شهدت حركة الملاحة التجارية عبر مضيق باب المندب تراجعاً كبيراً منذ القصف الأميركي - البريطاني على اليمن، فجر أمس الجمعة، بعدما قررت كبرى شركات الشحن البحري تفادي الدخول إلى أو الخروج من البحر الأحمر لمدة 72 ساعة بعد القصف الذي تكرر فجر السبت.
وخشية من أي رد فعل انتقامي من جانب الحوثيين المدعومين من إيران على السفن التجارية في المنطقة، لم تدخل سوى 20 سفينة شحن المضيق الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، أي أقل بنحو النصف عن متوسط عدد السفن التي تعبر المضيق في الأيام الأخيرة، ويصل يومياً إلى 38 سفينة شحن وناقلة، وفقاً لأرقام مراقبة الملاحة الدولية من "غلوبال كوموديتيز آت سي".
ونصحت مؤسسة "بيمكو" التي يشكل أعضاؤها نسبة 62 في المئة من الشحن التجاري البحري كل الأعضاء بوقف المرور عبر الأحمر لمدة ثلاثة أيام في الأقل نتيجة الضربات الأميركية واحتمالات التصعيد في المنطقة، وأوصى الاتحاد الدولي لملاك الناقلات المستقلين، "إنتر تانكو" أعضاءه بوقف المرور عبر الأحمر موقتاً.
وأعلنت شركة الناقلات الدنماركية "تورم" عن وقف العبور جنوب البحر الأحمر "حتى إشعار آخر".
وغيرت بعض سفن الشحن والناقلات المتجهة نحو باب المندب طريقها لتفادي العبور عبر المضيق في ظل توقعات التصعيد.
وبحلول مساء أمس الجمعة كانت هناك 290 سفينة شحن تجارية في البحر الأحمر وقناة السويس بانتظار العبور، بحسب بيانات شركة "غلوبال داتا"، ومن بين تلك السفن 125 ناقلة نفط وغاز طبيعي مسال وغاز مكافئ نفطي.
النفط والتصعيد
فور القصف الأول ارتفعت أسعار النفط الخام بأسواق العقود الآجلة في آخر أيام الأسبوع أمس الجمعة بنسبة أربعة في المئة تقريباً ليصل سعر عقود خام برنت القياسي إلى 80.76 دولار للبرميل، قبل أن يستقر في نهاية تعاملات الأسبوع على سعر 78.29 دولار للبرميل، أما الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) فارتفع في بداية تعاملات آخر أيام الأسبوع إلى 75.25 دولار للبرميل قبل أن يستقر في نهاية اليوم عند 72.68 دولار للبرميل.
وجاء الارتفاع القوي صباح أمس الجمعة على خلفية تبادل التهديدات بين الحوثيين والأميركيين والبريطانيين ومخاوف الأسواق من تأثر حركة الملاحة في البحر الأحمر بقدر أكبر، مما يعني إمكانية تعطيل شحن النفط من منطقة توفر نسبة 60 في المئة من النفط المشحون بحراً حول العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الحوثيون أعلنوا أمس الجمعة أن الضربات الأميركية والبريطانية على مواقعهم "لن تمر دون عقاب ودون انتقام"، في حين قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة "لن تتردد في مزيد من الضربات العسكرية إذا دعت الضرورة".
يذكر أن الضربات الجوية والصاروخية الأميركية جاءت عقب سيطرة الإيرانيين على ناقلة نفط تحمل خاماً عراقياً في خليج عمان، وذلك على ما يبدو في إجراء انتقامي آخر على سيطرة الولايات المتحدة على الناقلة ذاتها العام الماضي لحملها نفطاً إيرانياً خاضعاً للعقوبات.
ارتياح حذر
على رغم ارتفاع أسعار السلع نتيجة التصعيد العسكري في البحر الأحمر، فإن المتعاملين في السوق من مستخدمي الناقلات في آسيا عبروا عن "الارتياح مع الحذر الشديد" بعد الضربات التي تلقاها الحوثيون على أمل أن ذلك سيردع هجماتهم على السفن في المنطقة، لكن مصدراً في صناعة الشحن البحري في العاصمة اليابانية طوكيو أشار إلى أن هناك خطراً حقيقياً من التصعيد الذي قد يؤدي إلى مزيد من التهديدات للملاحة في البحر الأحمر.
وكانت الولايات المتحدة قد رصدت 27 هجوماً على سفن الشحن والناقلات في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما أجبر أكثر من ألفي سفينة على تحويل مسارها بعيداً من باب المندب والبحر الأحمر.
وعلى رغم الضربات الأميركية والبريطانية، فإن شركة أمن الملاحة البحرية "أمبري" قالت إنها تتوقع توسع تهديدات الحوثيين للملاحة التجارية إلى نطاق أبعد من المنطقة التي حددتها "بيمكو" و"إنتر تانكو".
وأرجعت الشركة البريطانية ذلك إلى "القدرات العسكرية" للحوثيين وتوقعت استمرار التهديدات "لأيام عدة مقبلة في الأقل". وأضافت في بيان لها أنه "على رغم أن قدرات الحوثيين قد تكون تضررت بشدة، فإن (أمبري) تقدر أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية ستستمر ويتسع نطاقها على الأرجح".
وعلى ضوء تطورات عطلة نهاية الأسبوع ستفتح الأسواق بعد غد الإثنين إما مرتاحة لنتائج الضربات الأميركية والبريطانية للحوثيين، وإما متوترة من أي تصعيد مستقبلي للملاحة التجارية في البحر الأحمر.