ملخص
قانون جديد للآداب العامة في إدلب يحبس أنفاس السوريين... تعرف إلى أبرز بنوده
يثير مشروع قانون الآداب العامة في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا والواقعة تحت حكم فصائل المعارضة المتشددة، جدلاً بعد تسريب مسودته قبل إقراره بصورة رسمية، إذ يضم مجموعة قواعد وأحكام متعقلة بالنظام الأخلاقي والسلوكي للأفراد والمجتمع.
وبحسب مسودة قانون الآداب المسربة فقد جاء في أبرز بنودها فرض الحجاب على الفتيات فوق الـ 12 عاماً ومنع تشغيل الأغاني، وكذلك منع الاختلاط في العمل بين الجنسين مع إنشاء شرطة الآداب العامة المتخصصة بمنع المخالفات الظاهرة.
في غضون ذلك لم يصدر القانون بصورة رسمية بعد، إلا أن المعلومات الأولية تشي عن طرح ما يسمى "حكومة الإنقاذ" التابعة لهيئة تحرير الشام (النصرة) سابقاً التي فرضت منذ عام 2014 سيطرتها على إدلب.
ولعل وزارة الداخلية في الحكومة ذاتها أعلنت عبر حساباتها الرسمية في الأول من يناير (كانون الثاني) الجاري فتح باب الانتساب للعمل ضمن شرطة الآداب، ونشر موقع حكومة الإنقاذ شروط التقدم ومن أبرزها "أن يكون المتقدم خريجاً من كلية الشريعة أو لمعهد شرعي متوسط"، مما جعل الأمر أقرب إلى خطة نحو فرض القانون قريباً، في حين لم يصدر أي بيان رسمي حيال قانون الآداب العامة المتداول.
قواعد السلوك
وإزاء ذلك استعرض ناشطون مواد من مشروع القانون الجديد، إذ منع حظر الترويج أو التحريض على الأعمال المخلّة بالآداب العامة والذوق العام ونشر ما يخل بالآداب، ومنع الاختلاط في العمل بين الجنسين إلا بعد إثبات أنهما من المحارم، مع انتفاء مظاهر التبرج وفرض اللباس المحتشم في الأماكن العامة وغطاء الرأس للفتيات لما فوق 12 سنة من العمر.
ويمنع القانون الجديد المعازف والعروض المرئية وإيذاء الجوار بالضجيج، ومنع التدخين في المؤسسات العامة والخدمية والمرافق العامة المغلقة.
كما وضع المشروع ممنوعات في صالات الأفراح والمناسبات، بينما جاء في الممنوعات الدينية منع سب الذات الإلهية والأنبياء أو الاستهزاء بشعائر الإسلام ورموزه وعلمائه، وكذلك منع السحر والشعوذة وكتابة الطلاسم والرقى بألفاظ غير مفهومة، إضافة إلى منع الكهانة وقراءة الكف والفنجان والخطوط، كما تمنع المجاهرة بالفطر في نهار شهر رمضان.
وجاء في الممنوعات بيع أو فتح المحال التجارية بعد النداء الثاني من صلاة يوم الجمعة وحتى انتهاء الصلاة، ومنع الوشم وتشبه أحد الجنسين من الرجال والنساء بما يختص الآخرين، وكذلك منع كشف العورة للبالغين من الذكور في الأماكن العامة، إضافة إلى منع البغاء والزنا وعمل قوم لوط وشرب الخمر والمخدرات والقمار وغيرها من المحظورات الإسلامية.
حبس الأنفاس
وإزاء ذلك يرى فريق معارض للقانون الجديد أن هذه الشرطة ذات اتجاه ديني سلفي واضح المعالم، وهي بالتالي تعمل بحسب توجه من قبل قادة "جبهة النصرة" سابقاً حتى ولو غيرت من شكلها وهيئتها لتبدو مقبولة بعد إدراجها ضمن المجموعات الإرهابية المحظورة عالمياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الناشطة الحقوقية في شؤون المرأة مرام علي أشارت إلى عدم مشروعية هذا القانون كونه يصادر حقوق الإنسان، وصادر عن مجموعات متشددة تتشابه بقواعدها مع أسلوب دولة "داعش" وإن اختلفت معاير وطريقة تنفيذ هذه القواعد والقوانين إلا أنها تبقى تحد من الحريات.
