Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن
0 seconds of 1 minute, 43 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:43
01:43
 

رسوم فوق أنقاض غزة لتوصيل رسائل إلى الطائرات الإسرائيلية

صنعتها فنانة نازحة احتفالاً بالعام الجديد لنقل رسالة القطاع المدمر إلى قادة الحرب في تل أبيب

ملخص

ليرى الطيارون الإسرائيليون لوحتها اختارت أمل الرسم على أنقاض المباني المدمرة في غزة، فما قصتها.

بريشتها رسمت أمل أبو السبح شجرة عيد الميلاد احتفالاً بالعام الجديد، لكنها كانت شجرة مختلفة عن تلك التي تزين مدن العالم، حيث اتشحت خلفيتها بالسواد، مع كفن لأحد الأطفال الذين سقطوا ضحية القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

إلى جانب جدار منزل قصفته الطائرات الحربية، جلست أمل تمسك ريشتها التي تحبها، وأخذت تضع اللمسات الفنية الأخيرة على لوحتها الجديدة التي فضلت أن ترسمها هذه المرة على أنقاض البيوت المدمرة.

تقول أمل، "اخترت أن يكون الخراب هو لوحتي الفنية، هذا شيء غير مألوف، ففي العادة الفنان يرسم لوحاته على الورق وأمام منظر خلاب أو جداريات كبيرة تكون في وسط مدينة جميلة، لكن في غزة كل شيء مختلف".

شجرة الميلاد

غمست أمل ريشتها في عبوة اللون الأسود، ودهنت بها أحد الجدران المدمرة التي تشعبت منها قضبان الحديد، وفي طرف لوحتها الأيمن خططت 2024 باللون الأحمر. تقول، "كل لون يعبر عن معنى، فالأسود دليل على الحداد وعدم الاحتفال بالعام الجديد، وكتبت السنة بالأحمر كناية عن الدم الذي يسيل في غزة".

بسرعة كانت ترسم، وتشكل ريشتها المغموسة هذه المرة باللون الأخضر شجرة رأس السنة الجديدة، لكن أمل فضلت تزيينها بشيء مختلف، إذ علقت عليها نجوم السماء وإلى جانبها حمم النار التي تسقطها الطائرات الإسرائيلية على القطاع.

في طرف الشجرة، رسمت طفلاً ينزف منه الدم الذي يتساقط على طفل صغير آخر ارتقى وهو نائم على سريره وملتحف بغطاء أبيض، وهو دليل على السلام وكراهية الحرب التي شكل الأطفال والنساء أكثر من 70 في المئة من ضحاياها.

القطاع الحزين

تعلق أمل على لوحتها موضحة، "كنا نريد أن نحتفل في غزة كباقي دول العالم بالعام الجديد، لكن الحرب منعتنا، لذلك رسمت شجرة متشحة بالسواد والدم والضحايا، هذه رسالة يفهمها الفنانون، نحن نحب السلام والحياة ونكره الحرب والدمار والقصف".

 

 

تشير أمل إلى أنها كانت تخطط لرسم شجرة رأس السنة في وسط مدينة غزة التي خرجت منها نازحة نحو الجنوب، لكن الطبيعة اختلفت عليها، وكذلك الفكرة، كما أن المشاعر تغيرت بسبب الظروف التي يمر بها القطاع الحزين.

قررت الفتاة أن تختار الأفكار من وسط الدمار، وعملت على تعديل مخططها السابق برسم الشجرة في وسط غزة، إلى تخطيطها فوق الركام، وهي متعمدة لذلك، ولديها أهداف كبيرة من هذه الخطوة.

هل تراها الطائرات؟

توضح أمل أن مكان لوحتها هو فوق الأنقاض وبالتحديد الجزء العلوي منها، ليتمكن الطيار الإسرائيلي الذي يراقب غزة من الأعلى ويحلق في سمائها ليل نهار من رؤية اللوحة، وتأمل في أن يفهم معانيها.

في الواقع، تحلق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المزودة بأحدث كاميرات المراقبة ومجسات مختلفة فوق قطاع غزة باستمرار بهدف مراقبة السكان والحصول على معلومات، وتنقل تلك البيانات التي ترصدها إلى غرفة مركز المتابعة والقيادة والتحكم في الجيش الإسرائيلي.

 

 

وتهدف أمل أن ترصد الطائرات الإسرائيلية لوحاتها الفنية، وأن يشاهدها ضباط الجيش في تل أبيب، ويعملون على تقليل الضربات الجوية التي يسقط فيها ضحايا مدنيون معظمهم نساء وأطفال.

عالقون في الأنقاض

لم تكن شجرة رأس السنة اللوحة الوحيدة التي رسمتها أمل، بل جسدت بالرسم أيضاً قضية مهمة في غزة وهي ملف المفقودين والعالقين تحت أنقاض المنازل المدمرة.

اقرأ المزيد

في لوحتها الثانية، رسمت أمل منزلاً مدمراً فوق رؤوس ساكنيه، ومعظمهم من فئة القاصرين، بينما يرفعون أياديهم لمحاولة الخروج من تحت الأنقاض، لكنهم يعجزون عن ذلك، وتقف فوق الركام مجموعة عناصر من فريق الإسعاف والطوارئ يحاولون تقديم المساعدة.

كما رسمت باللون الأسود صحافياً يحمل كاميرا، وجنوداً إسرائيليين ودبابات أمامها فراغ بسبب التدمير والتجريف، وكتبت أعداد الضحايا من الأطباء والأطفال والنساء، وعنونت اللوحة بـ"غزة 2024".

تقول أمل، "لا تزال أكوام الأنقاض تحيط بالمنازل المدمرة في قطاع غزة، وهذا مشهد كئيب يبث روح الحزن في نفوس السكان، لذلك أعتقد أن هذه المبادرة جاءت لإخفاء وحشية وتبعات الحرب على القطاع".

تفهم أمل تأثير رؤية الدمار اليومي على نفسيات الناس وترغب في تغيير هذا المشهد المألوف من الحجارة المحطمة والجدران المتهدمة إلى شيء جديد وملهم، وتعمل داخل المباني المدمرة بكل حذر على أمل تحويل الأماكن المظلمة إلى أماكن تتنفس فيها روح الحياة والأمل.

نزوح برفقة الألوان

دمر الجيش الإسرائيلي مشغل ومرسم أمل الذي كان عبارة عن غرفة في بيتها بمعسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، عندما اجتاحت القوات البرية منطقتها ودمرت المخيم بأكمله، لكن أول ما فكرت فيه الفتاة النازحة عندما أخلت منزلها كان أدواتها الفنية التي حملتها معها إلى مراكز الإيواء، فهي تحب الفن وتسعى إلى الاستمرار في ممارسته على رغم الحرب القاسية، تؤكد أنها حزنت كثيراً على تدمير بيتها ومشغلها والمقتنيات التي تحبها، وترك هذا الأمر بداخلها كثيراً من الألم، لكنها لم تصمت أو تقف مكتوفة اليدين، بل وجدت نفسها ترسم صور التحدي وتكتب عبارات الأمل والسلام.

المزيد من متابعات