أُفيد أنّ جماعات السكان الأوائل التي تعيش في حوض نهر "شينغو" في الأمازون تضع جانباً النزاعات العرقية القائمة منذ وقت طويل لتتحد ضدّ حكومة جايير بولسونارو رئيس البرازيل.
هكذا اجتمع ممثلون عن 14 جماعة من السكان الأصليين وممثلون عن أربع مناطق محميّة على ضفاف النهر في حوض الأمازون في قرية "كوبينكوكري" الأسبوع الماضي.
وللأسف، تجتاح حرائق الغابات، التي يُعتقد أنّ ثمة من تسبّب فيها عمداً، الأمازون حالياً، ويلقي المنتقدون اللوم على حكومة بولسونارو لتشجيعها الناس على اجتثاث الغابات من أجل الزراعة وقطع الأشجار والتعدين.
استضافت جماعة "كايابوس" وهي إحدى أكبر الجماعات في حوض نهر "شينغو"، الاجتماع الذي يشكِّل نقطة تحوِّل في تاريخ السكان الأصليين، وفقاً لـ"بي بي سي البرازيل".
في هذا الصدد، أخبر مودجيري كايابو وهو أحد الزعماء الذين حضروا الاجتماع هيئة الإذاعة البريطانية، "عدونا اليوم واحد فقط وهو الحكومة البرازيلية ورئيس البرازيل وغزوات السكان غير الأصليين. صحيح أنّنا نخوض معارك في ما بيننا، لكنّنا نتّحد في سبيل محاربة تلك الحكومة".
بناء على ذلك، قرّرت الجماعات المشاركة تشكيل مجلس تمثيلي من أجل تعزيز صوتها السياسي الجماعيّ. لذا دعا شعب "الكايابو" ممثّلي شعب "بانارا" إلى الاجتماع، على الرغم من أنّ الجماعتين تقاتلتا بعنف في الماضي. على سبيل المثال، ارتكب "الكايابو" مجازر مخيفة في حق "البانارا" في عام 1968، خلال معركة استخدموا فيها أسلحة نارية على الرغم من أنّ القبيلة الأخيرة كانت مسلحة بالسهام فحسب.
في هذا الشأن، قال سينكو بانارا أحد قادة "بانارا": "قتلنا شعب كايابو، وهم قتلونا بدورهم... لكنّنا لم نكن ندرك ما الذي يحدث... ولم نكن نعرف بشأن ذلك التهديد (الأبيض) بعد. ثم استعدنا هدوء أعصابنا وتصالحنا وأصبحنا نتحدّث بعضنا إلى بعض ولن نتقاتل بعد الآن، ذلك أنّ ثمة مصلحة مشتركة في أنّ نخوض المعارك سوياً، كي لا يستطيع غير الهنود القضاء علينا جميعاً."
جدير بالذكر أنّ شعبية بولسونارو هبطت بسرعة منذ اندلاع حرائق الأمازون، وفقاً لـ"داتافوليا" معهد الاستطلاعات، إذ تزايد عدد الأشخاص الذين يعتقدون أنّ حكم الزعيم اليمينيّ المتطرّف "سيئ أو مريع" إلى 38 في المئة أخيراً من 33 في المئة في يوليو (تموز) الماضي، وذلك بعدما أدّى تعامل حكومته مع الحرائق المستعرة إلى تقسيم البلاد.
وكان رئيس البرازيل قد استند في حملته الانتخابية إلى مسائل كثيرة تتعلّق بالحرب الثقافية، من بينها جلب الاستثمار إلى الغابات المطيرة.
وفي وقت تكافح البرازيل جراء ركود اقتصادي طويل الأمد، ارتفع مؤشر جاذبية الأمازون، حتى مع تحذير العلماء من أنّ الاستثمار في هذه المنطقة سيفاقم اجتثاث الغابات المستفحل.
وفي اليوم التالي بعد توليه الحكم، انتقد بولسونارو حقيقة أن 15 في المئة من أراضي البرازيل تعود إلى القبائل الأصليّة. وغرد على "تويتر" آنذاك قائلاً، "دعونا ندمج هؤلاء المواطنين في المجتمع ونحقّق الفائدة لجميع البرازيليين".
استطراداً، تشير التقديرات إلى أنّ زهاء 50 ألفاً من حرائق الأمازون حصلت خلال الشهر الماضي أغسطس (آب) وحده، بزيادة قدرها 89 في المئة مقارنة مع حرائق الشهر نفسه من العام الماضي 2018 بمعدل لم تشهده الأمازون منذ عام 2010.
واسترعت الحرائق المدمرة قلقاً عالميّاً بشأن منطقة الأمازون التي توفّر 20 في المئة من إمدادات الأكسجين في العالم. كذلك تشكّل أكبر غابة مطيرة في العالم عنصراً ضرورياً لإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري.
ولكنّ بولسونارو رفض المخاوف العالمية بشأن الحرائق وأصرّ على أنّ هذه تحت السيطرة.
ويوم الاثنين الماضي، ألغى الرئيس البالغ من العمر 64 عاماً مشاركته في قمة إقليمية عقدها لمناقشة تأثير الحرائق. وقال بولسونارو إنه لن يحضر الاجتماع الذي سيعقد في كولومبيا يوم الجمعة بسبب اضطراره إلى الخضوع لعملية جراحة لمعالجة فتق في البطن. يُشار هنا إلى أنّ الرئيس تعرّض لمحاولة اغتيال طعناً بسكين في بطنه خلال الحملة الرئاسية.
وقال إنه مستعد لمناقشة الحرائق في الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الجاري. وذكر، "سأحضر أمام الأمم المتحدة حتى على كرسي متحرك، أو على نقالة. سأكون هناك لأنّني أريد التحدّث عن الأمازون".
© The Independent