Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملفات شائكة على طاولة رئيس الحكومة الفرنسي الجديد

انقسامات البرلمان وقانون الهجرة والبطالة أبرز التحديات أمام غابرييل أتال

رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال يخاطب نواب البرلمان في 16 يناير 2024   (أ ف ب)

ملخص

رئيس الحكومة الفرنسية غابرييل أتال في اختبار صعب مع أزمات عديدة تهدد فرنسا، هذه أبرزها

لن تكون مهمة رئيس الحكومة الفرنسية غابرييل أتال سهلة، فسماء فرنسا ملبدة بغيوم ملفات كثيرة. فها هو الملف السياسي تحيطه الاضطرابات بسبب التوجه السياسي للحكومة والانقسامات داخل البرلمان بين يمين زعزع استقراره دخول رشيدة داتي إلى وزارة الثقافة، ويسار يستأنف من جديد.

في الأثناء يتعين على رئيس الحكومة الجديد التصدي وبسرعة للتحديات الكبرى التي تنتظره هذا العام، والمتضمنة قضايا صعبة، على رأسها قانون الهجرة، وكذلك الحرب المشتعلة في غزة وتبعاتها.

كسر الجمود السياسي المسيطر في البرلمان الفرنسي أبرز العقبات أمام غابرييل، وما يزيد الأمر صعوبة أن المعسكر الرئاسي يشهد انقساماً، على رأس الحكومة التي سيتعين عليها احترام هذه التوازنات الهشة. هنا يقع على عاتق غابرييل أتال مهمة التوفيق بين الأطراف كافة في سبيل النجاح المشترك.

وعلى صعيد ما يتعلق بانتخابات البرلمان الأوروبي يونيو (حزيران) المقبل، يواجه أتال تحديات حملة الانتخابات أمام مرشح من اليمين القوي جوردان بارديلا، الذي يحتل المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم حزب "التجمع الوطني" على حزب ماكرون وحلفائه، مما يتيح له فرصة الحصول على نسبة 30 في المئة من الأصوات في مقابل 18 في المئة لحزب الرئيس الفرنسي.

سيناريوهات كثيرة

يقول الباحث السياسي طارق وهبي إن المشهد ما زال صعباً وملامحه غير واضحة مع غالبية نسبية لا تسمح بتمرير القوانين بسهولة، مضيفاً أنه على رغم ميل بعض الشخصيات من اليمين التقليدي أو اليسار أو الوسط إلى تشكيل ائتلاف أكبر لخوض الانتخابات الأوروبية المقبلة في يونيو المقبل، التي ستحدد عبرها حجم الأحزاب الفرنسية ليس فقط على الساحة الأوروبية، ولكن أيضاً داخلياً. رئيس الحكومة الجديد سيكون الند الأقوى أمام أقصى اليمين الذي تزداد شعبيته، وربما يتعمق حضوره في الطبقة المتوسطة التي كانت هي التي ترجح كفة الفائز في الانتخابات".

الاختبار الأول

الجدل حول قانون الهجرة يطرح باستمرار في فرنسا كما في دول أوروبية أخرى بسبب خلافات عميقة داخل الطبقة السياسية. وربما تكون هذه هي القضية الحساسة الأولى التي سيتعين على حكومة أتال التعامل معها ومعالجتها ووضع حلول غير تقليدية لها.

هذا الملف يتطلب من رئيس الحكومة الجديد مهارة سياسية في مواجهة المعارضة اليسارية واليمينية، وهنا يتعين على أتال مواجهة قرار المجلس الدستوري في شأن مشروع قانون الهجرة المقرر صدوره في الـ25 من يناير (كانون الثاني) الجاري، فإذا كان القرار سلبياً قد يؤدي مرة أخرى إلى انقسام الغالبية داخل البرلمان الفرنسي، مع احتمالية إلغاء جزء من نص القانون من قبل المجلس الدستوري.

