شهد ملتقى اقتصاد سعودي- مغربي حضور حشد واسع من الشركات ورجال المال والأعمال من البلدين، وسط تطلعات من الطرفين لدفع التبادل التجاري بينهما إلى مستويات توازي علاقاتهما التاريخية.
ودعا رئيس مجلس الأعمال المغربي- السعودي خالد بن جلون أمس الأحد إلى إنشاء صندوق استثماري مشترك بين الدولتين لدعم المبادرات الابتكارية والاستثمارات، مؤكداً على هامش الملتقى المنعقد أمس واليوم في الرياض، أهمية دعم السلطات المختصة في البلدين تخفيف التحديات والقيود المتعلقة بتراخيص الاستيراد والحواجز الجمركية وغير الجمركية، وتسهيل حركة التجارة وحماية حقوق المستثمرين والعلامات التجارية والصناعية.
وتزامنت مبادرة رئيس مجلس الأعمال لتعزيز التجارة البينية بين المملكتين مع تقرير اتحاد الغرف التجارية السعودية الذي أشار إلى وجود طفرة في العلاقات الاقتصادية سمحت برفع معدلات التبادل التجاري بين الرياض والرباط بصورة قياسية وغير مسبوقة، فزادت قيمة صادرات الرياض بمعدل 233 في المئة، في حين بلغت قيمة واردات الرباط 153 في المئة.
وتلك الطفرة جاءت بعد سلسلة من اللقاءات والعمل المشترك بين الجانبين، وارتفع حجم التبادل التجاري خلال عام من 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار) في 2021 إلى 16.4 مليار ريال (4.37 مليار دولار) في 2022.
ولم تتوقف المبادرات والاتفاقات التي شهدها الملتقى الاقتصادي السعودي- المغربي اليوم على إنشاء صندوق لدعم الابتكارات والاستثمارات، بل شمل كذلك الاتفاق على برنامج عمل مشترك لدفع مسار التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدولتين والذي يضمن تفعيل مشاريع خط النقل البحري المباشر وإنشاء صندوق استثماري مشترك ودعم الشركات السعودية في الوصول إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية، وتكثيف نشاط الوفود التجارية والمعارض وتبادل المعلومات حول الفرص والأسواق، فضلاً عن تسريع وتيرة مشاركة الشركات المغربية في مشاريع "رؤية 2030".
تطورات ملموسة
وأكد رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي خلال كلمته في الملتقى أن العلاقات السعودية- المغربية شهدت زخماً وتطوراً ملموسين وتحسناً في التجارة والاستثمار، فتضاعف حجم التبادل التجاري خمس مرات ليصل إلى أكثر من 16 مليار ريال (4.27 مليار دولار).
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب العلج إن "تكامل الاقتصاد المغربي والسعودي يتيح فرصاً وشراكات استثمارية كبيرة"، وأوضح أن 250 شركة سعودية تستثمر في المغرب و20 شركة مغربية في الرياض، معرباً عن تطلعهم لتسريع وتيرة استثمارات الشركات المغربية في مشاريع الرؤية.
وفي السياق ذاته، أشار سفير المغرب لدى السعودية مصطفى المنصوري إلى الإصلاحات الاقتصادية في بلاده التي عززت الثقة بمناخ الاستثمار ومستقبل الاقتصاد المغربي، مبيناً أن "رؤية 2030" تشكل إطاراً مناسباً لتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لافتاً في تصريحات على هامش الملتقى تطلع بلاده للعمل مع الرياض على "إنشاء خط بحري مباشر يربط المملكتين لتصدير المحاصيل، بهدف تقليص مدة وصول المنتجات إلى 7 أيام بدلاً من الشهر في الوقت الحالي".
تعزيز الاستثمار
إلى ذلك أكد رئيس مجلس الأعمال السعودي- المغربي محمد الحمادي اهتمام المجلس بتطوير الشراكات التجارية والاستثمارية بين الرياض والرباط، مشيراً إلى دور الملتقى في استشراف الفرص ضمن القطاعات الاقتصادية المستهدفة من قبل البلدين، وقال "نعمل على توفير المعلومات اللازمة للجانب المغربي في ما يتعلق بالفرص الاستثمارية لدينا".
ويأتي انعقاد الملتقى الاقتصادي بين البلدين الذي يقام بتعاون اتحاد الغرف السعودية والاتحاد العام لمقاولات المغرب ضمن الجهود التي يقودها البلدان لتعزيز علاقاتهما الاقتصادية، والهادفة إلى استكشاف فرص الاستثمار المتاحة بين الشركات في مختلف القطاعات العاملة في الدولتين.
وشهد الملتقى عقد اتفاقات بين شركات سعودية ومغربية وتفاهمات أولية لعقد شراكات تجارية واستثمارية في القطاعات ذات الأولوية في "رؤية 2030" والاقتصاد المغربي، وفي مجالات متعددة من أبرزها قطاع الطاقة والبنية التحتية والمقاولات والعقارات، إضافة إلى القطاعين الصناعي والزراعي.
خطوات بعد أخرى
وسبق عقد ملتقى اليوم الذي يضم وفوداً تجارية رفيعة المستوى، أن نظم اتحاد الغرف التجارية السعودية منتدى في مدينة الدار البيضاء المغربية في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2022 كان نواة لرفع مستويات التبادل التجاري والتعاون بين المملكتين بصورة قياسية، إذ تقدم الوفد السعودي حينها وزير التجارة ماجد القصبي وممثلو 14 جهة حكومية ضمت أكثر من 90 رجل أعمال سعودياً، واتفق الجانبان على رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى 5 مليارات دولار سنوياً خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وأكد الوزير السعودي في تصريحات صحافية يومها أن مستوى التعاون بين بلدينا في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي لا يرقى إلى طموحاتهما. وتعد السعودية الشريك التجاري الأول للمغرب من بين الدول العربية، إذ زاد معدل التبادل التجاري بمعدل 117 في المئة خلال عام 2022 قياساً بالعام الذي سبقه.
وأوضح القصبي حرص بلاده على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المملكة المغربية، وتحفيز التواصل والزيارات المتبادلة لرجال الأعمال بهدف تذليل العقبات أمام القطاع الخاص للتوسع في المشاريع وزيادة حجم التبادل التجاري.
من جهته قال وزير التجارة والصناعة المغربي رياض مزور خلال مشاركته في أعمال المنتدى إن "حجم التبادل التجاري بين السعودية والمغرب لا يزال متواضعاً والهدف هو رفعه إلى 5 مليارت دولار سنوياً خلال الأعوام المقبلة".
وأكد أن تحقيق الهدف المتمثل في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين ممكن في ظل الفرص والإمكانات الهائلة للدولتين".
لقاءات داخل المغرب
والجهود السعودية- المغربية الهادفة إلى تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين أثمرت عدداً من اللقاءات خلال العام الماضي، كان من أبرزها إبرام اتفاق شراكة بين الغرفة التجارية في مكة المكرمة وغرفة التجارة والصناعة والخدمات لبني ملال خنيفرة المملكة المغربية لدعم وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال رئيس وفد غرفة التجارة والصناعة والخدمات لبني ملال خنيفرة عبدالغني الشرقاوي في تصريحات صحافية إن "السعودية هي أكبر شريك تجاري للمغرب، وحجم الصادرات السعودية العام الماضي 2022 وصل إلى 4.6 مليار دولار، فيما كانت قيمة الواردات 87 مليون دولار".
ولفت الشرقاوي إلى وجود تعاون بين المملكتين العربيتين في المجال البحري من خلال الإعلان عن افتتاح خط بحري بين البلدين منح دينامية جديدة للتبادل الاقتصادي والتعاون التجاري.
من جانبه قال عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بمكة المكرمة خالد بن ردة بن دبيس إن "الزيارات المتبادلة والاتفاقات المبرمة في الجانب الاقتصادي ساعدت على أن يحقق التبادل التجاري نمواً متسارعاً خلال الأعوام الأخيرة، مما يؤكد ضرورة تواصل الجهود لرفع الاستثمارات المشتركة وإحداث تحول نوعي في العلاقات الاقتصادية بين المملكتين من خلال دراسة وتحليل الفرص التجارية والاستثمارية والوقوف على المزايا التنافسية في الاقتصاد السعودي والمغربي بهدف تطوير الآليات المناسبة وابتكار السبل الفاعلة لتنمية العلاقات وتهيئة البيئة التجارية والاستثمارية".
يذكر أن السعودية تصدر للسوق المغربية الزيوت النفطية ومنتجات البلاستيك والورق والفاكهة والملح والكبريت، فيما تستورد منها السيارات والملبوسات والكيماويات غير العضوية والفاكهة.
وكان مجلس الأعمال السعودي- المغربي قام بدور مهم في دعم العلاقات الاقتصادية على مدى 21 عاماً ومنذ تأسيسه في 2003 ويبلغ عدد أعضائه 80 عضواً.