Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جاك ديلور عدو بريطانيا رقم واحد لإطلاقه اليورو

كان قصير القامة يرتدي نظارة طبية جاداً وسيئ المزاج أقرب إلى رئيس بلدية محلي (وهو تولى منصباً كهذا ذات يوم) منه إلى رجل فرنسي جذاب ولبق وسلس

وزير الخارجية دوغلاس هيرد، إلى اليسار، ورئيس الوزراء جون ميجور، في الوسط، مع جاك ديلور في قمة المفوضية الأوروبية التي استضافتها برمنغهام، في أكتوبر 1992 (ستيف إيسون/أرشيف هالتون/غتي إيماجز)

ملخص

كان جاك ديلور، الرجل الذي هندس الاتحاد الأوروبي، إنسانياً وصادقاً ولا يمكن تغيير موقفه على الإطلاق.

كل ما تحتاجون معرفته عن جاك ديلور هو أنه رفض عرضاً بأن يكون رئيساً لوزراء بلاده لأنه قرر أنه يفضل أن يكون رئيساً للمفوضية الأوروبية.

كان الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت، فرانسوا ميتران، مستعداً لترقية زميله الاشتراكي وزير المالية، ما يدفعه في الواقع نحو أن يصبح يوماً ما رئيساً لفرنسا، عندما قال ديلور إنه يفضل الوظيفة القائمة في بروكسل بدلاً من ذلك. يمكنكم أن تتخيلوا السخرية التي قد يثيرها قراره، حتى الآن، في بعض الدوائر البريطانية.

بالنسبة إلى كثر، سيؤكد ذلك ما اعتقدوه منذ فترة طويلة: أن ديلور، الذي توفي أخيراً عن عمر يناهز 98 سنة، كان عبارة عن شخصية مثيرة للسخرية. في نهاية المطاف، كان هدفاً لواحد من أكثر عناوين التابلويد الرئيسة التي لا تنسى، ذلك الذي ظهر على الصفحة الأولى من صحيفة "ذا صن" في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 1990: "تباً لك يا ديلور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان الحرف الكبير جداً مصحوباً بإصبعين يشكلان التحية البذيئة منذ الأزل. يمثل عدم الاحترام المطلق، والرسم، والمقال نفسه - الذي يصف رئيس المفوضية الأوروبية بأنه "أحمق فرنسي" - المرارة الكلاسيكية التي وسمت محرر الصحيفة آنذاك، كلفن ماكينزي.

"إنهم يهينوننا، ويحرقون حملاننا، ويغرقون بلدنا بالطعام الرديء، ويتآمرون لإلغاء الجنيه القديم العزيز. الآن حان دوركم لتخيبوا أملهم. نريدكم أن تبلغوا رئيس السوق المشتركة الضفدع جاك ديلور رأيكم فيه وفي مواطنيه".

إنها جملة مضحكة، بتلك الطريقة البريطانية الجريئة والأليفة والمستخفة، لكنها أيضاً خطرة في شكل قاتل، ذلك أن "الصن"، الصحيفة البريطانية الأكثر قراءة بأشواط وقتذاك، دعت "البريطانيين الحزينين حقاً جميعاً إلى مواجهة فرنسا والصراخ 'في مؤخرتك يا ديلور'".

وهكذا ولدت الحملة لصالح بريكست، وهكذا جرى العثور على بطليها، نايجل فاراج وبوريس جونسون، اللذين سيعاقبان ديلور وعصابته. بعد أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال المشاعر التي أثارها ذلك المقال، والنبرة التي اتخذها، عميقة.

كانت جريمة ديلور هي الترويج لفكرة العملة الأوروبية الموحدة. من قبيل الصدفة، يشهد الأول من يناير (كانون الثاني) 2024 الذكرى السنوية الـ25 لاستحداث اليورو - إلكترونياً في البداية، ثم بعد ثلاث سنوات كأوراق نقدية وعملات معدنية. وصنيعة ديلور هي الآن العملة الاحتياطية العالمية الثانية، التي لا يسبقها سوى الدولار الأميركي.

