تستهل صناعة العملات المشفرة عام 2024 بقوة بعد موافقة الهيئة الرقابية في أميركا لأول مرة على تداول صناديق تتبع "بيتكوين"، وهي خطوة تعد حدثاً تاريخياً لقطاع العملات المشفرة الذي تبلغ قيمته 1.7 تريليون دولار تقريباً، إذ يسمح الوصول إلى أكبر عملة مشفرة في "وول ستريت" وخارجها.
وقد سمحت هيئة الأوراق المالية الأميركية العملاقة في "وول ستريت" مثل "بلاك روك" و"إنفسكو" و"فيديليتي"، وأيضاً لمنافسين أصغر بما فيهم "فالكيري" بإدراج صناديق تداول تتبع "بيتكوين".
معارضة لأكثر من عقد
وتمثل الموافقة من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات أمراً لافتاً بعد معارضة استمرت لأكثر من عقد من الزمن، منذ أن اقترح المستثمران تايلر وكاميرون وينكلفوس لأول مرة إنشاء صندوق استثمار متداول لـ"بيتكوين" في عام 2013.
وكانت شركة "بلاك روك" قد تقدمت بصورة مفاجئة في يونيو (حزيران) الماضي بطلب للموافقة على تداول صناديق "بيتكوين"، وأدى ذلك إلى ارتفاع العملة المشفرة بصورة حادة منذ ذلك الوقت وسط تكهنات بأن المنظمين الأميركين سيمنحون "بلاك روك" الموافقة.
تحذير على رغم الموافقة
وعلى رغم موافقتها حذرت هيئة الأوراق المالية والبورصات من أخطار "بيتكوين" والعملات المشفرة، إذ قال رئيسها غاري غينسلر في بيان صحافي، "بينما وافقنا على إدراج وتداول عملة (بيتكوين)، إلا أننا لم نوافق على طبيعة (بيتكوين) أو نؤيدها. ويجب على المستثمرين أن يظلوا حذرين في شأن الأخطار التي لا تعد ولا تحصى المرتبطة بـ(بيتكوين) والمنتجات التي ترتبط قيمتها بالعملات المشفرة".
كيف ستعمل آلية الصناديق؟
وسيتم إدراج صناديق تتبع "بيتكوين" في بورصات "ناسداك" و"نيوريوك" و"شيكاغو"، وستشمل أصول هذه الصناديق عملة الـ"بيتكوين" التي تم شراؤها من بورصات العملات المشفرة والمحتفظ بها من طريق أمناء مثل "كوين بايز غلوبل".
ولمعالجة مخاوف التلاعب لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات أنشأت بورصتا "ناسداك" و"شيكاغو" للأوراق المالية آلية لمراقبة السوق باستخدام "كوين بيز"، وهي أكبر بورصة للعملات المشفرة في الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويخطط المصدرون لفرض رسوم على التداول تراوح ما بين 0.20 في المئة إلى 0.8 في المئة، وهو أقل بكثير من متوسط سوق صناديق الاستثمار المتداولة.
تقليل الأخطار
وسيسمح صندوق "بيتكوين" للمستثمرين بالتعامل بأسعارها من دون تعقيدات وأخطار امتلاكها مباشرة، أي بمعنى سيتم شراء أسهماً في الصندوق من دون الأخطار بتملكها العملة نفسها، التي عاشها المستثمرون في السنتين الأخيرتين.
فقد شهدت صناعة العملات المشفرة سلسلة من حالات الإفلاس والفضائح، بما في ذلك انهيار بورصة العملات المشفرة "أف تي أكس"، بعد إدانة مؤسسها سام بانكمان فرايد بتهمة الاحتيال، إضافة إلى اتهام بورصات أخرى بانتهاك قوانين الأوراق المالية الأميركية، في حين اعترفت "باينانس"، كأكبر بورصة عملات مشفرة في العالم، أخيراً بالذنب في انتهاك قوانين مكافحة غسل الأموال الأميركية.
الخضوع للتنظيم الصارم
في المقابل، سيتم إدراج صناديق الاستثمار المتداولة في البورصات الخاضعة للتنظيم الصارم، من ثم يمكن الوصول إليها من خلال حسابات الوساطة الحالية للمستثمرين الأفراد، والتي تخضع أيضاً للإشراف الدقيق.
وكانت هيئة الأوراق المالية والبورصات قد وافقت في عام 2021 على صندوق الاستثمار المتداول لعقود "بيتكوين" الآجلة، والذي يتتبع اتفاقات شراء أو بيع "بيتكوين" بالسعر المتفق عليه مسبقاً، لكن هذه المنتجات لا تتتبع تحركات الأسعار بدقة، ويمكن أن تؤدي كلفة تجديد العقود الآجلة إلى تآكل العوائد، مما جعلها أقل جاذبية لعديد من المستثمرين.
وجود سابق
وعلى رغم وجود صناديق استثمار فورية لـ"بيتكوين" في كندا وأوروبا، فإن وجودها في الولايات المتحدة أمر مختلف، فهي أكبر سوق لرأس المال في العالم، وموطن لعدد من أكبر مديري الأصول والمستثمرين المؤسسين على مستوى العالم.
وارتفعت عملة الـ"بيتكوين" لفترة وجيزة إلى 47000 دولار بعد الموافقة، بعد انخفاضها بنسبة 64 في المئة في عام 2022، قبل أن تتضاعف قيمتها في عام 2023 إلى حد كبير بسبب التكهنات بأن هيئة الأوراق المالية والبورصة ستوافق في النهاية على صناديق الاستثمار المتداولة.
يشار إلى أن أسعار العملات المشفرة ارتفعت بقوة منذ بداية العام، إذ أضافت أسعارها نسبة سبعة في المئة خلال الأيام الماضية على ضوء توقعات موافقة هيئة البورصة الأميركية على طلبات تسجيل صناديق تداول المشفرات.
وتلقت الهيئة نحو 11 طلباً لتسجيل صناديق مشفرات في البورصة، بعضها مقدم من صناديق استثمار كبرى مثل "بلاك روك" و"إنفسكو" و"فرانكلين تمبلتون"، وأخرى من صناديق صغيرة مثل "آرك إنفستمنت مانجمنت" و"بيتوايز".
وكان رفض الهيئة الأميركية منح الترخيص والموافقة على تسجيل صناديق تداول المشفرات في أسواق المال قبل ذلك يرتكز على أن تلك الصناديق لا توفر مستوى الحماية الذي تقدمه المنتجات الاستثمارية التقليدية.