Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فقر ودمار ومرض... عيادات خيرية لـ "أوجاع الرقة"

الرعاية الخاصة تحتاج أموالاً طائلة وتزداد كلفتها باستمرار مع انخفاض قيمة الليرة السورية

علاجات مجانية للمرضى من ذوي الحاجة في مدينة الرقة (اندبندنت عربية)

ملخص

 الحاجة تدفع بالمرضى إلى العيادة الخيرية داخل مدينة الرقة السورية.

وسط عيادة طبية خيرية في مدينة الرقة تمسك ريهام ذات التسعة أعوام بيد والدتها بينما شحوب المرض يعلو وجهها الأسمر الصغير، فقد أحضرتها الوالدة إلى العيادة الطبية لتحصل على إحالة إلى طبيب متخصص في أمراض القلب بعد أن حصلت على إحالتها الأولى بزيارة طبيب الأطفال.

تشكو ريهام وهناً عاماً وضيقاً في التنفس إلى جانب صداع مستمر منذ أشهر، وتقول والدتها، وهي أرملة وأم لثمانية أطفال، إنها تقصد العيادة منذ مدة بعد مرض ابنتها، فهي لا تملك كثيراً من المال لمتابعة علاجها، ودلتها إحدى قريباتها على هذه العيادة الخيرية بغية توفير ما تستطيع توفيره في علاج ابنتها المريضة، إذ تعاني العائلة من شح في مواردها المالية بعد غياب معيلها، في حين يعمل اثنان من أولادها الصبية لتأمين لقمة عيشهم، بحسب ما تقول والدة ريهام.

من لأوجاع الرقة؟

ويعاني القطاع الصحي في مناطق شمال وشرقي سوريا تدهوراً خطراً في البنية التحتية والخدمات الطبية، إذ تعمل الإدارة الذاتية ومنظمات غير حكومية على توفير جزء يسير من الخدمات مقارنة بحاجات السكان البالغ عددهم نحو 6 ملايين شخص، وهو ما يدفع بالإدارة الذاتية والجهات المعنية إلى إطلاق مناشدات متكررة لتحسين هذا الواقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الرقة التي لا تزال آثار الدمار والحرب ضد "داعش" بادية في أرجائها وريفها حتى الآن، يشكو السكان نقص الرعاية الصحية العامة مما يضطرهم إلى اللجوء لعيادات الأطباء الخاصة في المدينة، لكن الرعاية الطبية الخاصة تحتاج أموالاً طائلة وتزداد كلفتها بصورة مستمرة مع انخفاض قيمة الليرة السورية في مقابل العملات الأجنبية، وخصوصاً الدولار الأميركي، مما يدفع كثيراً من السكان للبحث عن بديل مجاني أو خفض كلفة علاج مرضاهم.

تقول والدة ريهام بحزن وعيناها الملونتان تدمعان أثناء الحديث، إنها مضطرة إلى اللجوء إلى من يوفر العلاج بالمجان أو يراعي وضعها وحال ابنتها ويقلل كلفته.

ووسط شارع تل أبيض المعروف افتتح طبيب من سكان المدينة عيادة طبية خيرية مهمتها توفير المعاينات وبعض الأدوية لفئات محددة من السكان المحتاجين، ويقول الطبيب فراس ممدوح الفهد، وهو صاحب العيادة الخيرية التي ورثها عن والده، إن الفكرة جاءت من كونها حاجة مجتمعية وتبادرت إلى ذهنه نتيجة الواقع الصحي المتردي لمدينة الرقة التي عانت ويلات الحروب، ثم نزح إليها الآلاف من محافظات سورية أخرى، وهي تهدف إلى تأسيس نظام طبي أهلي خدمي من دون الاعتماد إطلاقاً على الجهة الحاكمة أو المنظمات الدولية أو أية جهات أخرى، على حد تعبيره.

وتعتمد عيادة الفهد على استقبال المرضى ومعرفة حالهم المرضية ثم تحويلهم إلى الطبيب المتعاقد معه لجهة اختصاصه، إذ تخدم التحويلات المرضية 17 اختصاصاً طبيباً ويتبرع 120 طبيباً بتقديم هذه الخدمات، إضافة إلى مركز للعلاج الفيزيائي وصيدلية صغيرة، فيما يجري الإعداد حالياً لافتتاح مركز للتحاليل الدموية للغرض ذاته بعد أن تبرع أحد الأشخاص بالأجهزة اللازمة للمختبر، بحسب الفهد.

آلية عمل العيادة

وخلال عام جرى تسجيل 9 آلاف شخص وثقوا أسماءهم ضمن سجلات العيادة لجهة الفئة الاجتماعية وتاريخ المعاينة، وأما الفئات الاجتماعية المشمولة بالعلاج الخيري فعددها 10، منها الأيتام والأرامل والمعوقون ومرضى السرطان والفقراء.

وينوه الفهد إلى أن لجوء الناس إلى عيادته الخيرية يشير إلى الحاجة لدى هذه الفئات المهمشة اجتماعياً لتوفير مصاريفهم الطبية في ظل وصول بعض المعاينات لدى بعض العيادات الخاصة إلى 100 ألف ليرة سورية (ستة دولارات)، وإضافة إلى ذلك فإن المراكز الطبية المجانية بالرقة لا تكفي العدد الضخم جداً من أهالي المدينة، إذ تشير بعض المصادر إلى تجاوز العدد الحالي من السكان ثلاثة أضعاف ما كانوا عليه قبل عام 2011.

وتستقطب العيادة الخيرية عدداً ملحوظاً من سكان المدينة بمن في ذلك أشخاص قد لا يكونون مشمولين بالفئات المستهدفة للعلاج الخيري، ويقول الستيني أبو صالح (اسم مستعار) إنه قصد العيادة أكثر من مرة من أجل زوجته المريضة، وأن العيادة راعت وضعه إذ لا معيل له في العائلة.

ويأمل الطبيب الفهد أن يتمكن من توسيع مشروع العيادة الخيرية في المدينة عبر المبادرات، في حين يشكل التمويل والدعم في هذا المجال عائقاً لهذا التوسع وتقديم خدمات أكثر.

المزيد من العالم العربي