ملخص
وفق الخطة الإسرائيلية، سيتم تركيب أنظمة إنذار ورادارات على طول محور فيلادلفيا، إضافة الى أجهزة مراقبة وكاميرات مع مجسات تمكن الجيش من ضبط محاولات "حماس" إعادة بناء أنفاق التهريب
في وقت تتعالى أصوات الإسرائيليين الداعية إلى وقف فوري للنار في غزة والتوصل إلى صفقة تضمن إعادة الأسرى لدى حركة "حماس" أحياء، فتحت القيادة الإسرائيلية معركة جديدة عند محور فيلادلفيا المشترك بين غزة ومصر، وعرضت خطة على المصريين تضمن سيطرتها على المحور حتى انتهاء حرب غزة، بذريعة أن الحركة تستغل المحور لنقل الأسلحة منه إلى القطاع علناً وبحرية مطلقة من دون استخدام أي نفق، وفق الإسرائيليين. وبحسب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فإنها ستقوم بإغلاق النفق كلياً بعد انتهاء الحرب ضمن أية تسوية يتم التوصل إليها لليوم الذي يلي الحرب.
الوزير في المجلس الوزاري الأمني المصغر آفي ديختر الذي يقف داعماً لاستمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها، كشف عن جوانب من تفاصيل الخطة التي بحسبه ستكون بنظام عمل مطابق تماماً لما هو الوضع الحالي بين الضفة والأردن، بحيث يخرج كل فلسطيني من الضفة عبر معابر تسيطر عليها إسرائيل وتخضع لمراقبة شديدة لحين وصولهم إلى الأردن، ولدى العودة للضفة، يقوم الجيش الإسرائيلي بتفتيش العابرين عند نقاط عدة، والأولى داخل المنطقة الأردنية.
وقال ديختر إن الخطوة الضرورية والأهم في الخطة هي قطع أية علاقة بصورة كلّية بين غزة ومصر، وتابع "وفق المعلومات الاستخباراتية ووفق ما هو واضح لنا، فإن عناصر حماس ينقلون السلاح ويعززون قدراتهم العسكرية عبر معبر فيلادلفيا من دون أي عائق أو حاجز، وهي أقرب إلى نقل السلاح وليس تهريبه".
المجلس الوزاري الأمني المصغر، وبحسب ديختر، يواصل البحث في هذه الخطة، وهو بانتظار ترتيبات أولية لتطبيقها على أرض الواقع، ويقول "المعضلة التي نواجهها اليوم كيف سيبدو وضع محور فيلادلفيا في نهاية الحرب الحالية؟ من المهم جداً تنفيذ الخطوات الأولية ونشر قوات من الجيش ونصب الأجهزة الضرورية لضمان المراقبة وتحقيق الهدف من إعادة سيطرتنا عليه".
وكان نتنياهو أكد خلال مؤتمر صحافي مساء السبت أن "إسرائيل مضطرة إلى غلق محور فيلادلفيا في أقرب وقت لوقف تدفق الأسلحة إلى غزة، ولمنع عمليات التهريب علينا أن نستعيد السيطرة عليه".
أجهزة مراقبة
وضمن الخطة الإسرائيلية، سيتم تركيب أنظمة إنذار ورادارات على طول محور فيلادلفيا، إضافة الى أجهزة مراقبة وكاميرات مع مجسات ومعدات متطورة تمكن الجيش في لحظتها من ضبط محاولات "حماس" إعادة بناء أنفاق التهريب التي يتم إدخال كثير من الأسلحة عبرها إلى القطاع.
يشار إلى أنه تم إنشاء محور فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 15 كيلومتراً ويعمل كمنطقة عازلة بين قطاع غزة ومصر في أوائل عام 1982، وبحسب تقرير إسرائيلي، أصبح المحور مع الوقت ركيزة مهمة لتهريب الأسلحة بعد حفر الأنفاق على طوله.
ومن وجهة نظر إسرائيل، فإن إعادة المنطقة الحدودية ستشكل ضربة استراتيجية لـ"حماس"، لا سيما بعد إغلاق أنفاقها في المنطقة، وستحدّ من تدفق الأسلحة وتمنع عناصرها من الهروب من قطاع غزة وتزيل أي سيطرة للحركة على نقطة العبور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس السابق لقسم الشؤون الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ميخائيل ميلشتاين إنه "لا توجد أية فرصة لترك هذا المحور يعمل كما في الماضي. فالوضع معقد للغاية أكثر مما هو عليه في مواقع شمال قطاع غزة ووسطه، حيث تعمل قوات الجيش الإسرائيلي في مناطق عدة الآن"، مضيفاً أن "مصر تخشى أن تنتهك العملية الإسرائيلية شروط اتفاق السلام الموقع بين البلدين عام 1979 والذي يضع قيوداً على عدد الجنود الذين يمكن للبلدين نشرهم قرب حدود المنطقة. كما أن أية عملية عسكرية إسرائيلية قد تتسبب في أضرار عرضية داخل الأراضي المصرية".