موطنه فرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا... تخلت كلها عن رموزها التاريخية المحلية في مقابل شيء ملموس بالقدر نفسه، نظام نقدي من شأنه أن يوحد أوروبا. هذه الجملة، مثل ذكر إضاعة ديلور فرصة رئاسة الوزراء لصالح منصب رئيس المفوضية الأوروبية، ستثير الغضب بين البعض. ويصح الأمر نفسه على ذلك العنوان الرئيس الذي لا يمكن نسيانه أبداً.

بالنسبة إلى هؤلاء البعض، كان دائماً عدو الشعب رقم واحد، كان تكنوقراطياً أوروبياً يرغب في التخلص من قرون من الهويات والتقاليد وتحويل الاتحاد الأوروبي إلى دولة فيدرالية عظمى. كان طموحه وحماسته هما ما دفع مارغريت تاتشر إلى إلقاء خطابها التاريخي في بروج عام 1988.

كما قال ديلور نفسه: "أعتقد بأنني في نظر السيدة تاتشر كنت شخصية مثيرة للفضول: فرنسي، كاثوليكي، مثقف، اشتراكي". هذان الوصفان الأخيران وجدتهما تاتشر مقلقين على وجه الخصوص.

كان ديلور دائماً إلى جانب العامل. خلال وجوده على رأس الاتحاد الأوروبي، أقنعت تاتشر وأمثالها أنفسهم بأن الكتلة كان من المقرر أن تصبح نوعاً من محور ماركسي مناهض للرأسمالية، يديره الفرنسيون والألمان على حساب بريطانيا.

مما لم يسهل الأمور أن ديلور كان قصير القامة، ويرتدي نظارة طبية، وجاداً، وسيئ المزاج - أقرب إلى رئيس بلدية محلي، وهو تولى منصباً كهذا ذات يوم، منه إلى رجل فرنسي دولي وجذاب ولبق وسلس. لقد كان أيضاً إنسانياً وصادقاً وأخلاقياً. ولم يمكن تغيير موقفه - على الإطلاق.

لقد حقق عديداً من أهدافه، وحول السوق المشتركة إلى سوق موحدة، وابتكر إطاراً اقتصادياً شاملاً على رأسه مصرف مركزي أوروبي قبل أن يدفع من أجل إصدار اليورو.

في المملكة المتحدة، جرى التعامل مع خطواته على أنها سبب للقلق، وحتى الذعر. في أوروبا، في حين ثارت شكوك، جرى قبول هذه الخطوات.

لم يكن الفارق العميق هو أيديولوجيته اليسارية بقدر ما كان رغبته في ألا تتعرض أوروبا إلى حرب مرة أخرى. مثل الملايين من الأوروبيين، عاش خلال سنوات الاحتلال النازي وشهد الفظائع التي انطوى عليها ذلك. لم يحصل الأمر نفسه في بريطانيا. نعم، تعرضت البلاد إلى قصف شديد وتكبد الجيش خسائر فادحة، لكن النازيين لم يغزوها - في هذ الصدد، نجت بريطانيا.

جعل ديلور مهمته بعد الحرب بناء أوروبا جديدة، تتأسس على الصداقة والعمل الجماعي، لكن من المؤسف أن هذا كثيراً ما يتلخص في شراكة فرنسية ألمانية وشراكة تنطوي على تطوير دولة عظمى - وهو هدف لم يتهرب منه، كما قال "لم تعد السيادة الوطنية تعني الكثير. وقد أظهرت التجربة أن التعاون الطوعي بين الدول لا ينجح أبداً. من أجل مواجهة التحديات الأميركية واليابانية، نحتاج إلى أن نتجاوز الاعتبارات الوطنية".

في الواقع، على رغم الإساءات كلها التي تلقاها، أعجب ديلور بالبريطانيين، وكان مقتنعاً بأن بريطانيا ستحتضن أوروبا في نهاية المطاف. لم يقيض لذلك أن يحصل. في استعارة لجوهرة من جواهر ماكينزي السيئة السمعة: يمكن القول، حين يتعلق الأمر بديلور، "كانت 'الصن' هي من فعلها".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء