ملخص
حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تقودها ميليشيات إلكترونية لتجييش الشارع الأردني... إليكم التفاصيل
تدور رحى معركة كلامية بين أردنيين على منصات التواصل الاجتماعي منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما خلَّف انقساماً حول الموقف الشعبي من الحرب في قطاع غزة، ما بين فريق بدأ يتململ من استمرار التظاهرات اليومية وحملات المقاطعة بدعوى إضرارها بالاقتصاد الوطني، وفريق ثان معظمه من أنصار جماعة "الإخوان" وكوادرها الذين اتهموا باستخدام خطاب تخويني لمكونات أخرى في المجتمع الأردني عبَّرت عن رأيها في ما يتعلق بالحرب في غزة.
تراشق اتهامات
وخلال الأسابيع الماضية تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى وسيلة لتراشق الاتهامات بين الطرفين، أطلقت خلالها حملات ووسوم لتجييش أنصار كل طرف ضد الآخر، وسط مطالبات للسلطات الأردنية بالتدخل وتحديداً وحدة الجرائم الإلكترونية لوقف ما يسميه طرف ثالث بأنه بوادر فتنة داخلية.
فقد انتشرت دعوات لحملة مقاطعة واسعة لسلسلة مخابز شهيرة في الأردن، على خلفية تصريحات منسوبة لأحد ملاكه وهو يستهزئ بانتصار الفصائل في غزة ويحملها مسؤولية الدمار الحاصل في القطاع.
لكن الأمر تطور لاحقاً إلى اعتداء أشخاص على أحد فروع هذه السلسلة، مما دفع البعض إلى المطالبة بترشيد أو وقف حملات المقاطعة، واصفين إياها بأنها باتت غير منطقية ومضرة مع أرقام شبه رسمية تتحدث عن فقدان نحو 15 ألف أردني وظائفهم بسببها.
ودفعت حملات المقاطعة كثيراً من العلامات التجارية الأميركية والغربية إلى تخفيض إنتاجها وتقليص ساعات العمل، وسط أجواء بتوجه بعض فروعها للإغلاق وفقاً لغرفة تجارة عمان.
خطاب تخويني
يتهم الكاتب السياسي حسين الرواشدة الجماعة باستخدام "لغة خطاب تخوينية لكل من يخالفهم الرأي حول ما يدور في غزة"، مشيراً إلى اتهام الجماعة بعض الكتاب والصحافيين بأنهم يتحركون وفقاً لتعليمات بعض السفارات الأجنبية في مواجهة حراك شعبي داعم للفصائل الفلسطينية في غزة.
وأضاف الرواشدة "من حق أنصار جماعة (الإخوان) الخروج للشارع، والتظاهر لكن ليس من حقها الإساءة للأردنيين، وتقسيمهم إلى هويتين إحداها انعزالية والثانية مؤيدة للمقاومة، لأنه توجد هوية أردنية وطنية جامعة، ودولة لها جيش ومؤسسات تتصرف بمنطق الدولة لا بمنطق الفصائل".
وبحسب المحلل السياسي، تقوم الجماعة بتحريك ما سماها "ميليشيات إلكترونية" لقمع كل من يخالفها الرأي، واعتبار أي انتقاد لها بمثابة انتقاد للفصائل الفلسطينية في غزة، مطالباً بالحفاظ على الجبهة الداخلية بدلاً من التجييش وتوظيف الشارع ومناكفة الدولة، لاستعادة زخم الحضور في الشارع واستعراض القوة.
استقطاب سياسي
بدوره يصف الكاتب مالك عثامنة حالة التراشق بأنها ركوب الموجة السياسية، ويعتبر أن جماعة "الإخوان" في الأردن لديها ثروات وإمكانات توظفها في خلق وإنتاج أدوات من شأنها الهيمنة والتأثير والاستقطاب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف عثامنة "يجد التيار الإخواني فرصته في حرب غزة لممارسة ركوب الأمواج وترديد الشعارات والمزايدة في مجتمع لديه رأي جماعي لدعم القطاع وإدانة العدوان الإسرائيلي".
في المقابل ثمة من يرصد انقساماً بين النخب أيضاً حيال المصالح الأردنية، وسط إصرار تيارات سياسية على تنفيذ اعتصامات شعبية ومحاولات لا تكل لاقتحام السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان.
ففي مقابل من يرفض الإضرار بالمصالح الأردنية كان لافتاً دعوة عدة وزراء ومسؤولين سابقين إلى تسليح الأردنيين وإعادة التجنيد الإجباري في الجيش.
ويقول مراقبون، إن ارتفاع مستوى التصريحات الحكومية ضد إسرائيل رفع من مستوى غضب الشارع ومطالبة التي لم يعد بمقدور الحكومة تنفيذها مما منح تيار الإسلام السياسي فرصة لاستعراض القوة في الشارع.
وهذا الاندفاع ربما لم يكن محسوباً ورتب على عمان سلسلة مواقف لاحقة أربكت المشهد واستنفدت الخيارات الممكنة لمواجهة إسرائيل.
مصلحة أردنية
إلا أن قياديين في جماعة "الإخوان" يردون على كل هذه الاتهامات بالقول، إن تصدرها حراك الشارع يخدم الموقف الأردني الرسمي ولا يضره، باعتبار أن دعم الفصائل الفلسطينية في غزة مصلحة أردنية عليا ويبعد شبح الوطن البديل وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن.
وأكد قيادي في الجماعة لـ"اندبندنت عربية" أن الحكومة لم تكن لتسمح بكل هذا الحراك الشعبي المتواصل لولا أنه يخدم سياستها الخارجية، مضيفاً "موقفنا يشكل دعماً للموقف الرسمي المتقدم، وقيادتنا للشارع ليست استعراضاً ولا استغلالاً للأحداث بقدر ما هو شعور بالمسؤولية وحماية للأردن من خطر إسرائيل واستهدافها الذي عبَّرت عنه قيادات إسرائيلية أكثر من مرة".
وفي مقابل اتهامات للجماعة بالتجييش الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي يقول القيادي، إن ثمة أطرافاً تحاول أن تشيطن أي تحرك شعبي وتحرف بوصلته إلى سجالات جانبية.
في السياق ذاته أظهر استطلاع رأي أجراه مركز "ستراتيجكس" للدراسات انقساماً في آراء الأردنيين حيال الحرب في غزة.
وعكست نتائج الاستطلاع عدم تفاؤل كثير من الأردنيين مع تعمق الحرب واعتبار نحو 10 في المئة منهم أن عملية "طوفان الأقصى" لم تكن استجابة طبيعية للانتهاكات الإسرائيلية.