الحديث المسهب للإسرائيليين عن خطة محور فيلادلفيا بما في ذلك تنفيذ عملية عسكرية هناك، أثار غضباً شعبياً واسعاً تزامن مع تصريح نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي حول استمرار القتال في غزة وبقوة حتى النصر، وتحقيق أهداف الحرب بالقضاء على "حماس" والبنى التحتية العسكرية للحركة وإعادة الأسرى.
صفقة الأسرى
وفُهم من حديث نتنياهو أنه يرفض المطلب الشعبي الإسرائيلي بتفضيل صفقة الأسرى على استمرار القتال والقضاء على "حماس"، مما أبقى حدة الاحتجاجات وتواصل الاعتصام وسط تل أبيب من مساء السبت حتى الأحد، وأعلن منظمو الاحتجاج ومنتدى عائلات الأسرى عدم توقفهم قبل التوصل إلى صفقة أسرى.
وشمالاً حيث أعلن نتنياهو وقبله رئيس الأركان هليفي مساء السبت أن الجيش نجح في إبعاد عناصر "حزب الله" من الحدود وأن الجيش يبذل جهوداً لإعادة السكان، استفاق سكان الشمال الأحد على مواجهات مع أربعة متسللين من لبنان نجحوا في الوصول إلى مزارع شبعا، وفي حوزتهم معدات قتالية وأسلحة وذخيرة. وبحسب الجيش، وقعت الاشتباكات بين الطرفين في مزارع شبعا بعد الكشف عن وصولهم من قبل وحدة عسكرية منتشرة في المنطقة والتي قتلت الأربعة، وفق الجيش.
وفي تقدير الجيش، تسلل هؤلاء الأربعة بهدف الوصول إلى بلدات في الشمال أو مراكز عسكرية لتنفيذ عمليات، مما أعاد من جديد تحركات سكان الشمال وفي مقدمتهم رؤساء البلدات هناك ضد الحكومة، وأعلنوا رفضهم العودة من دون ضمان منطقة عازلة داخل لبنان تمنع عناصر "حزب الله" من الوصول إلى الحدود.
وبعد أقل من ساعة على عملية التسلل، وقع انفجار قوي في خليج حيفا حيث المخازن الكيماوية، وانبعث دخان كثيف من المنطقة، تضاربت التصريحات حول مصدره. وبعد إعلان جهات أن صاروخاً أصاب المنطقة، سارع المسؤولون إلى القول إن "الحادثة غير أمنية" من دون الخوض في تفاصيلها.
وتزامناً، سقطت صواريخ في أكثر من منطقة في الشمال والجليل أدت إلى إصابة إسرائيليين وإلحاق الضرر في مركبات وبنى تحتية، مما أبقى جبهتي الجنوب والشمال في حال توتر أمني وسط احتجاجات شعبية متصاعدة ودعوة سكان الشمال إلى شن حرب على لبنان، وبصورة فورية.
وفي استطلاع رأي أجراه معهد "مأجار موحوت" لمصلحة صحيفة "يسرائيل هيوم"، تبين أن 69 في المئة من الإسرائيليين يطالبون بحرب فورية على لبنان تسهل عودة السكان وتضمن أمنهم. وجنوباً يشكك 64 في المئة من الإسرائيليين بقدرة الجيش على القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى من غزة.
الضفة خطر متصاعد
وفيما يخوض الجيش الإسرائيلي القتال على جبهتي الشمال والجنوب، تتصاعد التوترات الأمنية في الضفة حيث المواجهات اليومية مع الجيش الذي يكثف عملياته واقتحاماته لبلداتها.
وإزاء تحذير جهات عدة من خطر اشتعال هذه الجبهة، اعتبر ديختر أن "التصعيد الأمني في الضفة يأتي في ظل سياسة وزراء الحكومة المتعنتة في منع إدخال عمال من الضفة للعمل في إسرائيل، وحجب مستحقات أموال الضرائب عن السلطة الوطنية الفلسطينية التي يرفض وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تحويلها إلى رام الله"، والتي بحسب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ستولد انفجاراً شعبياً في الضفة.
وأجرى غالانت تقييماً للوضع في الضفة وأصدر بياناً أشار فيه إلى أن وجود "سلطة فلسطينية قوية هو مصلحة أمنية إسرائيلية"، مشدداً على ضرورة الحذر من أن تؤدي الحرب على غزة إلى تصعيد عمليات ضد قوات الجيش في أنحاء الضفة الغربية.
وعلى خلفية تحذيرات جهاز الأمن العام (شاباك) من إمكان تصعيد أمني وشيك في الضفة، قال غالانت إن "حماس تحاول ربط غزة مع الضفة وإشعال النار في المنطقة، علينا بذل كل جهد لمنع ذلك بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك تسوية مسألة العمال ومستحقات السلطة من أموال الضرائب، إن هذا قد يضر بتحقيق أهداف الحرب".