ملخص
تستمد التساؤلات حول حظوظ دارمانان مشروعيتها من كون الرجل يطرح نفسه بالفعل بديلاً عن ماكرون والنخب السياسية الحالية في فرنسا
في وقت تبدو العيون شاخصة تجاه الانتخابات الأوروبية التي ستشكل تحدياً خاصاً في ظل صعود أسهم اليمين المتطرف، تزداد التساؤلات حول فرص نجاح وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، الذي يعد الساعد الأيمن للرئيس إيمانويل ماكرون في خلافته في قصر الإليزيه.
وقبل تعيين وزير التربية الوطنية، غابريال أتال، رئيساً للوزراء، كانت تكهنات قد سرت بأن دارمانان هو من سيخلف رئيسة الوزراء المستقيلة إليزابيث بورن في قصر ماتينتون، لكن ماكرون كان له رأي مخالف فهل يقضي ذلك على آمال دارمانان أم يعززها؟
وكان دارمانان قد احتفظ بحقيبة وزارة الداخلية في التعديل الوزاري الأخير الذي شهدته فرنسا، ما يجعل مراقبين يختلفون حول تقييم حظوظه في الوصول إلى الرئاسة لا سيما أن ماكرون يمضي آخر ولاية له في الإليزيه حيث لم يعُد بإمكانه دستورياً الترشح لولاية جديدة.
فرص منعدمة
وتستمد التساؤلات حول حظوظ دارمانان مشروعيتها من كون الرجل يطرح نفسه بالفعل بديلاً عن ماكرون والنخب السياسية الحالية في فرنسا، حيث بدأ منذ أشهر حملةً لتعزيز شعبيته. لكن الباحثة السياسية الفرنسية، لوفا رينال، اعتبرت أن "دارمانان لم يملك حظوظاً كثيرة في السابق للوصول إلى سدة الحكم، وفي اعتقادي التعديل الوزاري الأخير زاد من إضعافه وتهميشه".
وأردفت رينال في حديث خاص مع "اندبندنت عربية" أن "دارمانان لم ينجح طيلة 7 سنوات في تجميع حتى قيادات وأنصار حزب النهضة (حزب ماكرون) فما بالك خارجه، لذلك تبدو فرصه للوصول إلى الحكم وخلافة ماكرون منعدمة". ورجحت الباحثة السياسية أنه "لن يتم انتخاب دارمانان في 2027، وربما سنرى وجوهاً أخرى لها حظوظ أكبر في هذا السباق الرئاسي، على رغم أن وزير الداخلية حاول تعبئة الناس والناخبين باكراً".
وتردد اسم دارمانان وصدى مواقفه بشدة في الساحة السياسية الفرنسية، خصوصاً في ملفات قانون الهجرة الجديد، وأزمة الضواحي التي أشعلها مقتل المراهق ذي الأصول الجزائرية، نائل المرزوقي في الصيف الماضي، وليس أخيراً حرب قطاع غزة المستمرة والمدمرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلاف مع ماكرون
ويرى مراقبون في فرنسا أن دارمانان قد يستغل إبعاده من منصب رئاسة الوزراء لمصلحته، خصوصاً أن شغله لهذا المنصب قد يجعله في مرمى انتقادات المعارضة وبقية القوى السياسية التي تناهض سياسات ماكرون. وقال الصحافي الفرنسي جيروم بونيه، إن "دارمانان بالفعل كانت لديه طموحات لتولي رئاسة الوزراء، لكن طموحه للوصول إلى الإليزيه أقوى. عندما أعيد انتخاب ماكرون رئيساً كان يتوقَع أن يتم تعيين وزير الداخلية في منصب رئيس الوزراء لكن الأمور لم تجر هكذا".
وأوضح بونيه "اليوم دارمانان ألمح إلى أنه سيغادر منصبه بعد الألعاب الأولمبية التي ستحتضنها فرنسا في الصيف، هو يعتبر أن مهمته أنجزت، علاوةً على أن خلافاً يدور بينه وبين ماكرون، لأن الأمور لا تسير كما يريد". وتابع "ماذا بعد؟ أعتقد أن حزب النهضة سيتلقى هزيمة في الانتخابات الأوروبية المرتقبة، وقد نرى في ما بعد تعديلاً وزارياً آخر قد يصل فيه دارمانان إلى رئاسة الوزراء لأنه يجب أن نتعلم الدروس من ذلك، أي من الفوز المرتقب لحزب الجمعية الوطنية في هذا الاستحقاق".
رقم صعب
في المقابل، يعتقد الباحث السياسي المُقيم في فرنسا، نزار الجليدي، أن "فرص دارمانان ما زالت قائمة، خصوصاً أنه ما زال في منصبه في وزارة الداخلية، وذلك لأن هناك تحديات أمنية وسياسية في فرنسا على غرار الألعاب الأولمبية بعد شهور وساعات بالحساب الأمني". وأضاف أن "ماكرون أراد أن يُقدم الضحية الحقيقية، أتال، الذي سيكون مجرد رقم من الأرقام في رئاسة الوزراء من دون أن يكون له نصيب في الفعل، لذلك كان لأتال مطامع وهو مدعوم من العائلات المهمة في فرنسا، لكنه دخل إلى ما يشبه المذبحة السياسية". وأبرز الجليدي أن "أتال سيخطئ وأخطاؤه ستجعله كبش فداء لكن دارمانان سيظل في مكانه وسيؤمن الألعاب الأولمبية وستلتف حوله أطراف عدة من أجل إنجاح هذا الحدث الرياضي المهم وهو نجاح سيُحسب في النهاية لدارمانان. وسيكون لدارمانان لون سياسي حيث هو بصدد مغازلة اليمين المتطرف لذلك أعتقد أنه سيكون رقماً صعباً في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وفي انتظار ما ستأتي به رياح الانتخابات البرلمانية الأوروبية، التي قد تُشكل فرصة لا مثيل لها لليمين المتطرف من أجل تحقيق مكاسب سياسية، فإن التساؤلات حول مصير دارمانان ومستقبله السياسي ستظل تُراوح مكانها خصوصاً أن الرجل بدأ منذ فترة حشد الفرنسيين الباحثين عن بديل عن ماكرون.