ويرى المتخصص السياسي نبيل شوفان أن قانون الهجرة سيكون ضمن أولويات أتال، إذ ينتظر اليمين من رئيس الحكومة الجديد تجنب رقابة المجلس الدستوري على أجزاء كبيرة من القانون الذي تم اعتماده في ديسمبر (كانون الأول) بعد التوصل إلى تسوية مع اليمين، ليفاجأ الجميع بتصويت اليمين المتطرف لصالح القانون، مما أحرج الغالبية الرئاسية أمام شريحة كبيرة من ناخبيها، وأحدث انقساماً داخل المعسكر الرئاسي بين نواب ووزراء، بمن فيهم رئيس الحكومة ممن بدأوا حياتهم السياسية في اليسار، ثم اندمجوا في حزب النهضة الحاكم على أساس وسطيته وبين الوزراء أصحاب الثقل السياسي الذين يميلون إلى اليمين أو القادمين منه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف شوفان "أن "تجاوز هذا الانقسام في الكتلة الرئاسية هو في حد ذاته تحدٍّ لأتال ولحزب النهضة، لكن هناك اعتقاداً بأن السلطة التنفيذية تعتمد على تدخل الحكماء لإلغاء بعض الإجراءات التي لم تكن تريدها بالأساس، واعتبرتها غير دستورية، وكان حزب الجمهوريين قد نجح في فرضها على النص الأساس لحكومة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن بعد فشل التفاوض مع اليسار على هذا النص الأساس".

فيما اعتبر شوفان أن عدم وجود غالبية مطلقة هو أيضاً ضمن التحديات المعقدة، خصوصاً إذا ما تدخل الحكماء في قانون الهجرة، من ثم سيكون على رئيس الوزراء مهمة في غاية التعقيد في التحالف مجدداً مع اليمين التقليدي، تزامناً مع جفاء قد يصل إلى طلاق سياسي بين ماكرون وجبهة اليسار المعارضة، ولعله سيختبر صعوبة ذلك في الجمعية الوطنية التي ستستقبل من مكتب إعلان السياسة العامة أو خريطة طريق مفصلة للحكومة التي من المفترض أن يرسلها أتال إلى الجمعية الوطنية الأسبوع المقبل، وهو المأزق نفسه الذي واجهته إليزابيث بورن التي تنتمي لتيار يمين الوسط حيث غياب الغالبية المطلقة، وربما يكمن الحل في أن يعرض رئيس الوزراء حكومته للتصويت على الثقة من قبل النواب، وهذا ما تطالب به المعارضة منذ إعلان اسم غابرييل أتال رئيساً للوزراء.

عن قانون الهجرة يقول طارق وهبي، "القانون ينتظر رأي المجلس الدستوري بخصوص حذف بعض المواد التي تخالف فحوى دور فرنسا في الحماية الإنسانية عبر حماية حقوق الإنسان. وسيعمل رئيس الحكومة مع وزير الداخلية لاحقاً لإقناع بعض البرلمانيين بالحاجة الملحة إلى لقانون وإن رأى البعض أن هناك نوعاً من تحميل المهاجرين واللاجئين إخفاقات فرنسا الاقتصادية، والكل يعلم أن هناك وظائف لا يعمل بها إلا الأجانب كالمطاعم والأشغال العامة".

ويوضح وهبي لـ"اندبندنت عربية"، أن التحديات تأتي وفق أولوية معينة تتمثل في التحديات الحزبية، أين سيسعى رئيس الحكومة إلى الحفاظ على التوازن السياسي بين عدم تفكك حزب النهضة وبقاء الأحزاب المشاركة ضمن الائتلاف، والتحديات المتعلقة بالمشاريع المهمة والأساسية في المستوى المعيشي الفرنسي، وخصوصاً تخفيض بعض الضرائب وتسهيل بعض القوانين التي تساعد في الاقتراض المراقب، ووزارة التربية ومشاريع تحديث النظام التعليمي في المدارس المتخصصة في التكنولوجيا والمهن التي لا تتطلب سنوات جامعية، بل فقط خبرة عبر فترات تدريبية، والاتحاد الأوروبي وتكملة البناء الاقتصادي والأمني والرقابي للحدود للتخفيف من أضرار اللجوء.

