ملخص
هجرت إسرائيل اللاجئين عام 1948، وفي الحرب الحالية طلبت منهم الهجرة مجدداً... لكن إلى أين؟
خلال الحرب التي تلت إعلان تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، فر نحو 180 ألف فلسطيني في نزوح جماعي إلى قطاع غزة، وسجلوا كلاجئين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
في 1949 أقيمت ثمانية مخيمات في قطاع غزة لاستقبال المهجرين موقتاً، توزعت على جميع محافظات القطاع الخمسة. ففي البداية كانت عبارة عن معسكرات مصنوعة من الخيام، ولاحقاً أقامت "أونروا" وحدات سكنية أولية من الطوب والقرميد والصفيح، ثم جرى تشييد أبنية وعمارات لهم.
قبل الحرب الحالية كانت المخيمات مكتظة بالسكان، إذ يعيش فيها 620 ألف لاجئ يعانون انعدام الخدمات، وزادت معاناة هؤلاء على إثر النزاع الحالي الذي فرضت فيه إسرائيل على المهجرين تهجيراً قسرياً جديداً.
نحو المخيمات
في بداية الحرب أمرت إسرائيل سكان مخيمي "جباليا" و"الشاطئ"، وكليهما يقعان في الجزء الشمالي من القطاع، بالإخلاء نحو جنوب وادي غزة، بالتالي تكون فرضت على هؤلاء المهجرين تهجيراً جديداً.
شمال قطاع غزة يقع مخيم "جباليا"، ويعد الأكبر من حيث المساحة (1.4 كيلو متر مربع)، والسكان (116 ألف لاجئ)، وفيه شنت إسرائيل أكبر وأكثف وأعنف غاراتها الجوية والبرية، وأمرت جميع سكانه بالنزوح.
على بعد بضعة كيلو مترات منه يقع مخيم "الشاطئ" على مساحة 600 متر مربع، ويعيش فيه أكثر من 90 ألف لاجئ فرضت عليهم إسرائيل النزوح أيضاً، بعد أن شنت عليهم غارات عنيفة تخللها إسقاط قنابل الفسفور الأبيض، كما جرى تدميره بشكل كامل في الاجتياح البري.
توزع اللاجئون الذين كانوا يقطنون في المخيمين على مناطق النزوح، وأغلبهم وجد مأوى له في مخيمات اللاجئين المنتشر أغلبها في المحافظة الوسطى، لكن إسرائيل وسعت عملياتها البرية خلال الأسبوع الجاري في وسط القطاع وبدأت هجوماً برياً.
خريطة غزة
تتكون غزة من خمس محافظات: الأولى بيت حانون شمالاً وتضم مناطق عدة ("بيت حانون" و"بيت لاهيا" ومعسكر "جباليا")، والثانية مدينة غزة في الشمال وتضم أحياء عدة ومعسكر "الشاطئ"، والثالثة محافظة دير البلح وسط القطاع وهي مركز تجمع اللاجئين، والرابعة مدينة خان يونس جنوباً، والخامسة محافظة رفح أقصى الجنوب.
تتكون محافظة دير البلح من مجموعة مخيمات للاجئين، ويغلب عليها طابع معسكرات النزوح، وفيها وحدها أربع مخيمات تابعة للـ"أونروا"، هي "البريج" ويعيش فيه 46 ألف لاجئ، و"المغازي" 33 ألفاً، و"النصيرات" 85 ألفاً، و"دير البلح" الذي تبلغ مساحته 170 متراً مربعاً ويعيش فيه 26 ألفاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلال الحرب الإسرائيلية الحالية نزح عشرات الآلاف من اللاجئين من سكان الشمال إلى مخيمات "البريج" و"المغازي" و"النصيرات" و"دير البلح" ليقيموا في منازل اللاجئين ومدارس "أونروا".
لكن هذه المخيمات، التي تقع في المنطقة الوسطى واستقبلت نازحين أخيراً وكانت ضمن المناطق الإنسانية الآمنة، فقدت هذه الصفة وتعرضت لتهجير جديد يعد الأكبر منذ بدء الحرب على غزة، بعد أن كانوا يظنون أنفسهم بمنأى عن أية عملية برية في الوقت الحالي.
هجرة المهجرين
يوم الأربعاء الـ27 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته البرية لتشمل المنطقة الوسطى، وأمر اللاجئين في مخيميات "البريج" و"المغازي" و"النصيرات" بالإخلاء فوراً، وبالفعل استجاب السكان الذين يعيشون في بيوت متلاصقة، وجرت عملية نزوح جديدة.
لكن "أونروا" لم تعتبر أن ما جرى هو عملية نزوح، بل أطلقت عليه تهجيراً قسرياً. وقال مدير عملياتها في غزة توماس وايت، "أجبرت السلطات الإسرائيلية اللاجئين مرة جديدة على الهجرة مع استمرار للتهجير القسري".
وأضاف وايت "إسرائيل تأمر اللاجئين بالانتقال إلى مناطق الغارات، هؤلاء بالأساس بشر وليسوا قطعاً على رقعة شطرنج، لقد هجر بالفعل كثيرين منهم مرات عدة أولها عام 1948، واليوم لا يوجد مكان يقصدونه، فلا مكان آمناً".
في ظل قتال الجيش على محور الشمال وخان يونس ومخيمات اللاجئين، لم يتبق لجميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة سوى منطقتين، "دير البلح" التي تبلغ مساحتها 26 كيلو متراً مربعاً، ورفح ذات الـ36 كيلو متراً مربعاً.
تقول رئيسة فريق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة جيما كونيل، "لم يتبق أمام السكان في غزة سوى مساحة صغيرة، ليس هناك ما يضمن أن وجهتهم المقبلة ستكون آمنة".
الجيش يأسف
يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إن القوات سعت إلى إجلاء المدنيين من مناطق القتال الجديدة، ونزوحهم يأتي في إطار اتخاذ احتياطات للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين، بينما نعمل على هزيمة "حماس"، إن أوامر الإخلاء تهدف إلى نقل المدنيين من المناطق التي تشهد أعنف قتال".
وفي الوقت الذي تحدث الجيش عن تقليل الإضرار بالمدنيين ومحاولة حمياتهم، أغارت الطائرات المقاتلة على مخيم "المغازي" أثناء عمليات النزوح، ووصل عدد الضحايا في القصف إلى 95.
لكن هاغاري يأسف لذلك قائلاً "كان يمكن الامتناع عن قتل عشرات الفلسطينيين في المخيم، فالذخيرة المستخدمة لا تتناسب مع الهجوم، ونأسف لمقتل هذا العدد من غير المتورطين في القتال، ونعمل على استخلاص العبر من الغارة التي تسببت في أضرار جانبية كبيرة".