Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تواجه تحدي إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها

يرى مراقبون أن كل الاحتمالات واردة في ظل مشهد سياسي يتحكم فيه رئيس الجمهورية بمفرده

طالبت شخصيات ومنظمات وطنية وحزبية بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، من بينهم "الاتحاد العام التونسي للشغل" (موقع الرئاسة التونسية)

ملخص

ينص الدستور الجديد على أنه إذا تعذر إجراء الانتخابات في الموعد المحدد بسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تُمدّد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها

انتُخب رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وفاز في الدور الثاني لهذه الانتخابات، بعد منافسة مع نبيل القروي مرشح حزب "قلب تونس". وتمتد الولاية الرئاسية بحسب الدستور التونسي على مدى خمس سنوات (2019 – 2024).

وبعد أقل من سنتين من توليه منصب الرئاسة، شهدت البلاد أزمة سياسية حادة تتمثل بالتنازع على الصلاحيات بين رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان، في ظل نظام برلماني معدّل لم يتلاءم وطبيعة سير عجلة الدولة في تونس، وفي ظل غياب محكمة دستورية، ما أدى إلى تعطّل آليات الحكم، وتأزم الوضع مع تفاقم وباء كورونا وعجز الحكومة عن توفير اللقاحات للتونسيين في حينه.

دفَع هذا الوضع سعيّد، في 25 يوليو (تموز) 2021، إلى إعلان التدابير الاستثنائية وفق ما ينص عليه دستور 2014، ودخلت البلاد مرحلة سياسية جديدة بدستور وبرلمان جديدين.

وإثر إصدار الدستور الجديد في أغسطس (آب) 2022، طالبت شخصيات ومنظمات وطنية وحزبية بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، من بينهم "الاتحاد العام التونسي للشغل" (أكبر النقابات في تونس).

وبينما تنتهي الولاية الرئاسية لرئيس الجمهورية مع نهاية العام الحالي، يسود جدل في الساحة السياسية حول إمكانية إجراء هذه الانتخابات من عدمها، فهل ستشهد تونس فعلاً انتخابات رئاسية في نهاية عام 2024؟

وينصّ دستور تونس الجديد (2022)، على أنه "إذا تعذر إجراء الانتخابات في الموعد المحدد بسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تُمدّد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها".

وبينما لا توجد أسباب موضوعية لتأجيل هذه الانتخابات، يرى بعض المتابعين للمشهد السياسي في تونس أن كل الاحتمالات واردة في ظل مشهد سياسي يتحكم فيه رئيس الجمهورية بمفرده، بخاصة وأن دستور تونس الجديد يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة على حساب بقية السلطات التي باتت بمثابة وظائف أكثر منها سلطات.

انتخابات رئاسية بلا منافسة

ويرى أستاذ القانون الدستوري، الصغير الزكراوي، أن "المشهد السياسي الراهن في تونس، لا يخضع إلى المنطق القانوني أو الدستوري"، مشيراً إلى أن "رئيس الجمهورية بإمكانه أن يعلن عن إجراء الانتخابات الرئاسية هذه السنة، كما يمكنه أيضاً تأجيلها، لأن الدستور الذي وضعه بنفسه يمنحه صلاحيات واسعة".
ويعتبر الزكراوي أن "دستور 2014 انتهى مع المنظومة السابقة، ولا يمكن الرجوع إليه"، مشيراً إلى أن "الطرح القائل إن إجراء الانتخابات هذه السنة فيه اعتراف ضمني بدستور 2014، لا معنى له، لأن المدة الرئاسية محددة زمنياً في أغلب الأنظمة في العالم".

وفي علاقة بالمشهد السياسي الراهن، يرى الزكراوي أن "الانتخابات الرئاسية حتى وإن أجريت فهي بلا معنى، لأن الساحة السياسية خالية اليوم من أي منافسة نزيهة على منصب رئيس الجمهورية"، لافتاً إلى أن "المزاج الشعبي متّجه إلى الإبقاء على قيس سعيد في الرئاسة على رغم غياب المنجزات الاقتصادية والاجتماعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرجّح أستاذ القانون الدستوري أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 2024، على رغم "تصحّر المشهد السياسي من منافسين جدّيين، وعلى رغم غياب المداولات القانونية والتشريعية العميقة". ويعتبر الزكراوي أن "البرلمان الحالي لا شرعية له لأنه منتخب فقط من 11 في المئة من الجسم الانتخابي في تونس"، مشدداً على أن "المقاربة القانونية والدستورية لا تستقيم مع مرحلة قيس سعيّد، وهي مرحلة مفرغة من كل منطق سياسي وقانوني".

 قيس سعيد يحترم المواعيد الانتخابية

وبعد حوالى ثلاث سنوات من تاريخ 25 يوليو 2021، قطعت تونس مرحلة كبيرة مع منظومة الحكم الجديدة التي ستُتوج بتشكيل الغرفة البرلمانية الثانية وهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بعد أن تم وضع دستور وبرلمان جديدين. 

ويترقب التونسيون خلال هذا العام (2024) إجراء الجولة الثانية من الانتخابات المحلية في 4 فبراير (شباط) المقبل، وفي آخر السنة يُنتظر إجراء الانتخابات الرئاسية لتعزيز ركائز المنظومة السياسية التي دشنها سعيد منذ 25 يوليو 2021.

من ناحيته، يرى أستاذ القانون والناشط السياسي سرحان الناصري، أن "الانتخابات الرئاسية ستكون في موعدها"، مؤكداً أن "رئيس الجمهورية يحترم المواعيد الانتخابية ويحترم الآجال، وقد انتُخب لمدة رئاسية محددة بخمس سنوات تنتهي في 2024".
ويرفض الناصري تأجيل الانتخابات الرئاسية، معرباً عن أمله في أن تكون "انتخابات تعددية تنافسية نزيهة وشفافة لمنافسة رئيس الجمهورية، قيس سعيد، وذلك على رغم عدم وجود مرشحين جديين من الذين أعربوا إلى الآن عن نيتهم الترشح".
ويعتبر سرحان الناصري أن "المرشح الجدي والوحيد في الساحة السياسية اليوم في تونس هو قيس سعيد"، داعياً إلى "تنقية الأجواء السياسية من خلال قانون انتخابي منصف لكل المرشحين من أجل مناخ ملائم لإجراء هذه الانتخابات في موعدها".
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، فاروق بوعسكر، صرح بأن "الانتخابات الرئاسية ستُنجز في موعدها"، وستصدر الهيئة رزنامة الانتخابات قبل ستة أو ثمانية أشهر من موعدها مثلما حدث في الانتخابات الرئاسية في عامي 2014 و 2019.

وينص الدستور الجديد للجمهورية التونسية على أن الانتخابات تجرى "خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية".

وفي حال تم تنظيم انتخابات رئاسية هذه السنة، فستكون الثانية عشرة من نوعها التي تشهدها تونس، والثالثة بعد الثورة، التي سيُنتخب فيها رئيس الجمهورية الثامن في تاريخ تونس السياسي المعاصر، لولاية رئاسية مدتها خمس سنوات. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يجدّد ترشحه إلا مرة واحدة، وفق ما ينصّ عليه دستور 2022.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي