Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أدى فنانون كبار دور الخائن في السينما؟

قالب درامي هزلي غير متوقع ضمن صياغة أمنية محكمة

الفنان المصري الراحل محمود عبدالعزيز خلال تكريم له في لبنان (أ ف ب)

ملخص

ذهبت السينما إلى تقديم دور "الخائن" من خلال الأدب لأن علماء نفس معاصرين أكدوا أن الكتابات العلمية عن الخيانة قليلة بشكل صادم

من خلال قالب درامي هزلي غير متوقع وضمن صياغة أمنية محكمة، قدمت السينما المصرية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عملين فنيين متفردين حول دور وشخصية الخائن في المجتمعات العربية تحديداً.

واستطاع كل من الفنانين الراحلين محمود عبدالعزيز ونور الشريف تقديم الشخصية المعقدة بأسلوب ساخر، وحمل الفيلمان "إعدام ميت" و"بئر الخيانة" أوجه تشابه كثيرة، إذ قدما من خلال حقبة زمنية حرجة واحدة "حرب الاستنزاف"، لكاتب واحد هو إبراهيم مسعود، لجأ بدوره لملفات أمنية سرية، ومخرج واحد هو علي عبدالخالق الذي استعان بنجمين كبيرين لبطولة العملين، وكانت النهاية في كل منهما شبه متطابقة مع رؤية الأدب، بعيداً من الأحداث الحقيقية في الواقع.

شخصية أدبية

ذهبت السينما إلى تقديم دور "الخائن" من خلال الأدب، لأن علماء نفس معاصرين غربيين كثراً أكدوا أخيراً أن الكتابات العلمية عن الخيانة قليلة بشكل صادم، مما اضطر الناس إلى معرفة هذه الشخصية الخطرة من خلال الفنون.

وفي السينما المصرية منذ بدايتها وحتى يومنا هذا، لم يقدم أي عمل تعمق في عوالم الخيانة من دون حرج، وأشهر عملين أدى فيهما فنانون مصريون كبار دور الخائن، هما "إعدام ميت" و"بئر الخيانة". بدورهم رفض فنانون كثر ومنهم "فريد شوقي" أداء أدوار من هذا النوع لأنها تقوض بطولتهم الشعبية.

إعدام ميت

وثق "عبدالخالق" من خلال عمله هذا، لأول مرحلة من مراحل تطور السينما المصرية من ناحية موضوع الخيانة، فالشخصية الصعبة التي تجنب كثير من الفنانين تقديمها نجحت في اقتناص اهتمام الجمهور، مع أنها ابتعدت كثيراً عن الشخصية الحقيقية.

ونال "إعدام ميت" من إنتاج عام 1985 إعجاب 92 في المئة من مستخدمي "غوغل"، وتميز الفيلم بتقديم رسالة وطنية واجتماعية قوية للغاية، إذ يقدم والد الجاسوس "منصور" على قتله، حال عودته لأرض الوطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتمدت هذه الرسالة التربوية المحضة على معطيات البيئة البدوية التي تركز على قيمة الشرف وغسل عار الخيانة بكل أنواعها الوطنية أو تلك المتعلقة بهتك العرض.

في المقابل لفت محمود عبدالعزيز الأنظار إلى الشخصية المرحة التي تحلى بها "منصور"، التي شكلت متلازمة رئيسة لشخصية الضابط المصري الشبيه به الذي أكمل مهمة الجاسوس الوطني في ما بعد.

بئر الخيانة

قدم هذا العمل بعد "إعدام ميت" بعامين، لذلك حافظ على الوتيرة ذاتها، إذ ناقش الفكرة الوطنية من خلال حقبة زمنية واحدة عرفت باسم حقبة "حرب الاستنزاف" ومن زاوية الأمن الوطني للمجتمع المصري كله، مؤكداً دور الأسرة عموماً والزوجة تحديداً "غزالة" في رفض هذه الشخصية حتى قبل تكونها وظهورها في الواقع.

وفي "بئر الخيانة" ذهب عبدالخالق ونور الشريف أبعد قليلاً من "إعدام ميت"، إذ يتوسع العمل في مفهوم الخيانة ليركز على مكنون الشخصية للخائن، فهو بدأ حياته لصاً يسرق من مخازن الميناء، وهو هارب من خدمة العلم، والأهم من ذلك كونه خائن لزوجته.

بدوره حافظ نور الشريف على إرث محمود عبد العزيز فقدم شخصية الخائن المرحة، إذ لا تفارق الابتسامة العذبة التي تميز قسمات وجه "الشريف" وجه الجاسوس طوال زمن ومراحل العمل تقريباً.

مصادر الشخصية

تمكن كل من نور الشريف ومحمود عبدالعزيز من التلاعب بمكنون شخصية الخائن بمهارة، فالخائن شخصية اجتماعية تطورت دينياً وسياسياً خلال مئات السنين، بل إن الرفض الاجتماعي تحديداً لهذه الشخصية فاق كل المستويات السياسية التي تبدو متساهلة مع الخائن في مقابل دور المجتمع الصارم، غير المتهاون تجاه هذه الشخصية.

لذلك لم يتردد النجمان في تقديم الشخصية المركبة والمتأزمة ضمن قالب كوميدي وهزلي في كثير من الأحيان، بدورها أخذت الدولة على عاتقها إعدام الجاسوس وفقاً للقانون، مع ذلك نفذ الوالد إعدام ابنه الخائن في "إعدام ميت" نيابة عن الدولة التي عجزت عن ذلك، فيما نفذ جابر في "بئر الخيانة" مهمة الإعدام في نفسه، لتنطبق عليه المقولة الشهيرة للضابط المصري عزت العلايلي عاش خائناً ومات كافراً، إذ ينطق الضابط المصري من خلال هذه الجملة القصيرة بلسان حال المجتمع والدين والقانون معاً، لتؤكد وقوف المجتمع كله ضد هذا الدور.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما