Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشروع الهجرة يترقب "المجلس الدستوري" وسط تظاهرات في باريس

ترى المعارضة أنه يمثل خرقاً لمبادئ الجمهورية ويخلف تداعيات اجتماعية تؤثر في مصالح الفرنسيين

تظاهرات في باريس اعتراضا على مشروع قانون للهجرة  (أ ف ب)

ملخص

تظاهرات تعم فرنسا تنديدا بمشروع قانون الهجرة والمجلس الدستوري يحسم الجدل الخميس المقبل

ما زال مشروع قانون الهجرة الذي تبناه البرلمان بفضل أصوات اليمين وأقصى اليمين يعصف بالمشهد السياسي في فرنسا، إذ تتواصل فصوله منذ ما يزيد على العام، وبعد أن تبناه مجلس الشيوخ بنسخة يمينية، وحصل على تصويت المجلس النيابي بفضل أصوات اليمين وأقصى اليمين، محققاً بذلك "نصراً أيديولوجياً" لمارين لوبن وحزبها التجمع الوطني، بحسب ما بات متداولاً، كما انقسم حوله حزب النهضة الحاكم وتسبب الأمر في فقدان الوزراء الذين عارضوه مناصبهم.

تظاهرات متواصلة

كان مشروع القانون أيضاً محط مسيرات حاشدة خلال يومي الـ14 والـ21 من يناير (كانون الثاني) الجاري، ولا يزال محط جدل ومعارضة من قبل اليسار والجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين والكلمة الفصل ستكون للمجلس الدستوري في الـ25 يناير المقبل، ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن إلغاء بعض مواده المخالفة للدستور أو إلغائه كلياً. ودعت النقابات والجمعيات إلى الإضراب الشامل لهذه المناسبة.

وأمس الأحد انطلقت مسيرات في باريس ومعظم المدن الفرنسية تنديداً بقانون الهجرة، وقدر عدد المشاركين فيها بجميع المدن الرئيسة بـ150 ألف شخص حسب نقابة "سي جي تي"، فيما قدرتها وزارة الداخلية بـ75 ألف متظاهر.

وكانت 201 شخصية فنية وثقافية وسياسية وقعت على عريضة في صحيفة "لومانيتي"، و"ميديابارت" للاعتراض على القانون الذي وصفته بالتمييزي، انضم إليها 321 عمدة وشخصيات سياسية دعت إلى التظاهر ضد اعتماد القانون، الذي يمثل "إملاءً من دعاة الكراهية"، على حد تعبيرهم.

خرق قيم الجمهورية

وترى المعارضة الفرنسية أن مشروع قانون الهجرة يمثل خرقاً لقيم ومبادئ الجمهورية، ويؤسس للتمييز بين مكونات المجتمع الفرنسي ويضاعف من معاناة المهاجرين بحرمانهم من الحقوق المنصوص عليها. ويعترض هؤلاء على التخلي عن مبدأ الحصول على الجنسية بالولادة، والتجريد من الجنسية في حال ارتكاب جريمة قتل ضد ممثلي الدولة والمؤسسات لمزدوجي الجنسية وتجريم الإقامة غير الشرعية على أرض البلاد.

أما على صعيد الحقوق الاجتماعية فيذهب منتقدون إلى شروط الحصول على المساعدات الاجتماعية الأسرية بمدة الإقامة وممارسة مهنة، حيث لا يمكن للمهاجرين الحصول على الإعانات السكنية والعائلية إلا بعد مضي خمس سنوات أو مدة أقصر في حال مزاولة مهنة. واعتبر هؤلاء ان كل هذه التدابير لا تحل مشكلة الهجرة، ولا تساعد في ترحيل من هم في فرنسا بطريقة غير شرعية، بل تفاقم المشكلات الاجتماعية بصورة عامة.

وشدد عمداء المدن على أن حرمان المهاجرين الذين يصلون البلاد من المساعدات الاجتماعية، سيعانيها القصر المنعزلين من دون أي مرافق، مما يسد أفقهم نحو أي مستقبل أفضل. وكل هذه العوائق الإدارية هي بهدف دفعهم إلى اليأس وإقصائهم بدل إدماجهم.

وفي هذا السياق صرح المدافع عن الحقوق المدنية سابقاً، وشغل منصب رئيس حزب الجمهوريين سابقاً جاك توبون، بالقول "إن التعرض لقيم الجمهورية يجب ألا يمر من دون محاسبة، وتساءل عما إذا كان اليمين ينحو باتجاه أقصى اليمين". وأضاف "ليس من وظيفة الرأي العام إقرار الحقوق الأساسية، وإذا تركنا تحديد مفهوم الحق العام لما هو مستساغ إعلامياً واجتماعياً فذلك يقودنا بلا هوادة إلى دولة شعبوية".

في السياق، وقع 33 نائباً من ست مجموعات نيابية منح حق العمل لطالبي اللجوء وتخفيف الضغط على عمدة المدن ووصف نائب حزب الخضر جوليان بايو الوضع بالحرج بسبب ترحيل عديد من المهاجرين غير الشرعيين أو تم توقيفهم. كما انتقد تسوية أوضاع العاملين في قطاعات تحت الضغط بطريقة جزئية، حيث اقتصرت على العاملين في ورش الألعاب الأولمبية لتجنب الانتقادات فيما ترك الآخرون لمصيرهم وطالب بضرورة التشريع في هذا السياق.

فاتورة المهاجرين

وبرز عامل كلفة المهاجرين وما يشكله من عبء على خزانة الدولة إحدى نقاط الجدل بين مؤيدي القانون المثير للجدل ومعارضيه، بخاصة في ظل تضارب الأرقام. وفي دراسة أجرتها مؤسسة التجديد في السياسة أشار مديرها دومينيك رينييه، في كتابه حول سياسة الدنمارك حول الهجرة، "أن ما يجري تداوله حول أفضلية الاحتفاظ بالثروة الوطنية للمواطنين حفاظاً على روح العقد الاجتماعي عبر الحد من تدفق اللاجئين على غرار ما قامت به الدنمارك، فإن الدراسات تناقض هذه المقولة وبينت ذلك دراسة جامعية في مدينة ليل، تناولت الفترة الممتدة بين 1979 و2011 أظهرت أن الهجرة لا تكلف الخزانة في معظم الأحيان، وهي في أسوأ الأحوال بلغت 10 مليارات يورو".

أما الدراسة الأخرى فقد صدرت عن مركز البحوث السياسية "تيرا نوفا" وأوردتها صحيفة "ليبراسيون"، فيها حاولت التحقق فيما إذا كان القانون ينحو إلى اليمين، وتبين من خلالها أن 15 مادة تصب في هذه الخانة. واعتبرته نصراً لمارين لوبن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

احتدم الجدل حول الأرقام خلال الآونة الأخيرة، حيث صرحت نائبة عن حزب أقصى اليمين "التجمع الوطني"، بأن الهجرة تمثل عبئاً بقيمة 53.9 مليار يورو، معتمدة على مقابلة أجرتها صحيفة "لوفيغارو" مع المستشار المستقل جان بول غيروفيتش تحت عنوان كلفة الهجرة تفوق عائداتها، أشار خلالها إلى نتائج دراسته عن عام 2023 التي أظهرت عجزاً بلغ 53.9 مليار يورو، لكنه في الوقت نفسه أقر أنه لم يحصل على كافة أرقام الكلف واستعاض عنها بتقديرات، كما أنه أقر بعدم إمكانية تحديد الفوائد الناجمة عن مساعدة المهاجرين ولا تحديد الكلف بصورة دقيقة، لكن دراسة لمنظمة الاقتصاد والتعاون لدول غرب أوروبا وأشار إليها موقع "فرانس إنفو" أظهرت أنه ما بين 2006 و2018 استفادت فرنسا من الهجرة بمعدل 10 مليارات يورو سنوياً.

وأوضحت المنظمة في دراستها أن عملية الحساب أخذت بعين الاعتبار كلف الكبار والأطفال، إلى جانب العائدات التي تجنيها مباشرة دون الأخذ بعين الاعتبار الفوائد على المدى الطويل والاستثمار بتربية الأطفال.

وبحسب المنظمة الاقتصادية أظهرت الدراسة التي شملت كافة البلدان المنضوية تحتها أن مساهمة المهاجرين من طريق دفع الضرائب والاقتطاعات، تتجاوز مجموع ما يمثله هؤلاء من أعباء على الدولة من حيث الحماية والصحة والتربية.

واستناداً إلى إحصاءات 2021 الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاءات يبلغ عدد الموجودين على الأراضي الفرنسية الذين ولدوا خارج فرنسا 8.6 مليون شخص، أي ما يعادل 12.8 في المئة من السكان، بينهم 1.7 مليون فرنسي مولودين في الخارج، و2.5 مليون مهاجر حصلوا على الجنسية الفرنسية، بما يعني أن فرنسا تحوي 4.4 مليون مهاجر يحملون جنسية أجنبية (ما يعادل 6.6 من السكان) و5.2 مليون أجنبي (ما يعادل 7.7) بمن فيهم الذين ولدوا في فرنسا من جنسية أجنبية.

جدل متجدد

الجدل حول الهجرة اعتادت عليه فرنسا منذ عقود وهو يطفو على السطح مع احتدام الأزمات الاقتصادية والسياسية، إذ تشير أرقام وزارة العمل عن عام 2017 إلى أن 38.8 في المئة من عمال المنازل و15 في المئة من اليد العاملة في مجال تقديم المساعدة للأشخاص هم من المهاجرين.

في المقابل فإن الإجراءات التي تسعى إلى الحد من المساعدات الاجتماعية ستؤثر في حياة 110 آلاف أجنبي بينهم 31 ألف طفل.

يشار إلى أن التظاهرات تزامنت مع مسيرات أخرى تشهدها فرنسا هذه الأثناء بينها مسيرة معارضة للإجهاض، بخاصة مع قرب سن قانون حق الإجهاض في الدستور الفرنسي، ومسيرات غضب المزارعين، إلى جانب الإعلان عن زيادة كلفة الكهرباء بنسبة تسعة في المئة، والتي احتلت الحيز الأهم.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات