ملخص
مركز بحثي يرى في مصر منافساً لتركيا خلال العام المقبل على صعيد جذب الشركات
تدخل تركيا عام 2024 بتركة ثقيلة من التحديات الاقتصادية على صعيد التضخم الفاحش والتدهور البالغ في سعر الليرة التركية أمام الدولار، إلى جانب مناخ استثماري مشوب بعدم الثقة في سياسات الحزب الحاكم وفريقه الاقتصادي، لكن أكثر ما يخشاه البعض في العام الجديد، أن "تفقد تركيا مستقبلها" في إشارة إلى هجرة الأدمغة.
وخلال عام 2023، انزلقت الليرة التركية إلى مستوى قياسي بلغ 29.4 مقابل الدولار الواحد، لتصل خسائر العملة إلى 36 في المئة بعدما واصلت انخفاضها البطيء والمطرد في الأشهر الأخيرة من العام بوتيرة ملحوظة.
يتحدث تقرير حديث لمركز أبحاث تركي، عن الأخطار الاقتصادية في بلد يوشك أن يفقد مستقبله، وفق ما يذكره التقرير، نتيجة لهجرة الكفاءات الوظيفية، في خطر يقدمه المركز على أخطار أخرى تبدو لديه أقل أهمية في تصنيفه لتحديات 2024، إذ يرى أن عام 2023 سُجل في التاريخ باعتباره العام الذي زادت فيه هجرة الأدمغة وانتقلت الشركات إلى مصر، التي ستكون أقرب منافس لتركيا في العام الجديد، بعد انخفاض هوامش الربح بشكل كبير نتيجة لارتفاع الكلفة بشكل عام، واستنزاف العملاء بسبب التضخم.
الجوع يدهم الطبقة المتوسطة
يقسم تقرير مركز الخليج للأبحاث ومقره أنقرة، أخطار عام 2024 إلى ثلاثة أخطار اقتصادية وخطر بيئي وآخر جيوسياسي، ويشير إلى الأخطار الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع معدلات التضخم، وصعود أسعار الفائدة وتقلص فرص الائتمان، والصراع مع مشكلة عتبة الجوع التي طال أمدها بين السكان ذوي الدخل المتوسط والمنخفض نتيجة لفشل السياسات الاقتصادية المعمول بها.
ويعتقد التقرير أنه في حالة تركيا، وبالنظر إلى المشكلات الناجمة عن ظاهرة الهجرة القسرية وحقيقة أن الهجرة القسرية من المرجح أن تستمر في الأعوام المقبلة، والاضطرابات الداخلية في البلدان المجاورة واحتلال غزة، تشير التقديرات إلى أن الأزمة في تركيا ستستمر طويلاً وقد تمتد آثارها لعديد الأعوام.
وجمع "المركز" بيانات تقرير الأخطار في تركيا من خلال طريقة المسح، بمشاركة 451 شخصاً هم من كبار المسؤولين التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة، الذين يتألفون بشكل رئيس من المحللين الماليين وخبراء إدارة الأخطار والمدققين في الاستطلاع، وتضمين 414 إجابة في الدراسة.
"هجرة الأدمغة"
احتلت أخطار هجرة الأدمغة المرتبة السابعة في قائمة الأخطار لعام 2023 وارتفعت إلى المرتبة الأولى في تقرير عام 2024، وفق ما يورد التقرير، إذ يمكن رؤية حقيقة أن خطر هجرة الأدمغة في القمة يمكن رؤيته في المقام الأول كنتيجة للأزمة طويلة المدى في بيئة الاقتصاد، وينبغي أيضاً تقييم خطر هجرة الأدمغة جنباً إلى جنب مع التغير العالمي في الحياة العملية، والانتقال إلى ثقافة العمل عن بعد بعد الوباء، والتغير في العوامل الاقتصادية الوطنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وارتفع خطر الصراعات الإقليمية والمشكلات المحتملة لتركيا مع الجيران، الذي احتل المرتبة الرابعة في قائمة الأخطار لعام 2023، إلى المرتبة الثانية في عام 2024، وفي حين أن خطر الصراعات الإقليمية لم يكن على رأس قائمة الأخطار حتى أثناء الحرب الأهلية السورية، إلى أن صعد إلى القمة مع الحرب الروسية في أوكرانيا وحرب غزة لاحقاً، ومع احتلال الأخيرة، فإن استطلاع "المركزي" يبدي تخوفاً من أن التوتر في المنطقة، المستمر منذ 11 عاماً في شكل احتلال أو حرب أهلية، قد يستمر لعديد الأعوام الأخرى.