وأضافت علي أن "القانون حد من حرية المرأة والرجل على حد سواء، وهذا يتنافى مع كل المطالبات الحقوقية في العالم، إضافة إلى التوجه الديني الواضح وبخاصة العاملين في شرطة الآداب من كلية الشريعة وليسوا من كليات مختلفة، أو كلية الحقوق، وهي أكثر الكليات التي يعتمد عليهم لتنفيذ القانون في دول العالم".
وفي مقابل ذلك يتفق فريق من القاطنين في مناطق درج القاطنون على تسميتها بـ "المحرر" وهو مصطلح يعني المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وبحسب أحد السكان في تعليقه على ما جاء بالقانون، فإنه يرى فيه إيجابيات منها تنظيم وضبط العلاقة مع الجيران المبنية على احترام وحسن الجوار، والعيش ضمن بيئة محافظة وسط الانفلات الحاصل والواسع الذي يشهده الشبان هذه الأيام، بحسب قوله.
وثمة اعتقاد يسري عن وضع آليات العمل كاملة لدى المؤسسات المعنية وجهوزية الأمور اللوجيستية، ولكن تسريب مشروع القانون يأتي كنوع للتمهيد للأجهزة الأمنية في المنطقة وإعادة هيكلة نشاطها، لا سيما أن هيئة تحرير الشام تعيش مناطقها فترة هدوء واستقرار نسبي على خطوط الاشتباك منذ أعوام، وكانت المعركة الأقسى بينها وبين القوات النظامية عام 2019 حين شنّ الجيش النظامي بدعم روسي وإيراني حملة عسكرية استعاد بها أجزاء واسعة من ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.
تغيير بالسياسية
وثمة من يرى تغييراً في سياسة هيئة تحرير الشام التي أرادت وعبر قائدها أبو محمد الجولاني رسم صورة معتدلة لتحظى بقول لدى الرأي العام العالمي، وبالتالي شرعنة حكم فصائله التي تندرج من جبهة النصرة وغيرها من الفصائل المتطرفة في حين تعد جميعها فرعاً من تنظيم "القاعدة" وذات مرجعية لها من حيث أسلوبها ومنهجها.
وكانت هيئة تحرير الشام، أو ما تسمى تنظيم تحرير الشام تشكلت في الـ 28 من يناير 2017 من خلال اندماج فصائل متطرفة عدة ومنها "جبهة فتح الشام" و"جبهة أنصار الدين" و"جيش السنة ولواء الحق" و"حركة نور الدين الزنكي"، واستقطبت كذلك أفراداً من السكان المحليين والأجانب، وامتدت سطوتها على مناطق واسعة في الشمال الغربي وسط خلاف مع المعارضين السياسيين للسلطة في أعقاب فرض الحياة المتطرفة منهجاً لحياة السكان المحليين.
وفي هذه الأثناء برزت حكومة الإنقاذ في إدلب كواجهة حكم لتقود المؤسسات عبر حقائب وزارية كان آخر تشكيل لها برئاسة علي كدة، رئيس لحكومة الإنقاذ في الـ 19 من يناير 2023، ومنذ ذلك الوقت بدت ملامح عودة فرض الحياة الدينية إلى الشارع بعد محاولات للظهور بصورة معتدلة، وفق ما أشار مراقبون للمشهد في إدلب.
ومع كل هذا سبق قرار عودة الشرطة الدينية بعد توقفها إلى حين فرض الحكومة وعبر تعميم إداري على المدارس في أغسطس (آب) 2023 إزالة كل الصور والرسوم والصور غير الشرعية المرسومة على الجدران في المدارس وارتداء اللباس الشرعي الفضفاض في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي، مما يمهد إلى أسلوب حياة أكثر تشدداً في مقبل الأيام.