، مؤكداً أنه يمكن تحقيق ذلك بوجود ممارسات متقدمة على مستوى التخطيط والتصميم العمراني وإدارة المدن.

ويرى مهندس إدارة المدن والتخطيط أنه لا يمكن حل إشكالية كثرة الحوادث بعمل المطبات الصناعية أو علاج المشكلة بشكل أحادي، بل بصورة تكاملية من خلال "منظومة متجانسة بين شبكة الطرق واستخدامات الأراضي ووعي المستخدم"، مشيراً إلى ضرورة تطبيق الغرامات والعقوبات الصارمة ضد مخالفي نظام المرور والعمل على الحد من استخدام المركبات الخاصة وتمكين النقل العام لخفض عدد وزمن الرحلات داخل المدن.

أنواع المطبات

وتأخذ مطبات الشوارع أشكالاً متعددة في السعودية، تعتمد على عرض الشارع ومكان تنفيذ المطب والهدف منه. وقال المتحدث باسم أمانة مدينة جدة محمد البقمي "هناك نوع من المطبات الصناعية يطلق عليه المطب القصير، ويتم تنفيذه بشكل عرضي على طول الشارع ويتراوح عرضه ما بين 7.5 سنتيمتر و10 سنتيمترات، وفي الغالب يتم تنفيذه في الطرق الفرعية ومواقف السيارات، ويهدف إلى تخفيض سرعة المركبة إلى ما دون 10 كيلومترات في الساعة.

أما ما يخص النوع الثاني من المطبات فهو ما يطلق عليه الانسيابي، وبحسب البقمي فإن طوله يبلغ 3.5 متر في حين يكون عرضه 7.5 سنتيمتر، وزاد "يهدف هذا النوع من المطبات إلى تقليل سرعة سائق المركبة إلى ما دون 35 كيلومتراً في الساعة".

واستطرد المتحدث بالقول "يوجد أنواع من المطبات مخصصة لعبور المشاة، ويسمى بالمطب المسطح العلوي المستوى، إضافة إلى أخرى يتم تنفيذها عند تقاطعات الطرق، وتسمى بالمطب المرتفع، ويستخدم في إنشائه رصيف من نوع البلاط الخرساني".

طرق خالية

وأشار متحدث أمانة جدة إلى أن وجود طرق يمنع فيها وضع المطبات منها الطرق الشريانية والتجمعية داخل المدن، وكذلك التي تتميز بحركة كثيفة لسيارات الطوارئ مثل الإسعاف والإطفاء أو سيارات ذات القاعدة الطويلة.

وأردف البقمي بالقول "وفي الطرق التي يزيد فيها مرور الشاحنات والحافلات على خمسة في المئة من إجمالي السيارات العابرة للطريق يمنع وضع المطبات فيها إلا في حال وجود مسار متخصص لتلك السيارات على جوانب الطريق".

شروط تحديد مكان المطب

وأكد متحدث الأمانة أن هناك شروطاً لا بد من وجودها عند تنفيذ المطب، ويمنع أن يكون إنشاؤه بشكل عشوائي ومن دون دراسة. وقال "في الغالب يتم تنفيذ تلك المطبات في الشوارع الجانبية، التي لا تزيد فيها سرعة المركبة على 60 كيلومتراً في الساعة، ومراعاة بعده عن منطقة عبور المشاة بما لا يقل عن خمسة أمتار في حال لم يكن مهيأ لعبور المشاة".

وشدد البقمي على أنه لا بد من التأكد عند إنشاء المطب ألا يكون معوقاً لتصريف المياه في الشارع وأن تكون المسافة الفاصلة بينه وبين التقاطع المروري 20 متراً، كما يمنع زراعة الأشجار والنباتات على جانب الطريق الذي يحتوي على المطب حتى لا تعوق رؤية اللوحات المرورية.

وتنص لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية الصادرة بقرار مجلس الوزراء السعودي بفرض غرامة قدرها بالحد الأدنى 3 آلاف ريال سعودي (800 دولار) وفي حدها الأعلى 5 آلاف ريال (1330 دولاراً) عند وضع مطبات صناعية من دون موافقة من الجهات المتخصصة مع إزالة المطبات على نفقة المخالف.