البطالة

ملف البطالة من أكبر العقبات التي ستواجه أتال، كما يعلق شوفان بالقول، "سيكون على أتال تحقيق هدف القضاء على البطالة بحلول عام 2027، وهو موعد نهاية ولاية إيمانويل ماكرون الثانية، ومع بلوغ البطالة 7 في المئة سيكون عليه خلق 200 ألف فرصة عمل سنوياً من خلال تحرير أكبر للاقتصاد، واستمرار سياسة تبسيط بعض القواعد في عالم العمل والاقتصاد، وهي مسيرة محفوفة بالأخطار، وهذا بحد ذاته يقودنا إلى تصريحاته حول خفض الدين وإصلاح الموازنة حين كان وزيراً منتدباً مسؤولاً عن الحسابات العامة، خطط من قبل لخفض الضرائب والديون، واعتبرهما ضرورتين في حالة طوارئ وطنية"، ربما سيكمل سياساته في التخفيض التدريجي للديون من خلال سياسات تقشف "طوعية"، لكن ذلك محفوف بالعواقب المضرة للنشاط الاقتصادي.

وبلغت معدلات البطالة في فرنسا 7.4 في المئة خلال 2023، بحسب أرقام المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية. وفي الربع الثالث من العام نفسه، ارتفع عدد العاطلين من العمل بمقدار 64000 شخص، وفقاً لتقديرات مكتب العمل الدولي، وهكذا ارتفع معدل البطالة بنسبة 0.2 نقطة مئوية إلى 7.4 في المئة من السكان العاملين في فرنسا. كما ارتفع معدل البطالة لفئة الأعمار بين 15 و24 سنة بمقدار 0.7 نقطة مئوية إلى 17.6 في المئة، تقريباً عند مستواه قبل عام واحد (-0.1 نقطة مئوية).

أما بالنسبة إلى فئة الأعمار بين 25 و49 سنة، فقد زادت بنسبة 0.2 نقطة مئوية خلال الربع، وبنسبة 0.3 نقطة مئوية على مدار العام السابق، لتصل إلى 6.7 في المئة. وأخيراً، بالنسبة إلى فئة الأعمار التي تراوح ما بين 50 سنة أو أكثر، فقد استقر معدل البطالة على مدار الربع والسنة الماضية عند 5.1 سنة. وإلى جانب القضايا الرئيسة، كالهجرة والبطالة سيتعين على أتال معالجة القضايا الحساسة، في مقدمها الصحة والمالية العامة. ويجب على حكومات الدول الأعضاء في "منطقة اليورو" (مجموعة دول الاتحاد الأوروبي التي تتعامل باليورو كعملة موحدة) أن تقدم إلى المفوضية الأوروبية، قبل نهاية أبريل (نيسان) برنامج الإصلاح الوطني "برنامج الاستقرار"، وبناءً على ذلك يتعين عليه إحالة خطة موازنة فرنسا إلى المفوضية الأوروبية قبل الموعد المحدد، ويتعين بموجبه على الحكومة أن توضح، بالتفصيل، التدابير التي تعتزم اتخاذها لخفض ديونها.

الموت الرحيم

ثمة ملف معقد آخر هو قانون إتاحة الموت الرحيم للمرضى الذين لا يوجد أمل في شفائهم. وسيتعين على رئيس الوزراء الجديد التعامل مع هذه القضية الحساسة مع مجلس الشيوخ. وينقسم هذا القانون إلى نصين متميزين: الأول يتعلق بالرعاية التلطيفية، والآخر يتعلق بنهاية الحياة. 

ومن المقرر أن يتم تقديم المشروع إلى البرلمان في فبراير (شباط) المقبل، بعد سلسلة من التأجيلات التي قررتها السلطة التنفيذية نظراً إلى الطبيعة القضية.

ويوجد سيناريوهان لمسيرة أتال كرئيس حكومة في الجمهورية الخامسة، وفق شوفان، الذي يتابع إما أن يسير على طريق أسلافه جان كاستكس، وإليزابيث بورن، كقائد لفريق وزاري يحاول جاهداً تطبيق التوجيهات التي قررها الرئيس إيمانويل ماكرون، من ثم يحافظ على هرمية واضحة وعمودية لسلطة رأسها في الإليزيه، أو أن يكمل ما بدأ به إدوارد فيليب عندما كان حزب فرنسا إلى الأمام يضع نصب عينيه الانتقال إلى جمهورية سادسة، وهو أن يجمح الشاب ذو الـ34 سنة في ممارسة سلطاته كقوة تكمل قوة رئيس الجمهورية، من ثم سلطة برأسين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير