Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزة تنفض الغبار عن أجهزة الراديو القديمة

يعتمد عليها سكان القطاع كمصدر رئيس للأخبار أخيراً في ظل انقطاع الكهرباء

ملخص

 أجهزة الراديو باتت الخيار المثالي بالنسبة إلى سكان قطاع غزة في ظل أزمة انقطاع الكهرباء لأن بطارياتها تدوم لمدة طويلة.

من أعلى رف في منزله أنزل الجد سعود جهاز الراديو القديم ونفض عنه الغبار المتراكم عليه منذ أعوام، وبعد أن فحصه وتأكد أنه لا يزال يعمل احتضنه ووضعه إلى جانب مقعده المقابل لكانون النار الذي يقضي طوال يومه خلفه.

أدار الجد سعود محرك المذياع وبدأ يحاول التقاط أحد الموجات التي يصل بثها لغزة، لكن عبثاً يحرك عجلة المؤشر فاضطر إلى تغيير مكان الراديو عله يلتقط إشارة موجة ما تنقل أخبار القطاع.

أيام زمان

رفع الجد جهاز الراديو في الهواء مرات عدة، ومن دون جدوى كان يفعل ذلك حتى أيقن أن بطاريات مذياعه تحتاج إلى تبديل، وبصعوبة وجد بطاريات جديدة، وما إن أدخلها في مكانها وأدار المحرك حتى التقط إشارة إذاعات يصل ترددها إلى القطاع.

ضحك الجد سعود وقال، "ياه على أيام زمان، لقد عدت 50 سنة بالعمر، وفي مرحلة الشباب كنت كل ليلة أسهر على سماع المذياع حيث حفلات أم كلثوم وعبدالحيلم وموجة BBC والقليل من الإذاعات الإسرائيلية والمحلية".

ومنذ أعوام طويلة هجر الجد سعود جهاز الراديو ووضعه كتحفة فنية على رف داخل منزله، ويضيف "قبل الحرب كنت أتابع الأخبار على شاشة التلفزيون وبعض الأحيان أتصفح الإنترنت، وكانت التكنولوجيا تغزو بيوتنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع الحرب تغير كل شيء في غزة، فالكهرباء مقطوعة تماماً عن جميع السكان منذ أن منعت إسرائيل توريد الوقود لمحطة توليد الطاقة، ويعني ذلك عدم إمكان تشغيل أجهزة التلفزيون والحواسيب، فضلاً عن صعوبة شحن الهواتف النقالة، إلا في حال وجود ألواح للطاقة الشمسية والتي أصاب معظمها التلف، وأصبح القليل منها ترف لا يملكه غالبية السكان في القطاع.

الإذاعات المحلية توقفت

التقط الجد سعود موجة راديو تبث من الضفة الغربية وتنقل أخباراً عن غزة، جلس مرتكزاً على كوعه وتناول بيده الأخرى كأساً من الشاي، وأنصت سمعه لقارئ نشرة الأخبار وكانت ملامحه تتغير بحسب المعلومات التي يسمعها.

يؤكد الجد أن العالم يتقدم في مجال التكنولوجيا والناس في غزة تتراجع للعصر الحجري، إذ يشعل الحطب يومياً ويعد عليه طعامه ومشروبه الشاي المفضل ويسمع الأخبار عبر الراديو لحظة بلحظة.

فجأة انقطع بث موجة الراديو لأن اخترقت إسرائيل التردد وبثت عليه رسالة تطلب من السكان النزوح من مخيم البريج وسط غزة إلى محافظة رفح أقصى الجنوب، فغضب الجد سعود من ذلك وأخذ يحرك عجلة المؤشر.

كان الجد يبحث عن أية إذاعة محلية تبث من غزة، لكن جميعها توقفت بعد أن أمرت إسرائيل جميع سكان مدينة غزة بالنزوح، وهي المدينة التي تعد عاصمة كل شيء وفيها مكاتب وأستوديوهات وأجهزة بث الإذاعات المحلية.

بث مخصص لسكان غزة

لم يصب سعود باليأس وأخذ يبحث عن موجة أخرى، فلا حل بديل لديه وبعد أصبح جهاز الراديو الذي يعمل بالبطاريات الوسيلة الوحيدة لمتابعة الأخبار، يؤكد ذلك الجد قائلاً "أريد أن أعرف ما يحدث حولي، والمذياع هو الوسيلة المتاحة أمامي، ولا شيء سوى هذا الجهاز العزيز".

 

 

وعند بدء الحرب على غزة أطلق عدد من القنوات الفضائية الدولية الناطقة باللغة العربية بثاً إذاعياً مخصصاً لسكان القطاع لمعرفة آخر الأخبار والتطورات، وعلى رأسها BBC عربية، وأسهمت هذه الخطوة في بقاء المواطنين على اطلاع دائم حول ما يدور حولهم.

"قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلاً مكتظاً بالسكان والنازحين في مدينة دير البلح وسط غزة"، وكان المذيع يقرأ هذا الخبر عندما وصل ابن الجد مسعود لينقل له أن بيتاً لجيرانه جرى تدميره وبه عدد من الضحايا.

الإذاعات الإسرائيلية

هز الجد رأسه في إشارة لمعرفته بالخبر وضحك لأنه سمع المعلومة، لكنه انتقل إلى إذاعة إسرائيلية تتحدث باللغة العبرية وأخذ يسمع ما يقوله المذيع فيها، يفهم سعود اللغة اليهودية منذ أن كان يعمل في الأراضي الإسرائيلية ويجيد ترجمتها.

وفي الواقع وبسبب القرب الجغرافي بين غزة وإسرائيل يصل تردد الإذاعات الناطق بالعبرية إلى غزة، كما أن الإذاعات في الضفة الغربية عملت على تقوية بثها ليصل إلى القطاع وخصصت تغطيتها عن الحرب.

وليس وحده الجد سعود الذي يستمع إلى الراديو فأكثر سكان غزة باتوا يعتمدون عليه لمعرفة الأخبار، وفي خيمة إيواء في محافظة رفح كان أشرف يتابع الأخبار عبر الراديو ويقول "لا توجد خيارات أخرى، فكنت أتابع إذاعات محلية لكنها توقفت، وأستمع اليوم لأي إذاعة صوتها واضح وتنقل أخبار غزة".

مصدر للأخبار

ويوضح أشرف أنه يواكب التطورات الميدانية دائماً بواسطة راديو يعمل بالبطارية، مشيراً إلى أن عند نفاذها يتجول في المخيم ويستمع إلى أجهزة الراديو الخاصة بالآخرين، فهو يحب أن يبقى على اطلاع حول ما يدور في غزة.

أما سوسن فتقول "أسمع جميع الأخبار من جهاز الراديو، وبالتحديد لأعرف أي معلومات عن هدنة أو وقف الحرب، صراحة أتلهف على أي خبر مفاده أن الأطراف توصلت لاتفاق يقضي بانتهاء القتال، ويسمح بعودة النازحين لبيوتهم في الجزء الشمالي من القطاع".

من جانب آخر يقول سامي أبو سمعان وهو صاحب متجر لبيع الأجهزة الإلكترونية إن جميع أجهزة الراديو في محله نفذت، إذ إن هناك إقبالاً كبيراً على المذياع الذي يعد أكثر الوسائل أهمية لمعرفة الأخبار".

ويؤكد أبو سمعان أن أجهزة الراديو باتت الخيار مثالي بالنسبة إلى الناس في ظل أزمة انقطاع الكهرباء لأن بطارياتها تدوم لمدة طويلة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات