Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشركات تغادر المملكة المتحدة فكيف نكبح هذا المسار؟

يجب على السياسيين التوقف عن إلقاء الخطابات والبدء بالعمل

كما هي الحال مع سياستنا الخارجية تدرج المصالح التجارية البريطانية بهدوء في الولايات المتحدة (غيتي)

ملخص

ينبغي على المجتمع البريطاني أن يعلم أن محاولة إعادة اجتذاب الشركات والفشل أفضل بكثير من عدم المحاولة على الإطلاق.

تتلخص أحد التوقعات المضمونة لعام 2024 في أنه سيشهد إطلاقاً لكمية كبيرة من الكلام الفارغ.

ستجرى انتخابات عامة، وهذا يعني تحدث عدد كبير من السياسيين عن حالة الاقتصاد والأعمال البريطانية. والحقيقة، مهما زعموا، هي أن الاقتصاد راكد، وأن عديداً من الشركات تغادر المملكة المتحدة، فإما تباع إلى مشترين في الخارج، وإما تختار إدراج أسهمها في بورصات أجنبية.

ويأتي معظم هذا الاهتمام من الولايات المتحدة. لا يكفي فقط، على ما يبدو، أننا راضون عن كوننا "الولاية الـ51" بفعل سياستنا الخارجية، بل على الصعيد التجاري أيضاً، فنحن على وشك أن تبتلعنا القوة العملاقة وبهدوء.

وتوصلت بحوث أجرتها شركة "بيهورست" المزودة للبيانات وشركة "تشارلز ستانلي" لإدارة الاستثمارات إلى أن العقد الماضي شهد الاستحواذ على ألفين و306 شركات بريطانية سريعة النمو من قبل مالكين في الخارج. وتجاهلت 44 شركة أخرى البورصة المحلية وأدرجت أسهمها في الخارج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه شركات خسرتها بريطانيا، وتذهب إيراداتها وعوائدها الضريبية إلى أماكن أخرى، وكذلك الحال بالنسبة إلى الملكية الفكرية الثمينة الخاصة بها. وقد تحتفظ بقواعد هنا، لكن القرارات الاستراتيجية الحيوية المتعلقة بالاستثمار والتوظيف في المستقبل يجري اتخاذها الآن في مكتب يقع في بلاد أخرى. كذلك تنشأ الشركات المتفرعة عنها في شكل مثير بالقدر نفسه في الخارج.

لقد غادرت أيضاً في كثير من الحالات من دون أن تحقق أي شيء من إمكاناتها في المملكة المتحدة، وهي شركات ناشئة، في اللحظة التي تثبت فيها نجاحها، تغادر.

إنه تدفق باتجاه الخارج يضر بصورة كبيرة بالأمة وبرفاهها الاقتصادي. منذ فترة طويلة جداً، يجلس السياسيون ولا يفعلون شيئاً على وجه التحديد، يشاهدون الشركات البريطانية الواحدة تلو الأخرى يقتنصها مشترون أجانب، أو ترفض بورصة لندن لصالح سوق تقع في مركز عالمي منافس.

ولا يقتصر ذلك على الشركات الناشئة ذات النمو السريع فحسب، وتسير بعض علاماتنا التجارية التاريخية الأكثر شهرة على المسار نفسه. وتوقعوا أن يكون هذا الاتجاه محور تركيز حاداً مرة أخرى مع اشتداد الخلاف حول من يجب أن يتملك صحيفة "دايلي تلغراف". إنها صحيفة ويجري التعامل مع الصحف بصورة مختلفة، لذلك تجرى مراجعة رسمية، لكن النتيجة قد تكون هي نفسها، مع انتقال ملكية أحد منشوراتنا الرائدة إلى ملكية مجموعة أجنبية.

وفي هذه الحالة تحديداً، توتر السياسيون من الأحزاب كلها، معلنين عن معاناتهم بسبب بيع الصحيفة، ربما إلى مشترٍ سيادي في الشرق الأوسط. كما أقول، تكون الصحف مختلفة، وكلما تغير المالك، تستحق هوية المالك الجديد التدقيق.

لذلك، يمكن استثناء صحيفة "تلغراف"، لكن الحقيقة هي أن الوقت قد فات قليلاً للشعور بالغضب الآن حول شراء الأجانب أفضل أصولنا.