مشكلات اقتصادية كبيرة
تراجع خطر تطورات السوق المعاكسة (الفائدة وغيرها)، والتي احتلت المرتبة الأولى في عام 2023، لتحتل المرتبة الثالثة في عام 2024، وهذا الوضع يبرهن على أن لدى تركيا مشكلات أخرى تفوق المشكلات الاقتصادية، وعلى رغم الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 و7.6 درجة حين ضرب عدداً من الولايات التركية في 6 فبراير (شباط) 2023 وتمركز في كهرمان مرعش، وأثر على 11 مقاطعة مع فقدان 45089 شخصاً حياتهم نتيجة له، إلا أن خطر الكوارث الطبيعية يحتل المرتبة الرابعة في ترتيب الأخطار لعام 2024 نتيجة للتدهور الشديد في الاقتصاد، أو بعبارة أخرى، تجاوزت الأخطار الاقتصادية وأخطار الصراعات الإقليمية أخطار الزلازل.
واحتلت أخطار أسعار الصرف المرتبة الخامسة في القائمة، وسط توقعات بتقلبات وزيادة في أسعار الصرف، بالتوازي مع حقيقة أن أسعار الصرف ليست عند مستوى كاف للتدفقات الأجنبية، ومن المرجح أن تستمر زيادة سعر الصرف الناجم عن التضخم، ومن المتوقع حدوث تقلبات بعد الانتخابات المحلية.
وفق الاستطلاع، يحتل خطر تعميق عدم المساواة المرتبة السادسة في ترتيب الأخطار لعام 2024، وينبغي تقييم خطر تعميق عدم المساواة مع تآكل الثقة في الاقتصاد، ويأتي خطر الفقر المدقع أو واسع الانتشار المرتبة السابعة في التصنيف، بينما يحتل خطر أزمات المياه المرتبة الثامنة، وخطر البطالة المرتبة التاسعة، ويأتي خطر غرف الصدى الإعلامي أو "الأخبار المزيفة" المرتبة العاشرة.
ارتفاع الكلفة
بالمقارنة مع عام 2022، في عام 2023، زادت كلفة رواتب الموظفين وكلفة الشحن والخدمات اللوجستية والطاقة والتمويل بشكل كبير على أساس الدولار، وهو ما يتوقع التقرير استمراره في العام المقبل، موجهاً النصح إلى أعضاء مجالس الإدارات، مراقبة موازنة 2024 عن كثب والحرص على توازن حجم الأعمال والربحية من أجل تحقيق أهداف الموازنة في البنود الحيوية، والعمل على تطوير حلول بديلة لكلفة التمويل التي ارتفعت أو سوف ترتفع، مشيراً إلى أنه مع التغيرات الاقتصادية والسياسية ستكون هناك حاجة إلى نهج أكثر استباقية في تحديث الاستراتيجيات والأهداف على أساس التغيرات الاقتصادية والسياسية.
وقبل أيام، رفع البنك المركزي التركي، توقعاته لمعدلات التضخم إلى 65 في المئة بنهاية عام 2023، مقارنة بتوقعات سابقة أكثر تفاؤلاً عند 58 في المئة، وسط ترجيحات له ببلوغ التضخم إلى 36 في المئة بنهاية 2024، مقارنة بتوقعات سابقة عند 33 في المئة، وصولاً إلى 14 في المئة بنهاية 2025 على أساس سنوي.