أصبحت المملكة المتحدة ما يصفه ستيفن ويلتون، الرئيس الجديد لـ"مصرف الأعمال البريطاني"، بأنه "اقتصاد حاضن"، يبني شركات جديدة فقط لتباع إلى مشترين أجانب. ويقول ويلتون لصحيفة "فايننشال تايمز" إن مصرف التنمية الاقتصادية البريطاني هذا يريد تمويل "شركات الغد الكبيرة والمهمة". ويضيف ويلتون "نحن نطور هذه الشركات، ثم تستحوذ عليها... شركات – أميركية في الغالب، لكن ليس حصراً، أو يستحوذ عليها مستثمرون أميركيون، يعيدون توطين الأعمال بعد ذلك. لا نريد أن نكون اقتصاداً حاضناً يتحمل أخطار هذه الشركات الصغيرة جداً كلها، ثم لا نتمكن من الاستفادة منها بعد توفير رأس المال الضروري للتوسع لتحويل بعض هذه الشركات إلى شركات عالمية حقيقية".

نبلي بلاء حسناً في بداية العملية، إذ لدينا أفكار ممتازة، وننشئ أعمالاً ناجحة. وفي الواقع، مراراً وتكراراً، يشيد بهذا الجزء السياسيون الذين يتمكنون من الإبداع والابتكار البريطانيين وجامعاتنا الممتازة. منذ سنوات كثيرة، تقود بريطانيا العالم في عديد من المجالات، وهذا السجل الحافل يستحق الإشادة.

ما يبدي السياسيون حرصاً أقل على استكشافه هو ما سيحدث بعد ذلك، عندما تبدأ الشركة في التقدم. ثم، في كثير من الأحيان، هذا هو المكان الذي ينتهي فيه التدخل البريطاني في مسار الشركة التصاعدي. ينقض أجنبي عليها ولا تعود الشركة ذات الطراز العالمي لنا.

يتمثل أحد الأسباب المتكررة في صعوبة تأمين التمويل. المستثمرون البريطانيون ليسوا سريعين كما يجب، ليسوا بارعين في التحرك بسرعة. نقلق أكثر مما ينبغي من احتمال الفشل، ونعتبر الإفلاس ضربة قاتلة للسمعة. يجب ألا يكون الموقف متطرفاً هكذا، في المملكة المتحدة، يمكن اعتبار أية تجربة سيئة علامة سوداء. في بلدان أخرى، ولا سيما الولايات المتحدة، يعتبر الإعسار ثمن النجاح في نهاية المطاف، هو متوقع ومفهوم.

تنضم الشركات إلى نظام اقتصادي معد ليتناسب مع تحقيق الإمكانات. المعاملات فيه أقل إرهاقاً، كل شيء يحدث بصورة أسرع، تريد السلطات بذل ما في وسعها لاستيعاب الأعمال، والاستماع إلى مخاوف الشركات والمساعدة في حلها، توظيف الأشخاص المناسبين ذوي المهارات المطلوبة ليس مشكلة. التجارة، كسب المال – يجب الاحتفال بأشياء كهذه، بينما في المملكة المتحدة، يجري التعامل معها بازدراء.

قطاع صناديق التقاعد لدينا راسخ جداً وذو موارد كبيرة جداً، لكن صناديق التقاعد تظل بعيدة تماماً عن الشركات الناشئة والشركات غير المدرجة. تقوم الحكومة بعمل ما حيال ذلك، إذ تزود مصرف ويلتون بسبعة مليارات جنيه استرليني (8.9 مليار دولار) لصالح "صندوق للنمو"، سيستثمر في الشركات التي يدعمها المصرف ويمكن لصناديق التقاعد أن تضخ أموالها فيه.

هذا لا يكفي، ولا بد أن تنشأ مخاوف في شأن العوائد المحتملة للمدخرين.

في كثير من الأحيان، يكون المال موجوداً، أما عملية الوصول إليه فمرهقة للغاية، وتتطلب ملء استمارات كثيرة والخضوع إلى مقابلات كثيرة. هذا كله يستغرق وقتاً إدارياً ثميناً، من دون أي ضمان للحصول على التمويل، لذلك من المفهوم أن تنحو الشركات نحو خيار أسهل يتمثل في احتضانها من قبل مالك أجنبي جديد لديه كثير من المال.

يجب على السياسيين التوقف عن إلقاء الخطب والبدء في العمل. يجب عليهم إتاحة الأدوات للشركات البريطانية للتطور والازدهار، مع البقاء بريطانية. لا يقتصر الأمر عليهم فقط، يحتاج القلب التجاري للندن إلى تغيير طريقة تفكيره، وأن يكون أقل نفوراً من الأخطار وأكثر رؤيوية وشجاعة. وكمجتمع، يجب علينا أيضاً أن نتغير، ونقدر أن المحاولة والفشل أفضل بكثير من عدم المحاولة على الإطلاق.

© The Independent

اقرأ المزيد